في حوار صحفي نادر تم مع الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة لجريدة الوطن السعودية الأسبوع الماضي تطرق الحوار إلى الشأن السياسي والاقتصادي وأركز هنا على الشأن الاقتصادي برغم الرابط مع الشأن السياسي الذي لا ينفصل عنه بأي حال من الأحوال، لقد شخص الأمير الوليد مشكلتنا الاقتصادية وهو ما يعزز ما تطرقت له الصحف وكتب عنه الكثير بشكل أو بآخر لكن بدون تفعيل كبير لما طرح، ولكن هي تأتي الآن من الرجل والمستثمر الأول في العالم خارج الولايات المتحدة في مجال المال والأعمال وصاحب الرؤية والنظرة الثاقبة والصريحة والواضحة الذي من خلاله كشف كثيراً عن مشكلاتنا الاقتصادية.
تطرق الأمير الوليد بن طلال لمشكلتنا الاقتصادية بما يتعلق الاعتماد الكلي على النفط ولأكثر من ثلاثة عقود سابقة ولا يوجد في الأفق ما يحجم ذلك من خلال تنويع مصادر الدخل، وكذلك ما يتعلق بانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والتي استهلكت معها وزارة التجارة سابقاً سنوات بدون أي خطوة للأمام وكان طابع التعتيم والسرية هو الأساس مع الرأي العام والصحافة ورجال الأعمال فلا تجد أي اجابة لأي تساؤل، والمفارقة الكبيرة في البطالة بين السعوديين غير العاملين وغير السعوديين العاملين، وما يتعلق بصفقات الغاز التي تعثرت سنوات عديدة فبعد اتفاق كان هناك الإلغاء وأيضاً لا تجد من يفسر ويبرر هذا التباطؤ والتعتيم الإعلامي عن أسباب التعثر في حين نرى دولاً خليجية قريبة استقطبت مليارات الدولارات كنا أولى بها وكما أكدها الأمير، وتأكيد سموه على الخطأ الكبير في المجال الزراعي الذي استهلك ثروة مائية نحن أحوج لها في هذا الوقت وللمستقبل القريب وليس البعيد، كما تطرق لمشكلة القضاء من خلال الأنظمة والقوانين التجارية الخاصة، وطول صنع القرار، ومعوقات عمل المرأة ومخرجات التعليم وغيرها من النقاط التي تطرق لها بما يخص الشأن الاقتصادي المحلي التي تعتبر برأيي ورقة عمل مهمة.
هذه المكاشفة نحتاج لها من خلال رجال الأعمال والقطاع الخاص واسهاماتهم والذين هم من يعيش واقع السوق والمتغيرات الدولية والمستقبل القادم، وحين يسهم رجل المال والأعمال والاستثمار وبحجم ومكانة الوليد بن طلال لتشخيص واقع الاقتصاد السعودي فهي تمثل وجهة نظر كثير وأغلب رجال الأعمال السعوديين والاقتصاديين الذين يتطلعون إلى مزيد من الخطوات الاصلاحية للاقتصاد الوطني وبخطوات أكثر سرعة وجرأة وتنظيماً وتخطيطاً ينتظر أن يتم العمل على تنفيذها وبعيداً عن أي لجان ودراسات تستغرق سنوات وسنوات، ولأننا نجد فجوة كبيرة بين ما يتطلع له رجال الأعمال والاقتصاديون بمختلف تخصصاتهم ورؤاهم وبين الوضع الاقتصادي القائم الذي لا يواكب هذه الرؤية والتطلع، لذا فإن الأمير الوليد يطرح رأيه وتحليله وقراءته بصراحة ووضوح وبين ما هو واقع لدينا في الجهات الحكومية التي هي متأخرة في تفعيل الإصلاح وكثير الخطوات المطلوبة والمفروض العمل عليها ولا نجد الشفافية والوضوح الكافي في الطرح.
أعتقد من المهم أن يؤخذ تشخيص الأمير الوليد بن طلال للوضع الاقتصادي القائم الآن، بين ما هو مأمول من خلال وضع خطط طويلة ا لمدى للمعالجة وبرامج متكاملة لها بالتنسيق والتفعيل مع الحكومة التي تبقى خطواتها تنتظر الآن بكثير من التفعيل والتسريع لها، ولا شك أن الاصلاح والرغبة الحكومية قائمة في ذلك ولكن من المهم أخذ آراء وتحليلات رجال الأعمال والتي هي تختصر كثيراً من الدراسات والاستشارات التي تستغرق سنوات من خلال بيروقراطية لا تنتهي، أعتقد أننا على المحك الاقتصادي في ظل بطالة عالية جداً ووجود عمالة غير سعودية تصل إلى 5 ملايين كما نوه بها الأمير الوليد وتزايد سكاني عال وموارد مالية شبه ثابتة تعتمد على مصدر واحد، والمستقبل يحمل كثيراً من المصاعب فإما نكون رهائن لهذه الظروف أو نبادر بخطوات عديدة وكبيرة لتجاوز هذه المصاعب القائمة والمنتظرة.
|