* حائل - عبدالعزيز العيادة:
في واحدة من ليالي السجن بحائل قضى السجناء ليلة مهرجانية رائعة عايشتها «الجزيرة» وحدها معهم والتقت بالسجناء وتبادلت معهم همومهم وندمهم على الماضي ومشاعرهم تجاه هذه الاحتفالية المصغرة التي أقامتها إدارة السجن بالتعاون مع اللجنة الثقافية بالجمعية الخيرية بحائل برئاسة الأستاذ عدي الهمزاني وزملائه الذين تجلوا إبداعاً في تلك الليلة وكانوا مع إدارة السجن والمساجين وكأنهم في منزل عائلي حميم لم ينقصه إلا أن يشاهده جمهور ليصفق له كثيراً!!
وقد اشتمل الحفل الرمضاني الذي أقيم بعد صلاة التراويح على محاضرات توعوية وأناشيد إسلامية وقصائد اجتماعية ومسابقات منوعة وألغاز وفتح باب المشاركة المفتوحة للمساجين الذين أبدعوا في القاء مواهبهم مؤكدين استفادتهم من الفترات التي قضوها في السجن ومبينين بأنهم لا تنقصهم المواهب ولا القدرات كغيرهم من أقرانهم خارج السجن!
ولنجاح الحفل استمر ليليتين متتاليتين في نفس الموعد بعد صلاة التراويح وسط تفاعل متميز من السجناء.
وشهد الاحتفال فوز عدد كبير من السجناء بجوائز قيمة متنوعة تشتمل على أهم مستلزمات السجين الخاصة داخل السجن والمسموح بها كما فاز أحد السجناء بغسالة ملابس من الجوائز الكبيرة وعلى الفور قام بالتنسيق مع إدارة السجن لاهدائها وتوصيلها إلى أهله وسط فرحة عارمة مؤكداً أنها هدية في وقت مناسب قبيل العيد لتصل إلى أهلي ولتبين لهم أنهم في قلبي دائماً وتكون معايدة بسيطة مني في هذه الظروف مشيراً إلى أن الفترة التي قضاها في السجن جعلته انساناً ثانياً تائباً إلى الله من كل ما مضى من معاصي ثم تناول السجناء مأدبة عشاء كبيرة بهذه المناسبة.
كما التقت «الجزيرة» بأحد المساجين الذي كان يروج للمخدرات وكان كما يشير بأنه قد ارتكب معظم المعاصي في انفلات طائشي بلا وعي ولا أدراك في السابق وأنه الآن عكس كل ذلك واستطاع خلال فترة سجنه أن يحفظ القرآن الكريم كاملاً.
وكان يتحدث بصوت خافت ومؤدب جداً مؤكداً أن الأجواء داخل السجن وما أحيط به من رعاية واهتمام جعلته بتوفيق الله يتغير بشكل جذري إلى الأفضل ولله الحمد.
وقال كما تشاهدنا داخل السجن نعيش أجواء صحية ونحاط باهتمام المسؤولين ورعايتهم ونتبادل مع القائمين على السجن علاقة ودوية رائعة وجعلتنا نحس بأننا مهمون ومجتمعنا يريدنا وان طريقنا السابق طريق مظلم وأن المستقبل القادم أفضل بإذن الله.
واقترح تكثيف مثل هذه الاحتفالات التي تشارك بها جهات من خارج السجن مشيراً إلى أن ذلك يمهد للسجين لقاءه بالآخرين خارج السجن ويجعله يتعايش معهم قبل أن يخرج لهم بعد انتهاء محكوميته كما يجعله يشعر أن المجتمع خارج السجن مهتم به ويريده ويتعايش معه داخل السجن مما يجعله يغير سلوكه إلى الأفضل ليتعايش مع الناس من حوله ويعد حساباته بكل ما مضى.
كما التقت «الجزيرة» بأحد المسجونين المحكوم عليهم بالقصاص وكانت معنوياته مرتفعة مردداً بأنه مؤمن بما كتبه الله وراض به وقال بشجاعة لا يهمني الموت لأنني أعلم يقيناً أن ما كتبه الله سيكون حتى لو اجتمعت كل الناس لمنعه وما لم يكتبه الله لن يكون حتى ولو سعى به كل الناس.
وأشار إلى أن أمنيته الأخيرة هي زيارة بناته له بشكل متواصل ووجه رسالة لمن يحجبهن عن الزيارة من أقاربهن الذين كانوا على خلاف معه قائلاً حققوا أمنيتي الأخيرة ودعوني أشبع بالنظر ولقاء بناتي قبل أن أغادر هذه الحياة!!
وقال بحماس كبير وبكلمات مؤثرة لا أريد منهم أن يعفوا عني «رغم أن العفو طبع الكرام» ولكن كل ما أريده أن يساعدوني على رؤية بناتي.. وقال والله إن قلبي يتقطع كلما شعرت أن الوقت يمضي إلى القصاص وأنا لم أر بناتي ولم أشبع من لقائهن..
وسأل رجال الخير بالتوسط وتمكينه من رؤية بناته بشكل متواصل في كل مواعيد الزيارات حتى يكتب الله ما يشاء سبحانه.
وقال «بحرارة» إنني أحدثكم بعاطفة الأبوة وبمشاعر الموصي والمغادر فهل تلين قلوبكم وتساعدوني على تحقيق أهم وآخر أمنية في هذه الحياة.
وقال أحملك «شخصياً» هذه الأمانة وهذه الوصية ولن أسامحك إن لم توصلها!!
لقطات
* بذلت إدارة السجن جهوداً رائعة وكان الجميع يمثل السجان الكريم بطبعه ولا يستغرب في ديرة حاتم الطائي.
* علاقة حميمية كشفتها «الجزيرة» من خلال الزيارة تربط القائمين على السجن والمساجين تؤكد البعد الإصلاحي الذي يهتم به المسؤولون عن السجن.
* فهد الصوينع ومقدم الحفل وخالد الوحداني وبقية زملائهم أكدوا قدرة الشباب التطوعي بحائل على عمل الكثير والمفيد.
* لالتزام «الجزيرة» بالتعليمات بعدم تصوير السجناء ومن أجل النواحي الإنسانية الاجتماعية تم الاكتفاء بصور القائمين والمشاركين بالاحتفال.
| 
