Sunday 16th november,2003 11371العدد الأحد 21 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نحن، والإرهاب، و «الإعوجاجيون»! نحن، والإرهاب، و «الإعوجاجيون»!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

لا حياد مع الإرهاب، ولا حوار مع القتلة، ولا تفاوض مع الإجرام والمجرمين، فلن يجدوا منا إلا اليد الفولاذية في مواجهتهم، ولن تجعلنا فئة مأفونة حاقدة، مريضة، معقدة، أجيرة، نتراجع قيد أنملة عن التعامل معهم كما تعامل أسلافنا مع الخوارج، وكذلك لن يخدعنا المثبّطون والانتهازيون، وتجار الأزمات، من دعاة مبادرات «الحوار» مع الإرهاب والإرهابيين، عن المضي قدماً في معالجة هذا المرض السرطاني الخبيث بمبضع الجراح، لا بنصح الناصحين، ولا بوعظ الواعظين.
ونحن لنا تجارب وتجارب مع هؤلاء الانتهازيين والمثبطين والمشككين بفكرة المواجهة، تلك الخفافيش التي لا تظهر إلا في الليالي كالحة السواد، فعندما احتلت جيوش صدام الكويت شككت نفس الأسماء التي تنادي اليوم بتفهم مطالب «شباب الجهاد»- كما يسمونهم- بمخاطر استقدام «الجيوش الأجنبية الكافرة»، وقال أحد من يطرح نفسه «وسيطاً» اليوم، قال آنذاك: (إن تلك الجيوش جاءت لتبقى!)، ذهب صدام، وغادرت الجيوش الأجنبية، وسقط رهان كل الواقفين مع الغازي، وانتصرنا، وذهب أصحاب (لا) للقوات الأجنبية إلى مزبلة التاريخ مع حليفهم صدام، وبقيت مملكة عبدالعزيز شامخة تكاد أن تلامس السحاب، رغم أنف كل من راهن على ضعفها أو سقوطها.
سقط الطابور الخامس، وكنا نظن أنه انتهى بعد أن انفضح، فعاش جزء منهم في المنافي غير مأسوف عليه، والبعض الآخر على هامش المجتمع والتأثير داخل البلاد في وضع يثير الشفقة، غير أن أزمتنا مع الإرهاب ما كادت أن تمد عنقها، حتى عاد بعض من الطابور الخامس من جديد، يردد رموزه نفس المقولات، ويفبركون نفس المبررات، ويراهنون على الأزمة، عسى ولعل أن تخلق لهم مكانة اجتماعية أو سياسية بعد أن قبعوا في أقصى الهامش لأكثر من عشر سنوات، في الماضي كان «الكاسيت» سلاحهم في إضعاف الدولة، أما اليوم، فقد جددوا وسائلهم، وامتطوا «الإنترنت» من جهة، ومن جهة أخرى تسللوا كالفئران إلى بعض المحطات الفضائية المثيرة للجدل، ليوظفوا الأزمة لصالحهم، ومثلما قدموا أنفسهم في حرب تحرير الكويت على أنهم دعاة إصلاح، هاهم يقدمون أنفسهم اليوم كدعاة إصلاح أيضاً، وما أشبه ليلة ابن لادن ببارحة صدام!.. والسؤال الذي يثيره حتى الأطفال ناهيك عن الكبار تجاه مثل هذه المبادرات المشبوهة: طالما أن تاريخكم مع وطنكم ومع مواطنيكم بهذا القدر من الدناءة والانتهازية، فكيف تريدون - بالله عليكم- أن تقتنع بأنكم إصلاحيون؟؛ هل تعتقدون أننا دونما ذاكرة، وأن «تخبيصاتكم» في الماضي قد طواها النسيان؟ يبدو- والله أعلم- أن بينكم وبين الحصافة، فضلاً عن الفهم السياسي «وقفة نفس»!.
ثم بأي منطق تبررون أفعال القتلة، وتفجيراتهم، وانتهاكاتهم لكل تعاليم الدين الحنيف، وأهمها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، بالقول: إنها نتيجة لعدم وثوقهم (كذا) في المؤسسة القضائية والمؤسسة الأمنية، في أن ينالوا معاملة ومحاكمة عادلة، وإلا لسلم 90% منهم أنفسهم كما قال أحدهم!.. بالله عليكم هل قتل الأبرياء، وانتهاك الحرمات، وتفجير البيوت على ساكنيها يبرر ما تدعون؟. ثم هل من بادر بالقتل وسفك الدماء والتدمير والتفجير، ومارس حد «الحرابة» بكل شروطها سيسلم نفسه، ويضع سلاحه، لمجرد أن يضمن محاكمة عادلة، وهو يعرف مصيره ابتداءً؟، أليست هذه «الانتهازية» بكل تجلياتها، والتي لا علاقة لها بالإسلام إلا اذا كان «ميكافلي» الذي يقول بنفس المنطق له علاقة بالإسلام.
إن «ورطتكم» هذه التي وضعتم أنفسكم فيها، هي في تقديري ناتجة من أنكم تطمحون إلى «مكانة» لستم أصلاً مؤهلين لها، لا علمياً ولا سياسياً ولا تاريخياً، فأنتم، مهما غيرتم جلودكم الحربائية، ملوثون بتاريخ من الغباء السياسي، والانحلال الوطني، والتلوث الفكري، الأمر الذي جعل «إعوجاجكم» حالة مرضية مستعصية على أي طبيب.. ولله في خلقه شؤون!.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved