Friday 14th november,2003 11369العدد الجمعة 19 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ونحن على أعتاب العشر الأخيرة هل من مراجعة ونحن على أعتاب العشر الأخيرة هل من مراجعة
التفريط والعكوف على المنكرات خسران كبير!!

تحقيق ماجد بن عبدالله الزعاقي(*)
ما اسرع انقضاء مواسم الخير فقد ذهب اكثر شهرنا نسأل الله ان يتقبل مامضى ويوفقنا لاستغلال مابقي فهاهي العشر الاخيرة من هذا الشهر قد اطلت وقد كان صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيرها.
وفي إحدى هذه الليالي، ليلة خير من ألف شهر، واستكمالاً لطرحنا السابق نعرض في تحقيقنا صوراً من التفريط فيها واسبابها، وما النهج النبوي فيها، وعلاج ذلك التفريط.
ففي البداية تحدث فضيلة رئيس هيئة الخبر الشيخ احمد بن علي الشهري حيث اشار إلى ان من الناس في زماننا من جعلها عشر المعاصي بالمعاكسات وتتبع النساء في الاسواق والطرقات والمشاهدات على الشاشات، وتتبع القنوات الفضائية وما يظهر فيها من برامج ومسلسلات والاجتهاد في الوصول الى حل المسابقات التي تتزامن مع هذا الشهر الفضيل.
البلد الحرام
رئيس هيئة مكة الشيخ احمد بن قاسم الغامدي وافق الشيخ الشهري في تلك السلبيات التي تحدث في العشر مضيفاً فضيلته مايرى من مظاهر متكررة تحدث في البلد الحرام وفي هذا الزمن المبارك ومن هذه المظاهر ما يلاحظ من اختلاط قد يفضي الى فساد وتبرج يوقد الفتنة بين الجنسين وحالات يقع فيها تعرض الجنسين لبعضهما ومعاكسة الشباب للشابات ومزاحمة الرجال للنساء وخاصة عند الخروج من الصلوات فيقع من جراء ذلك الاحتكاك بين الجنسين والالتصاق بينهما.
للتفريط أسباب
بعد ذلك يدلف الشيخ علي بن عثمان عمير رئيس هيئة محافظة بالجرشي ليجمل بعض اسباب تفريط بعض الناس في العشر وهي على سبيل المثال لا الحصر: الجهل بفضل هذه الايام، واستطالة الطريق وقلة الصبر وكثر الشواغل والقواطع والاهتمام بها وكثرة ارتياد الاسواق لقضاء الحاجات من اطعمة وملابس واثاث استعداداً للعيد والاشتغال بمتابعة الافلام والمسلسلات والبرامج التي فيها جوانب من التسلية والاثارة واشتغال بعض الناس بالتسول وجمع الصدقات والانهماك في الترف والتوسع في الاكل والشرب والنوم مما يستدعي التكاسل عن العبادة وقيام الليل والاشتغال بسفاسف الامور كالسهر على اللعب وزيارات الاصحاب او الجلوس على الطرقات والتسويف والتأجيل باغتنام الاعمال في الاعوام القادمة والتفويت على اغتنام هذه الايام وقلة التوجيه وتعويد الاجيال على اغتنام هذه الايام من قبل الاباء والمربين.
