دفعت مطرقة اشتداد المقاومة العراقية وسندان انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة إدارة الرئيس جورج بوش إلى تغيير استراتيجيتها في العراق في إطار ما تسميه بالتكيف مع المستجدات الجديدة التي من أهمها اشتداد العمليات الموجهة ضد قوات الاحتلال الأمريكية والقوات التي استدعتها في الدول المتحالفة معها لحفظ الأمن في العراق، فبعد إسقاط الطائرة المروحية الأمريكية التي نتج عنها مقتل أكبر عدد من الجنود الأمريكيين في حادث واحد حيث بلغ ستة عشر قتيلاً، ثم إسقاط طائرة أخرى في تكريت كانت نتيجتها مقتل ستة جنود ليأتي بعدها العمل الانتحاري في الناصرية والذي نتج عنه مقتل تسعة عشر قتيلاً إيطالياً.
مطرقة المقاومة هذه بدأت تلقي بظلالها على «الشأن الانتخابي» الأمريكي حيث بدأ الديمقراطيون يحاولون استغلال الوضع الخطير الذي تنزلق إليه إدارة بوش، وهذا ما جعل الجمهوريين يحاولون معالجة هذا المأزق قبل دخول حملة الانتخابات الرئاسية في منتصف العام القادم، وعليه تم استدعاء السفير بول بريمر إلى واشنطن للاتفاق معه على البدء في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي يقولون عنها بأنها «تكيف» مع المتغيرات الجديدة.
وقد كشفت المصادر الاستخباراتية والصحف الأمريكية أن التكيف الاستراتيجي يستند على خيارين:
* الخيار الأول إجراء انتخابات وطنية من أجل تشكيل مجلس جديد يكلف بإعداد دستور عراقي ديمقراطي وانتخاب قادة جدد.
* الخيار الثاني يكمن في اقتراح تشكيل حكومة مؤقتة أولاً خلال فترة إعداد الدستور قبل تنظيم انتخابات جديدة لإقامة سلطة نهائية.
والفارق الرئيسي بين هذين الخيارين يكمن في تطور الأحداث، ذلك أن الفكرة بحسب ما نقلت واشنطن بوست عن المسئولين الحكوميين هي أن تكون هناك اعتباراً من الصيف المقبل حكومة تتمتع بدرجة عالية من الحكم الذاتي لتقوم إذا أمكن بوضع حد لسيطرة قوات الاحتلال على العراق قبل الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني - نوفمبر 2004م.
ومن بين هذين الخيارين أيضا يتداول الأوربيون «النموذج الأفغاني» حيث اقترح وزير خارجية فرنسا تشكيل جمعية تأسيسية استشارية تضم جميع الأطياف السياسية والطائفية والقومية العراقية لانتخاب حكومة مؤقتة في إطار عملية عاجلة قبل 15 كانون الأول «الشهر القادم» بحيث يكون للعراق ثلاث مؤسسات دستورية مجلس حكم وجمعية استشارية وحكومة مؤقتة، ومن خلال هذه المؤسسات يعد لدستور دائم.. هذا الطرح الفرنسي يميل إليه الأوروبيون ويحاولون إقناع الأمريكيين لأنه لا يخرج عن فكرة أمريكية سبق تطبيقها في أفغانستان تتيح للأمريكيين تخفيف الأعباء عنهم عسكرياً قبل الانتخابات وتزيح الحرج عن العراقيين الموالين لأمريكا الذين لا يمكنهم إعداد دستور وانتخابات صحيحة قبل نهاية الربع الأول من عام 2004م كما تتمنى الإدارة الأمريكية لتتفرغ للانتخابات الرئاسية.. بعد أن تأكدت من استحالة أن يتم ذلك في 15 كانون الأول من الشهر القادم كما تطلب الأمم المتحدة.
|