قرأت ماكتبه الاخ محمد الحزاب الغفيلي في العدد «11343» بعنوان «طريق القصيم تحفة هندسية رائعة» تعقيباً على ما كتبه الاخ عبدالكريم صالح الطويان في عدد 4/8/1424ه ان طريق «القصيم المدينة» انجاز رائع ورقم باهر يسجل في الصفحة الناصعة لانجازات وزارة المواصلات.. طريق طالما انتظره اهالي القصيم.. واهالي حائل.. واهالي الشمال.. وقاصدو بيت الله الحرام من حجاج وعمار وزائرو مسجد رسول الله من وسط المملكة وشمالها الشرقي ومن الكويت وغيرها من الدول التي يسلك اهلها هذا الطريق بالالاف في كل اسبوع.. شارف هذا البناء الضخم على الانتهاء ولكن بقي لهذا الطريق شيء مهم جداً هو مكمل له.. ان مابقي هو مثل الملح والبهارات مع الطعام.. واذا اكل بدونها لاطعم ولا ذوق لها.. وكذلك الخدمات خدمات السيارات وخدمات الانسان التي هي من اهم الاشياء في كل طريق تصوروا طريقا بدون محطات بنزين او مطاعم او مساجد كيف سيعاني المسافرون عليه وقد حصلت تجارب مريرة في العديد من الطرق التي لاتتوفر بها الخدمات وبعض الطرق وزعت عليها الخدمات بشكل غير مناسب خذ مثالا على ذلك طريق الرياض القصيم لايوجد عليه محطات وقود وخدمات الا في موقعين تابعين لشركة ساسكو ونفذا بشكل مؤثر على تصميم الطريق وحركة المرور ثم نفذت بعد ذلك محطتان في موقعين اخرين قرب العتش وقرب المجمعة وشهدتا اقبالا نظرا لموقعهما الصحيح وسهولة الدخول والخروج منهما وتوفر جميع الخدمات الضرورية فيهما من مطاعم متكاملة وبقالات وورش ومساجد ودورات مياه نظيفة وكافية وفي المقابل توجد اكثر من 30 محطة في مدخل الرياض وبالاتجاه الذاهب الى القصيم الى شرق الطريق وعلى مسافة تقل عن 20 كم بينما لاتوجد الا محطة واحدة في غرب الطريق يجب ان يكون هناك توزيع صحيح للاستراحات ومحطات الوقود واستثمارها بالشكل السليم الذي يخدم المستهلك والمسافر.. انني اوجه نداء الى وزارة المواصلات بان يكون طريق القصيم المدينة نموذجيا ومثالا يحتذى بخدمات الطرق واعتقد ان الطريق مشجع جدا للمستثمرين عليه لما يلحظ عليه من حركة مرورية كبيرة وبالتالي وجود عائد مجز للمستثمر يشجعه على الاستثمار ان المسافر هو بأمس الحاجة الى خدمات مريحة واستراحات مناسبة وسيدفع مقابل ذلك اذا كانت الخدمة متميزة ولكن مايخشى منه هو نشوء استراحات على مستوى رديء فنياً وصحياً كما هي معظم الطرق حيث تجد المطاعم المتهالكة والرديئة والتي تقدم طعاما رديئاً او دورة مياه لاتتوفر بها المياه في معظم الاحيان او بنشريا يجعل من سيارات المسافرين حقل تجارب له لانها بعيدة عن الرقابة انني اتمنى ان تقوم وزارة المواصلات بوضع ضوابط تشجيعية وعقابية للمستثمرين على طرقنا ولتبدأ بطريق «القصيم المدينة» مثل ان تمنح الارض مجانا للمستثمر او ان توصل له الكهرباء مجانا ويمكن ان يكون ذلك من نوع الاستثمار المنتهي بالتملك لوزارة المواصلات بعد فترة يؤول المشروع الاستثماري فيها للوزارة وبالتالي استغلال عوائده لصيانة الطريق انما المهم والضروري هو تشجيع المستثمرين الذين يهابون الدخول في مجالات الاستثمار في الطرق ويجب ان تكون هذه الاستراحات ذات نموذج موحد وبتصميم واحد توافق عليه الوزارة كأن تكون هذه الاستراحات على بعد 50 كم وان يشتمل هذا التصميم على كافة الخدمات اللازمة للمركبة وللانسان مثل الفنادق او الغرف والمطاعم ومحطة وقود ورشة وغيار زيوت، بنشر، مسجد، دورة مياه، مركز اسعاف، كما ان هناك ملاحظة كتب عنها الكثير عن هذا الطريق وهي عدم ذكر اسماء مدن ومحافظات المنطقة في لوحات هذا الطريق حيث ان اسمي مدينتين من مدن المنطقة تتكرران في اللوحات كل 10 كم من ساعة الدخول في حدود منطقة القصيم ولم تكلف الوزارة نفسها بذكر بقية محافظات المنطقة المهمة ولو في لوحة واحدة من هذه اللوحات التي تبلغ العشرات ماهي الفائدة من تكرار اسم هاتين المدينتين مع اهميتهما كل 10 كم واهمال كل المدن الاخرى والقادم سيفهم ان القصيم فقط هو هاتان المدينتان ان المطلوب هو ذكر بقية محافظات المنطقة ولو في لوحة واحدة والاشارة اليها بدلاً من «التيه» المستمر والسؤال عنها..