حال السلف
من جانبه تحدث الشيخ خالد بن محمد الدمجان امام وخطيب جامع وزير العدل عن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه العشر وكذلك السلف الصالح حيث قال:
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في جميع ليالي العشر وتحديداً ليلة القدر وهذا منه تشريع للأمة واخذ باسباب الرحمة لما علّمه الله تعالى وأظهر له من شرفها وبركتها وعظم موقع العمل عند الله تعالى فيها، ولذا كان النبي يخصها بمزيد من الاجتهاد، ويوليها ماتستحق من العناية لما فيها من الخيرات الكثيرة والاجور الغفيرة والفضائل المشهورة ولذا ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الاواخر مالا يجتهد في غيرها، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر شدّ مئزره يعني شمر للعبادة واعتزل نساءه اي لاعتكافه واحيا ليله اي غالبه وايقظ اهله، وقالت ما علمته قام ليله حتى اصبح مشيراً الدمجان ان في هذه الاحاديث وامثالها مما جاء في معناها دلالة ظاهرة على فضيلة هذه العشر، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصها بمزيد اجتهاد من القيام والاعتكاف وغيرهما، فانه عليه السلام داوم على الاعتكاف حتى وافته المنية، لأنه في تلك الليالي اعني الاعتكاف سنة مأثورة وشعيرة مبرورة، ففيها قطع النفس عن الاشغال وتفريعاً للبال واشتغالاً بصالح الاعمال من صلاة وصدقة وقراءة للقرآن وجود بالاحسان ودعاء وذكر فانه من شريف الخصال ان يتفرغ المؤمن في تلك الليالي لما شرع فيها من صالح الاعمال، ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلك العشر التنبيه على فضيلة المداومة على العمل الصالح، لأنه احب العمل الى الله ادومه وان قل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا عمل عملاً اثبته يعني داوم عليه ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم قالت «كان عمله ديمة» ولهذا داوم النبي عليه الصلاة والسلام على اعتكاف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله، وكان من هديه عليه السلام العناية بتربية اهله على ما هداه الله له وفتح له من ابواب الخير، فكان يوقظ اهله للقيام والذكر والدعاء والتنافس في كل خصال الخير..روى الطبراني عن علي رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ اهله في العشر الاواخر من رمضان وكل كبير وصغير يطيق الصلاة، وصح انه صلى الله عليه وسلم كان يطرق فاطمة وعلياً ليلاً فيقول «ألا تقومان فتصليان» وثبت انه عليه السلام «كان يوقظ عائشة بالليل اذا قضى تهجده واراد ان يوتر» ومن هديه صلى الله عليه وسلم في العشر مضاعفة التلاوة وجاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حيث يلقاه جبريل فيدارسه القرآن وكان جبريل يلقاه كل ليلة من شهر رمضان فيدارسه القرآن فرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة».
واضاف واما حال السلف من القرآن في رمضان فهي حال عجيبة غريبة استثمروا فيها اوقاتهم وافنوا فيها طاقاتهم وحققوا فيه ما يدعو الى الدهشة والذهول، فها هو عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن في كل سبع ليال وفي رمضان كل ثلاث ليال وفي العشر الاخيرة من رمضان يختم القرآن في كل ليلة وكان الاسود رضي الله عنه يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع ليالٍ دائماً وفي رمضان في كل ثلاث ليالٍ وفي العشر الاواخر في كل ليلة وكان الشافعي رحمه الله يختم ستين ختمة للقرآن في رمضان وهو خارج الصلاة فكيف وهو في الصلاة، فيقول الزهري اذا دخل رمضان انما هو تلاوة القرآن ولذا كان رحمه الله اذا دخل رمضان ترك جميع العبادات واقبل على تلاوة القرآن الكريم مشيراً كذلك إلى أن ما ورد في النهي عن ختم القرآن الكريم في اقل من ثلاث ليال فهو محمول على المداومة على ذلك اما في الاوقات الفاضلة، كشهر رمضان خصوصاً في العشر الاواخر منه وفي الاماكن الفاضلة كالحرمين الشريفين وعامة بيوت الله فيستحب الاكثار فيها من تلاوة القرآن الكريم اغتناماً لشرف الزمان والمكان، وهو قول الامام احمد وغيره.
