الوطن هو قطعة القلب..
وهو اللحظة الضوئية التي تتعامد باتجاهك.. لتصنع تاريخك عبرها..
والمرأة هي الأرض..
هي العطاء..
هي الإنبات.. هي الصبغة اللونية لكل تفاصيل الحياة..
تهب الأشياء جمالاً.. تصنعه عبر ذاكرة أطفالها.. وما تستدخله من أبجدية الكون فيها..
والمرأة هي المعاول للأرض..
في كل التجارب الشعرية والأدبية والسرد التاريخي والروائي ظلت المرأة محوراً هاماً..
تشكل ببصماتها الأشياء وتمنحها لونها الجميل أو شكلها القميء..
** وفي التاريخ الإسلامي أدباً ومجتمعاً وعلماً شرعياً..
المرأة مسئولة..
وعليها قائمة من الواجبات.. تجاه أمتها.. كما لها من الحقوق..
واليوم.. في هذه اللحظة بالذات..
على المرأة أن تكون سنداً للوطن..
سنداً للأهل..
سنداً للأرض.. وسنداً للتاريخ الناصع الذي تلتف عليه الخريطة كلها..
** لا يحق لأي امرأة الآن أن تظل مراقبة فقط للأحداث وراكنة إلى الاكتفاء بالحوقلة والبسملة على أطفالها.. على أهمية ذلك..
فكلنا اليوم نبسمل ونحوقل ونقرأ الأوراد في الصباح والإمساء على وجه الوطن.. ونمسح على رأسه بذكر الله سبحانه..
ونقول في كل لحظة الله خير حافظ.. الله خير حافظ.
** ليس لنا إلا الله منجينا من الفتن والفرقة والشتات وشر الخروج على الدين وولي الأمر..
ليس لنا إلا الدعاء والقنوت في هذه الليالي المباركة التي تضج فيها أصواتنا بالبكاء خوفاً من الله وسؤالاً له سبحانه بأن يحفظ علينا أمننا ويهدي شبابنا ويدفع عنا شر البلاء والفتن.
** كل هذا مطلوب وأكثر منه الإحساس والثقة بالله والتفاؤل بأن المؤمنين إن نصروا الله ينصرهم ونصرنا لله يكمن في تقربنا لله أكثر ومحافظتنا على دين الفطرة الذي لا شائبة فيه..
وتصفية النوايا والتخلص من الريبة غير المبررة وتفسير الأقوال والأفعال وفق نظريات مفترضة مسبقاً إلى ذات اليمين وذات الشمال.
** لا بد من التخلص من الاتهامات المعلبة والجاهزة والتي تصل إلى حد التكفير والإخراج من الملة.
وفي المقابل.. لابد من الاحتفاظ بصيغة الدين وتقديسه عن إدراج ثوابته وتشريعاته القرآنية إلى مجالات الحوارات والسفسطة والفلسفة واعتبارها ضمن منظومة الحياة القابلة للتغيير والتطوير والتعديل والتبديل.. لابد أن نمسك على نقطة التوسط الحقيقية في الدين.
نحتاج إلى أن نعود إلى ما كنا عليه ونحن نخطئ ونصيب بين أيدي أهلينا الذين يقومون أخطاءنا وخروجاتنا بروح الأبوة والأمومة دون أن يكون هناك افتراضات حاضرة في الذهن من مثل العلمنة والتكفير والتشدد والمغالاة والإفراط والتفريط.
لابد أن نعود مجدداً إلى اليسر والسماحة والنظر للبشر على أنهم قد خلقوا على فطرة الإسلام وأن البيئة هي التي تصوغ ملامح ارتباطهم بهذا الدين.. وليس أهم من السماحة واليسر والتعامل الحسن فهو الباب الواسع الذي يشرح الصدور لدين الله وعلى إثر إعمال هذا الباب دخلت أفواج الأمم في دين الله.