ان هذا الطريق الذي انجزته الوزارة يعتبر مفخرة من المفاخر لها.. طاولت به عنان السماء وبلغت النجوم ولا نريد من ملاحظات صغيرة كاللوحات ان تفسد هذا الانجاز الضخم ولكن بقي طريق اخر ايضا هو كاهمية طريق القصيم المدينة ان طريق القصيم مكة انه امل كبير نحن المعروف ان طرق الحج التي كانت تخترق صحارى الجزيرة العربية قبل انشاء الطرق المستقلة ومجيء السيارات كانت عامرة تعج بالحركة والتجارة وتمر على قرى ومدن وهي اثر اسلامي اوشك على الاندثار ومنها طريق الحج البصري الذي انشئ في عهد الخلافة العباسية لكي يسلكه الحجاج والمعتمرون بامان من الضياع وقطاع الطرق وهذا الطريق لاشك انه اختير بدون الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة ولكنه والحق يقال دقيق في مساراته وطبقت في اختيارها قوانين الهندسة ان اقصر مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم وهذا الطريق يمر ببلدان نجد وعاليتها وتوجد بعض اثاره من البرك واعلام الطرق حتى وقتنا الحالي مثل منزل النباج الاسياج ورامتان، وطغفة، وامرة، والجديلة، وضرية ووجرة.. وغيرها من المنازل التي لاتزال باقية كما كتبها البلدانيون والاثريون في زماننا الحالي بجانب هذا الطريق وعلى مسافات تقترب وتبتعد عنه انشئ طريق القصيم الحجاز قبل حوالي 30 عاما وعندما كانت حركة السيارات والشاحنات قليلة جدا وكان يعتبر في ذلك الوقت من افخر انواع الطرق ولكنه في وقتنا الحاضر وبعد ازدياد كثافة حركة المرور وزيادة عدد السيارات اصبح يغص بالحركة ليلا ونهارا وخصوصا حركة الشاحنات الثقيلة التي تعيق الحركة واصبح يعج بالابل السائبة هذا الطريق ينطلق من محافظة الرس بالقصيم متجها جنوبا نحو دخنة ثم نفي ثم البجادية ثم ينحرف غربا نحو عفيف ثم ظلم ثم يلتقي مع طريق الرياض الطائف السريع بتعرجات كثيرة وهو اشبه بنصف دائرة وهذه التعرجات والانحناءات ذات خطورة كبيرة ولها اثر كبير في زيادة المسافة الكلية الى مكة المكرمة فانها وان كانت تافهة لاتزيد على 6 او 10 كلم في كل انحناء عن الطريق المستقيم فانها لو جمعت لكل الطريق لاصبحت شيئاً كبيراً ربما يزيد عن مئات الكيلومترات وهذا ماهو حاصل بالنسبة لهذا الطريق ونشأ مؤخراً فرع من هذا الطريق شمال دخنة وقرب جبل فزاز التاريخي ولكن هذه الوصلة من اخطر الطرق التي رأيتها حيث توجد منعطفات خطرة جدا احدها بزاوية 90 ومنعطف اخر في داخل احدى الهجر يقابله منزل مهجر يعترض مسار الطريق تماما وقد حصل بسبب هذا حوادث كثيرة جدا وباختصار فانه ليس هناك حل الا واحد من حلين:
الاول: هو ازدواج الطريق الحالي وهو صعب جدا بسبب مروره بعدد من المدن ونشوء محطات واستراحات قريبة منه جدا على حافته وبالتالي لابد من نزع ملكيتها وهذا يكلف مبالغ طائلة جداً اضافة الى طول الطريق وكونه على شكل «نصف دائرة».
