حصلت حكومة أحمد قريع «أبو العلاء» على ثقة المجلس التشريعي وقبل ذلك على «بركة» ياسر عرفات، وبالتالي مرت الحكومة بأصوات حركة فتح، والحكومة التي شكلها أحمد قريع تحظى أيضاً بدعم الفصائل الفلسطينية، أو بصورة أدق أفضل مما حظيت به حكومة أبو مازن التي سقطت بعد أن تخلى عنها الجميع.
هذا في الجانب الفلسطيني، أما الجانب الإسرائيلي الذي أظهر دعماً متحفظاً لأبي العلاء، وشروطاً معتادة ضمن نطاق الطلب المعتاد بأن تكون الحكومة الفلسطينية «مجموعة خضراء تحرس الإسرائيليين» ولكن ضمن الرؤية السياسية لأحمد قريع وحكومته ترى الصحف الإسرائيلية أن المحافل الإسرائيلية تعرف أحمد قريع «أبو علاء» جيداً وتقول إن رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد هو ثعلب سياسي، يعرف كيف يتصرف في المحيط الذي يعمل فيه وخلافاً لسلفه في المنصب، فإن أبو علاء سياسي ضليع. في الأسابيع الأخيرة، رغم موقف البقاء في الظل الذي يتخذه، فإنه يعمل بجدية كي يمهد التربة لاستلامه الرسمي مهام منصبه وهو لايعتزم أن يكرر أخطاء أبو مازن.
قريع، من مواليد أبو ديس، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح منذ العام 1989. اللجنة التي تشكل هيئة القيادة العليا لفتح، نغصت عيش أبو مازن في كل فرصة ممكنة، وللإعراب عن احتجاجه، اختار أبو مازن الاستقالة من اللجنة، في خطوة شكلت بداية النهاية. أما أبو علاء، بالمقابل، فيعمل بصورة مغايرة تماما. فمنذ اللحظة الأولى حاول تجنيد أعضاء اللجنة المركزية، والحظوة بتأييدهم. فقد أشركهم في كل القرارات، تشاور معهم في التعيينات الجديدة، وجعلهم مساهمين في الحكومة وإذا كانوا هم أو عرفات في المستقبل غير راضين، فلا يلوموا إلا أنفسهم.
الدرس الأهم الذي جرى استخلاصه من ولاية أبو مازن هو أنه لايجوز التعويل على الولايات المتحدة أو على إسرائيل. فرهان أبو مازن لم يثبت نفسه. إسرائيل لم توفر البضاعة التي توقعها منها أبو مازن، وكذا الولايات المتحدة لم تقف إلى جانبه بولاء أعمى. وكانت النتيجة ولاية قصيرة على نحو خاص. ولكن أبو علاء يعرف أنه من أجل أن ينجح في المنصب، ينبغي له أن يبقى فيه على مدى طويل، ففي السياسة الفلسطينية، شخص واحد فقط يمكنه أن يضمن هذا البقاء: ياسر عرفات.
بعيون فلسطينية لايعد أبو علاء منفذ كلام عرفات، وهو لايتخذ صورة الدمية. فالعلاقة مع عرفات غير متواضعة، بل توصف كمنظومة عمل بين رئيس وزراء ورئيس..
وسيكون من المريح التفكير بأن أبو علاء يجعل نفسه أكثر مرونة من أجل عرفات، وذلك لأسباب مصلحية تامة، ولكن في هذه اللحظة يبدو أن الرجلين منسجمان حقاً.
التعاون بين عرفات وأبو علاء، كفيل بأن يخلق فرصاً عديدة. صحيح حتى هذه اللحظة فإن أبو علاء لايذكر إسرائيل بتاتاً في مخططاته المستقبلية بل يتحدث عن الإصلاحات في السلطة. وتحت السطح، يعمل لاستنئناف المفاوضات مع إسرائيل، في المرحلة الأولى، وقف نار، ولكن في أعقابه، مفاوضات سياسية أيضاً.
السؤال المركزي هو: إذا كانت إسرائيل ستكون مستعدة للحديث مع أبو علاء الذي ينفذ سياسة عرفات، في محيط رئيس الوزراء الفلسطيني يعقبون بالابتسامة على النهج: «سنواصل هكذا» يقول الفلسطينيون، ويشرحون بأن حكومة إسرائيل تبحث عن معاذير لمواصلة الوضع القائم، في هذه اللحظة أبو علاء يدير الأمور، ومن يرد أن يتوصل إلى تسوية فسيتعين عليه أن يفعل ذلك من خلاله.
ويظهر أن شارون اختار التعامل مع أبو علاء وبأسلوب «الثعلب السياسي الفلسطيني».. العمل في الظل لتحقيق «استحقاقات إسرائيلية» مقابل «منح داعمة للحكومة الفلسطينية».
|