الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
ان المتتبع لسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وسار على نهجه ليعرف حقيقة الجهاد اما اولئك الجهلة الذين شوهوا وجه الإسلام النقي فهم بعيدون كل البعد عن الحق المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو يرى أصحابه في أول الدعوة بمكة يعذبون ويقتلون فما كان منه عليه السلام والحالة هذه إلا وحثهم على الصبر.
ولما جاء عبدالرحمن بن عوف ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة قبل أن يهاجر إلى المدينة وشكوا إليه ما يلقون من أذى المشركين، قالوا كنا في عز في حالة الجاهلية. والآن صرنا أذلة، فلو أذنت لنا قتلنا هؤلاء المشركين على فرشهم فقال لهم صلى الله عليه وسلم: كفو أيديكم أي أمسكوا عن القتال {وا قيمٍوا الصَّلاةّ وّآتٍوا الزَّكّاةّ} واشتغلوا بما أمرتم به فإني لم أؤمر بقتالهم.
وهكذا وجههم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ولم يأذن لهم بقتل المشركين رغم ما وجدوه من أذية بل وقتل لبعض المؤمنين من أصحابه الكرام رضي الله عنهم.
فكيف بمن يسوغ ويفتي بقتل الأنفس المعصومة حتى من الكفار المعاهدين غير الحربيين بل ورد وعيد شديد عن قتل الكفار المعاهدين وأن من قتل معاهداً منهم فلن يجد ريح الجنة. هذا بالنسبة لقتل النفس الكافرة غير الحربية.
* وأي وعيد شديد على من أقدم على قتل نفس واحدة، فكيف بمن ينسف البيوت على أهلها وفيهم الصغير الذي لا ذنب له، الذي رفع عنه قلم التكليف، والشيخ الكبير والمرأة المسكينة القابعة في منزلها تعد السحور لأهل بيتها.
وهؤلاء يحرم قتلهم حتى لو كانت المعركة قائمة بين المسلمين وأعدائهم من الكفار، إذ ورد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ومن في حكمهم من الشيوخ.. إلخ.
فبماذا يقابل هؤلاء القتلة ربهم الذي حرم فعلتهم فله سبحانه حق الانتقام لعباده الذين قتلوا دونما ذنب فعلوه يستوجب قتلهم، وحتى فرضا لو استحقوا القتل فليس لأحد حق في ذلك، انما يتولاه ولي أمر المسلمين.
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم على المسلم حضور قتل مسلم بغير حق.
فإلى أولئك المتعاطفين مع القتلة أسوق لكم ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن خرشة بن الحر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشهد أحدكم قتيلاً لعله أن يكون مظلوماً فتصيبه السخطة» رواه الإمام أحمد رحمه الله.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقفن أحدكم موقفا يقتل فيه رجل ظلما فإن اللعنة تنزل على كل من حضر حين لم يدفعوا عنه إلخ..... فهذه الأحاديث وما في معناها وردت فيها اللعنة وهي الطرد والإبعاد عن رحمة الله لمن حضر قتل مسلم بغير حق، وهو يستطيع الدفع عنه.
فكيف والعياذ بالله يكون عذاب من باشر عملية قتل نفس واحدة. حتى ولو كانت نفساً كافرة معاهدة، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وان ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما وفي رواية من قتل قتيلاً من أهل الذمة. رواه البخاري والنسائي رحمهما الله تعالى.
إذاً فهذه عقوبة من قتل معاهدا غير مسلم فكيف بالمسلم الذي حرم الله دمه وماله بحرمة شهادة ان لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
ولعظم جريمة القتل، فأول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، وما ذاك إلا ببشاعة هذا الذنب وغضب الله على فاعله.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ان من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله» رواه البخاري وغيره.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق، وفي رواية: لو أن أهل سمواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار؛ وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» رواه النسائي.
فهذه الأحاديث فيها وعيد شديد على من أقدم على قتل مسلم، فكيف بمن قتل مجموعة من المسلمين الآمنين بأمان الله، وماذا عليهم من الله لمن قتل عباد الله.
وللأسف يوجد بعض الجهلة من المسلمين من يؤيد فعل هذه الجرائم واطلاق الشهادة على من ارتكبها. فإلى أولئك الناس، أخوفهم بالله وأن يتركوا الخوض فيما ليس لهم به علم، وليخشوا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم أو كما ورد. فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله، كما ورد حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعان على دم امرء مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله.
وبعد فهذه دعوتي لكل مسلم غيور على دينه أن يحب للمسلمين ما يحب لنفسه فهل تحب لنفسك ان ينسف عليك بيتك بتفجير بنيانه عليك وعلى أسرتك، معلوم انك لا تحب ذلك إذا فكل الناس كذلك. وعلى الجميع تقوى الله والتوبة والرجوع إليه، وليعلم ان ما يصيب المسلمين من كوارث ومحن ان ذلك بسبب الذنوب وما يعفو عنه ربي أكبر وصدق الله: {إنَّ الله لا يٍغّيٌَرٍ مّا بٌقّوًمُ حّتَّى" يٍغّيٌَرٍوا مّا بٌأّنفٍسٌهٌمً} فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين وان يوفق الجميع إلى تغيير المنكرات التي هي سبب لكل مصيبة والله المسؤول ان يعز الإسلام والمسلمين وان يحمي بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة من كل سوء ومكروه فهو سبحانه القادر على ذلك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
مكتب الدعوة والإرشاد/ بريدة
|