هل يكفي الاستنكار وهل يجدي العويل والدماء تسيل والأرواح تزهق من غير ذنب جنته ولا جرم ارتكبته وفي شهر مبارك يقبل المسلمون فيه على الطاعات وينشغلون بالعبادات وفي بلاد آمنة تتجه إليها أنظار المسلمين في كل مكان ويستقبلها الملايين في اليوم خمس مرات.
إذا استهدفت هذه البلاد فقد استهدف الإسلام فهو قدرها وعزها وشرفها وهي موطنه ومنطلقه ومرجعه.
منها تنطلق الدعوة وتسير قوافل الخير وعلماؤها ودعاتها من أصحاب الكلمة الصادقة والصوت المسموع.
إن أعداء الأمة يستهدفون هذه البلاد لتتعثر هذه الدعوة وتعطل قوافل الخير ويكتم صوت الحق، إن الهدم والتدمير يغلب البناء والتعمير.
المصيبة العظمى إذا ابتليت الأم بأبنائها وطوع العدو شبابها وغرر بجهالها فانتكست المفاهيم واختلت الموازين.
إن الدم الذي يسفك بغير حق هو أقدم الجرائم وأشنعها، إن قتل النفس المعصومة جريمة تجمع جرائم إنها الجريمة التالية للإشراك بالله تعالى: {والَّذٌينّ لا يّدًعٍونّ مّعّ اللَّهٌ إلّهْا آخّرّ ولا يّقًتٍلٍونّ النَّفًسّ التٌي حّرَّمّ اللَّهٍ إلاَّ بٌالًحّقٌَ ولا يّزًنٍونّ ومّن يّفًعّلً ذّلٌكّ يّلًقّ أّثّامْا يٍضّاعّفً لّهٍ العّذّابٍ يّوًمّ القٌيّامّةٌ ويّخًلٍدً فٌيهٌ مٍهّانْا إلاَّ مّن تّابّ وآمّنّ وعّمٌلّ عّمّلاْ صّالٌحْا} ولذا فعقوبتها في الدنيا لا تسقط عقوبة الآخرة فالمقتول يطالب بدمه يوم القيامة يجيء متعلقاً بالقاتل ويقول: سل هذا فيم قتلني؟ فكيف إذا تعدد الخصماء:{مٌنً أّجًلٌ ذّلٌكّ كّتّبًنّا عّلّى" بّنٌي إسًرّائٌيلّ أّنَّهٍ مّن قّتّلّ نّفًسْا بٌغّيًرٌ نّفًسُ أّوً فّسّادُ فٌي الأّّرًضٌ فّكّأّنَّمّا قّتّلّ النَّاسّ جّمٌيعْا ومّنً أّحًيّاهّا فّكّأّنَّمّا أّحًيّا النَّاسّ جّمٌيعْا} قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حرماً) (ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق).
إن الإسلام حرم قتل نساء الأعداء المحاربين وأطفالهم أثناء الحروب وفي المواجهات العسكرية فكيف بالغدر بالمسلمين ونسائهم وأطفالهم وهم في بيوتهم آمنين.
لقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها كما صح بذلك الحديث، ودخلت بغي الجنة بكلب سقته وجدته يأكل الثرى من العطش فقال الصحابة يا رسول الله: إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال عليه الصلاة والسلام (في كل كبد رطبة أجر).
حمى الله بلادنا من كل سوء وفتنة.
* جامعة أم القرى
مكة المكرمة ص ب. 13663
|