* كتبت مندوبة الجزيرة:
اعتبرت الدكتورة وفاء محمد العييد المتخصصة في الوراثة الإكلينكية بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني والحاصلة على البورد الأمريكي في الدراسة من جامعة جون هابكنز الأمريكية. أن الحمض النووي د. ن ا ( DNA ) هو الأساس في العمليات الحيوية التي تتم داخل أي خلية في الجسم، وهو الوسيلة لنقل الصفات الوراثية بين الأجيال.
وقالت إن هذا الحمض يتكون من شريطين حلزونين مزدوجين من وحدات سكر وفوسفات ويرتبطان ببعضهما بواسطة قواعد نيتروجينية تُسمى أدنين A (Adenine) وجوانين G (Guanine) وسايتوسين C (Cytosine) وثايمين T (Thymine) بحيث يرتبط الأدنين مع الثايمين والجوانين مع السايتوسين كما يظهر في الشكل، هذا الترابط المحدد مهم جداً لإعادة نسخ الحمض النووي DNA. ونستخدم كلمة نسخ لأنه بعد فصل الشريطين عن بعضهما يعمل كل شريط كقالب لتكوين شريط مطابق تماماً للشريط الأصلي المنفصل عنه وهذا هو الأساس في عملية النسخ المخبرية للمادة الوراثية المستخلصة من أي جزء من الإنسان كبقع الدم واللعاب والسائل المنوي والأنسجة. وأوضحت د. وفاء العييد أن شريط الحمض النووي DNA يحتوي على المورثات المسؤولة عن ظهور الصفات الواثية المختلفة، وكل مورثة لها تركيبة خاصة بها تعرف بالطريقة الخاصة لارتباط القواعد النيتروجينية، وتحدث الأمراض إذا كان هناك خلل في طريقة ارتباط تلك القواعد أو فقدانها ويسمى هذا الخلل بالطفرة الوراثية، فإذا كان أحد الأبوين حاملاً لذلك الخلل فإنه قد لا تظهر عليه أعراض ذلك النقص حيث يعمل الزوج الآخر من الحمض النووي على تعويض ذلك الخلل. ولكن إذا كان الوالد الآخر أيضاً حاملاً لذلك الخلل فإن هناك عادة ثلاثة احتمالات بالنسبة للذرية في تلك العائلة بحسب ما يتم في عملية التلقيح حيث إن كلا من الوالدين تحصل في خلاياهما الجنسية (الحيوان المنوي أو البويضة) انقسامات خلوية بحيث ينتج من كل خلية أربعة خلايا إثنتان منها تحتويان على شريط الحمض النووي المزدوج الحامل للخلل والأخريان سليمتان. فإذا تم التلقيح بين الخلايا السليمة ينتج مولوداً سليماً 100%، وإذا تم التلقيح بين الخلية الحاملة للخلل من كلا الوالدين فسيكون المولود مصاباً بالمرض الوراثي المنتشر بين أفراد تلك العائلة، وهذا النوع من الأمراض الوراثية يكثر عادة عند الزواج من الأقارب أو عند من يتزوجون من نفس قبيلتهم والتي يحمل الكثير من أفرادها طفرات وراثية متشابهة.
وعن طريق فحص الحمض النووي DNA للطفل المصاب يمكن احياناً معرفة نوع الخلل الموروث من والديه خصوصاً في حالة الأمراض الوراثية المعروفة والتي يمكن التعرف عليها مخبرياً، لذلك فإذا كان هناك مرض وراثي معروف في العائلة ويوجد له فحص مخبري فبالإمكان أيضاً فحص الأشخاص غير المصابين ويرغبون في الزواج من أقاربهم من أجل معرفة ما إذا كانوا حاملين للخلل (الطفرة الوراثية)، وهذه إحدى الحالات التي يفيدها فيها الفحص قبل الزواج.
أما من ناحية استخدام الحامض النووي DNA في الإجراءات الجنائية أو لإثبات البنوة، فذلك يعتمد على وجود جزء من علامات وراثية في الحمض النووي حيث أن كل مخلوق يرث نصف تلك العلامات من أبيه والنصف الآخر من أمه. إن هذه العلامات تنتج عن وجود القواعد النيتروجينية الأربع التي أسلفنا ذكرها، A, G, C, T) في التتابع الفريد يأتي من الأم والنصف الآخر من الأب، فعلى سبيل المثال يتكرر التتابع CA CA CA CA بشكل فريد في مواقع مختلفة من الحمض النووي مما يجعل وجودها في نفس هذه المواقع في إنسان آخر احتمالاً شبه معدوما، أقل من واحد من مائة ألف مليون. إن هذه الخاصية في تركيب الحمض النووي تجعل منه وسيلة فعالة في تحديد البنوة وهوية الأشخاص المطلوبين في القضايا الجنائية، وتستغرق عملية الفحص المخبري من عدة أيام إلى أسبوع، ويتوقع في المستقبل القريب أن يكون هناك تقنيات جديدة لتحليل الحمض النووي والتي ستسرع وتزيد من مجالات استخداماته.
|