** على المرأة بالتحديد أن تقوم بمسئولياتها في صياغة فكر كل من تتعامل معهم من أطفال ومن تلميذات من اخوان كلٌ مسئول اليوم عن الذود عن أمن هذا الوطن.
والمسئولية عظيمة.
وإذا ما فطنا جميعاً إليها وتعاملنا معها كأهم قضية في حياتنا اليوم سنخسر الكثير ونخسر المزيد.
** الاجابة على تساؤلات الأطفال مسئولية..
لماذا تُهد المنازل..
ولماذا يُقتل الأطفال.. ولماذا الأخ يقتل أخاه.. ما هي القضية وما هو الثمن ولماذا تستحيل البيوت الآمنة إلى ساحة معارك دامية تفجر فيها القنابل.. ويُطلق فيها النار.. ولماذا يتيتم الأطفال وتترمل النساء.. ويموت الأبرياء وتزهق الأرواح.. هذه أسئلة خطيرة.. هل تملك كل امرأة إجابات آمنة على فكر الأطفال.. هل تملك كل امرأة القدرة على إيصال المعلومة التي تحفظ التوازن بين سماحة الدين الإسلامي وبين فداحة العنف والدموية والقتل والتهديم وإرهاب الآمنين والمعاهدين.
** يجب ان تقفز كل النساء على اهتماماتهن الخاصة.. في هذا الوقت بالتحديد.
على المرأة أن تتنازل قليلاً عن اللهاث خلف إضافة الكثير إلى خزانة ملابسها وأحذيتها الفاخرة وأن تكف قليلاً عن الركض خلف زحام ألوان الماكياج وفوضى الموضات.
وأن تجري لنفسها عمليات أكثر أهمية من عمليات التجميل وأحلام نضارة البشرة وسرابات القدود الفضائية المتمايلة .. يجب ان تؤجل كل هذا أن تنشغل قليلاً بما هو أهم في هذه اللحظة بالذات..
عليها أن تقرأ.. وأن تستمع.. وأن تستعد لمنح أطفالها القدرة على فهم واستيعاب ما يحدث لنخرج منها جميعاً آمنين.. أن نقبح العنف والقتل والإرهاب والخروج على الدين وبدون أن نفقد القدرة على منح التصور القوي والسمح للدين الإسلامي.
** مسؤوليات المرأة تبدأ أول ما تبدأ بتثقيف نفسها وتنمية احساسها بقضايا أمتها ووطنها وألا تكتفي بأن تكون امرأة عاملة بل يلزمها أن تكون فاعلة وثمة فرق كبير بين عاملة وفاعلة.
وفعالية المرأة تتجسد أولاً في وعيها.. ثم فيما تغرسه في ذهنية أطفالها.. ثم في تعاطيها مع قضايا الوطن والأمة وعملها الجاد والمساند للذود عنه حسب قدرتها ووفق مجالها.
فالوطن ليس له ضمير يعود على المذكر فقط.. إنه ضمير كل الكائنات التي تتنفسه بكل حب.. رجلا كان أو امرأة..
فلنعطيه بحجم ما أعطانا..
ولنعض على أمنه بالنواجذ.. فهو تاريخنا ومستقبلنا وهو مسجدنا الذي نأمن فيه على صلواتنا ولنقف كلنا سداً منيعاً أمام كل الاختراقات التي تود لو أضاعت هذا الوطن وأسقطته من تاريخ الحياة.. تود لو تجعله مسرحاً للدماء والقتل.. لنكن كما يليق بنا.. وكما يليق بوطن عظيم هو وطننا
ولتكن المرأة مدركة أنها مسئولة.. مسئولة.. مسئولة..
فهي راعية في بيتها ومربية لأطفالها.. وعليها تقع أول خيوط المسئولية وتكاد تنتهي إليها.
أليست هي المعاول للأرض / للخصب/ للحياة.!؟
فاكس 4530922
|