والحل الثاني:
هو اختيار مسار اخر مختصر وبعيد عن الاستملاكات ذات التكاليف الباهظة في نزع الملكيات وفي رأيي ليس هناك انسب واقرب من طريق الحاج البصري القديم الذي يمر بكل من امره طخفة ضرية الجديلة الصقر حاليا وجرة الخرابة ذات عرق الضريبة وذلك لعدد من المزايا اهمها:
1- يبلغ طول هذا الطريق من منزل رامه وسط القصيم وحتى مكة المكرمة مرورا بمنزل ذات عرق والمسمى حاليا الضريبة والذي هو محرم لاهالي نجد يبلغ طوله حوالي 600 كم بينما يبلغ طول الطريق الحالي المار بنفي والبجادية وعفيف حوالي 950كم من وسط القصيم اي ان الطريق الجديد المقترح بطول حوالي 600كم سوف يختصر من الطريق القديم حوالي 350كم اي بنسبة حوالي 35% من الطريق القديم وهو فرق شاسع وكبير سوف يكون له اثر كبير في خدمة الحجاج والمعتمرين وخصوصا من منطقة القصيم حيث يصلون مكة المكرمة خلال 6 ساعات بدلا من 10-12 ساعة حيث ان الطريق الحالي كثير التعرجات والمنحنيات والقرى والشاحنات مما يزيد عناء المسافر عليه وقد تكون ساعة واحدة على السريع تقابل اكثر من ساعة ونصف او ساعتين على طريق قديم مكتظ بالحركة وبالقرى.
2- الممكن هو ان يبدأ ازدواج الطريق بدءاً من مفرق خزاز الواقع شمال دخنه وخزاز هو الذي يقول فيه الشاعر «عمرو بن كلثوم في معلقته:
ونحن غداة او قد في خزازي
رفدنا فوق رفد الرافدينا..
وهو مفترق موجود حاليا يصل الى طريق القصيم الحجاز عن طريق عدد من القرى ويوازي تماما مسار طريق الحج البصري القادم من رامة حتى يصل الى اسرة ومنزلها حيث صعوبة عمل طريق يعبر وادي العاقلي النماء حاليا ويمكن ان يكون الطريق الموجود مارا بامره وطخفة احد المسارين مع تعديل منحنياته الخطرة حتى بمر بضربة الجديله الدفينه الشبيكة وجرة ذات عرق ثم الى مكة المكرمة.
3- قد يقول البعض ان اهالي نجد والقصيم يمرون بالطائف لانها فيها محرم السيل الكبير ومحرم وادي محرم ولكن في الضريبة ذات عرق ميقات قديم كان الحجاج يحرمون من حين كانوا يمرونه بقوافلهم والان لم يتبق منه الا اثار حيث لم يمر به الطريق المسفلت وعند مرور الطريق المقترح به يمكن تعميره للحجاج حيث يخفف الضغط الحاصل على ميقات السيل الكبير ووادي محرم خصوصا اوقات الحج.
4- تخفيف الضغط الكبير الحاصل على طريق الحجاز القديم وخصوصا من الحجاج والمعتمرين والحافلات والشاحنات والتقليل من الحوادث المرورية المروعة التي تحدث عليه بسبب الزحام وحركة المرور الكثيف عليه.
5- ما دام ان الطريق القديم لابد من ازدواجه فلماذا لايتم احداث الطريق الجديد مزدوجا وبنفس التكاليف تقريبا والابقاء على الطريق القديم للشاحنات حيث انها تدمر الطرق وخصوصا الجديدة وفتح الطريق الجديد حتى ولو برسوم فان الكل سيسلكه مادام امنا وسريعا وعليه خدمات متميزة.
6- خلق خط نمو سكاني جديد في القرى والهجر التي يمر عليها الطريق خصوصا ان بعضها مدن مثل خيرية عشيرة ابو جلاجل ابو ركب الشبيكية وغيرها.
7- احياء منازل طريق الحاج القديم التي اوشكت على ان تندثر بسبب بغي الرمال عليها ومن الممكن تشجيع السياحة عمل هذا الطريق بترميم هذه المحطات على طراز تراثي قديم وتشغيلها من جديد احياء للتراث الاسلامي وتوفير خدمات متميزة عليه التردي لخدمات على الطريق القديم.
اتمنى ان تلتفت وزارة المواصلات لهذا الاقتراح فهو جدير بالاهتمام.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني
البدائع
|