اعتقد أنه لا شيء أنسب للقراءة في هذه اللحظة الموسومة بالأحداث المؤسفة من كتاب الأستاذ الأديب حمد القاضي والمعنون ب(رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا). وبما أن الكتاب - أي كتاب - غالباً ما يصطبغ بشخصية مؤلفه إذن فهذا الكتاب ليس إلا نسخة هادئة ومتزنة من شخصية مؤلفه الهادئة المتزنة، ففي مستهل هذا الكتاب أبان مؤلفه عن بواعث تأليفه، حيث أكد حقيقة أنه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وصورة بلادنا الغالية تتعرض للاغتيال تلو الآخر، فقط لتضيف الأحداث الإرهابية التي وقعت لدينا المزيد من التشويه لصورتنا العالمية، ومما يزيد من إيلام الألم - وفقاً لما يراه كاتبنا المبدع - إنه لو تم تحليل ما وقع هنا وهناك من حوادث بعقلانية وموضوعية لوجدنا أنه ليس لنا فيه كسعوديين - حكاماً ومحكومين - أي صلة أو علاقة. وقد حدث ويحدث كل ذلك في وقت لم نحسن فيه الذود الإعلامي عن حقيقتنا الناصعة حيث عجز خطابنا الإعلامي عن أن يرتقي إلى مستوى هذه الأحداث، بل إن الأمر قد بلغ مداه بالمحاولات المريبة التي هدفت إلى زعزعة ثقتنا في ذاتنا الوطنية كما تجسد ذلك في الحملات الإعلامية التي رامت النيل من ثوابتنا، والتشكيك في وحدتنا، بل وإلصاق التهم في مناهجنا الدراسية المشتقة من ثوابتنا وقيمنا الثقافية والإسلامية الأصيلة، ومن هنا تبلورت الفكرة الأولية من هذا الكتاب القيم لتتمحور في مناطق لاحقة منه حول أفضل السبل لتوضيح سماحة ديننا، وإنسانية ثقافتنا وبراءة مواطنينا، فظواهر الغلوو التطرف والإرهاب تمثل الشذوذ لا القاعدة، ويكفي ديننا الحنيف براءة مما أُلصق به من تهم أن اسمه ذاته قد اختاره للعالمين رب العالمين سبحانه، مما يؤكد نزعته السلمية وصلاحيته ومناسبته للزمان والمكان والبشر.
وفي ضوء ما ناقشه المؤلف في الأجزاء السابقة من كتابه سعى في الجزء الأخير منه إلى تضمين استراتيجية إعلامية ذات آليات مقننة ومحددة للعمل بموجبها وذلك لهدف التقليل - على الأقل - من الآثار السلبية التي وقعت على شخصيتنا الوطنية وعقيدتنا السمحاء.
جدير بالذكر إن هذا الكتاب الوضيء قد اكتسى المزيد من الوضاءة حين كتب مقدمته صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله، حيث تطرق سموه الكريم في مقدمته تلك إلى أهمية تبيان خطورة التبعات الأمنية لظاهرة الانحراف الفكري ووجوب التصدي الفاعل لها، فالأمن كل لا يتجزأ حيث إن أمن الأجساد ينهل من معين أمن النفوس، وأمن النفوس يرتبط بأمن الأفكار وذلك ضمن منظومة أو سلسلة من الحلقات المرتبطة ببعضها الآخر إن سلباً أم إيجاباً.
وفي الختام اعتقد أن هذا الكتاب قد جاء في وقته المناسب ومع ذلك أرى أنه لم ينل حتى الآن حقه الإعلامي المستحق.. مما يتعين على الجهات المسؤولة أن تبادر إلى العمل على تعميمه وذلك لغرض ترسيخ ما ورد فيه من الحقائق المطمورة في أذهان البعض ولاسميا منهم الشباب، أقول ذلك ونبراسي ما خطه يراع صاحب السمو الملكي الأمير نايف حفظه الله في مقدمة الكتاب ذاتها حيث شدد سموه بالقول بما نصه: «إنني أدعو إلى قراءة هذا الكتاب وبخاصة الآباء والمربون، وأتوق أن يحثوا أبناءهم وطلابهم على قراءته...»..
فالبدار البدار، فنحن في هذه اللحظة إلى مثل ذلك أحوج ما نكون.
|