علاج هذا التفريط
ويشاركنا في هذا التحقيق رئيس هيئة الحريق الشيخ سعود العثمان في علاج هذه الظواهر قائلاً: بالنسبة لكثرة النوم في نهاره والسهر في ليله فعلاج ذلك لا يكون الا بتعظيم شعيرة الصيام وكذا الاهتمام بالاوقات وبخاصة في رمضان فانها رأس مال المسلمين بل ان الله اقسم بالوقت لاهميته في آيات كثيرة كقوله تعالى {وّالًعّصًرٌ إنَّ الإنسّانّ لّفٌي خٍسًرُ }، فالمسلم لايسهر في رمضان الا لمصلحة مقدرة كمدارسة علم او معالجة مريض ونحو ذلك واما متابعة الفضائيات فهي ابتلاء لا يمنع المسلمين من التمادي فيه الا بمعرفة عواقبه الوخيمة من فساد القلب ونسيان العمل ونزول البلاء وابطال الطاعات مع الغفلة عن الله والدار الآخرة وكذا معرفة فوائد غض البصر مثل تخليص القلب من ألم الحسرة وإنارة القلب وانه يفتح الطريق للعلم ويسد ابواباً من جهنم ويورث محبة الله وليتذكر كل مقصر قوله تعالى {قٍل لٌَلًمٍؤًمٌنٌينّ يّغٍضٍَوا مٌنً أّبًصّارٌهٌمً وّيّحًفّظٍوا فٍرٍوجّهٍمً ذّلٌكّ أّزًكّى" لّهٍمً إنَّ اللّهّ خّبٌيرِ بٌمّا يّصًنّعٍونّ } وبالنسبة لكثرة التسوق بدون حاجة هذه مضيعة للاوقات وتبذير في الاموال مع ما يتعرض له الرجل والمرأة من الفتنة، ويكون العلاج في تنظيم الوقت باختصار جولات التسوق للحاجة فقط والبحث عن البدائل النافعة من قراءة قرآن وطلب علم وصلة رحم مضيفاً فضيلته قوله:
واما بالنسبة للمعاكسات فهي من امراض الاسواق الفتاكة فان الاسواق اماكن فتن وصد عن ذكر الله فلا يكون هذا الشهر وغيره سواء ولتحذر المسلمة ان تلحقها الذنوب في هذا الشهر بسبب شراء فستان وغيره وهي متبرجة متعطرة خاضعة للقول فلتتقي الله في نفسها وفي شباب المسلمين قال عبدالله بن مسعود «ماقربت امرأة الى الله بأعظم من قعودها في بيتها» فعلاج هذه الظاهرة يكون في ترك التسوق الذي ليس له حاجة والتستر والحشمة من قبل النساء والتفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى، ومساوئ تلك المعصية على النفس والاهل والمجتمع في الدارين.
الهيئة في العشر
وعن دور رجال الهيئة في هذه العشر المباركة يحدثنا الشيخ عبدالله بن علي الزهراني رئيس مركز هيئة قباء موضحاً بانه ينتشر رجال الهيئات في رمضان وغير رمضان لأداء واجبهم في اسواق الناس وتجمعاتهم العامة وبحكم وجودهم الواقعي فإنهم يلمسون حاجة الناس الفعلية للجوانب التي يلزم النصح والارشاد فيها، ولذا فان رجال الهيئات يقومون بالأمر بالمعروف والدعوة ونشر الخير بين المسلمين بالموعظة الحسنة وبتعريف من ارتكب خطأ او معصية بخطورة ما ارتكب ويبينون له الحكم الشرعي تجاه ذلك الخطأ وبذلك يحققون هدفين في وقت واحد: انكار المنكر، وتعليم الخير، ويتخذون في سبيل تحقيق هذه الغاية الوسائل الممكنة من اشرطة وكتيبات ومطويات نافعة توصل الموعظة بأقل مؤنة، ويضحون بأوقاتهم وراحتهم ومتطلباتهم الذاتية تقديماً لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
مستطرداً الزهراني بقوله انطلاقاً من قوله الله تعالى في الحديث القدسي «وماتقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه» فإنهم يباشرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لو على حساب اداء صلاة التراويح في المساجد فالقيام بشعيرة الاحتساب واجب له نفع عام على المسلمين فيقدم على صلاة التراويح التي هي صلاة تطوع نفعها خاص بالمرء كما يحرص رجال الهيئات في هذه العشر خصوصا وفي سائر الايام على استمرار وجودهم الفعال في الاسواق مع الصدع بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يجعل اسواق المسلمين تعج بذكر الله فيندحر الباطل واهله ويرتفع الخير وأهله، وهذا يكفل الاستقرار في اسواق المسلمين وتجمعاتهم العامة في الحدائق وغيرها، فيحصل الامن الديني والامن الاخلاقي الامر الذي يستحق لزاماً تحقيق الامن بمفهومه الشامل في مجتمعنا المبارك الذي يقيم هذه الشعيرة مؤكداً فضيلته بأنه لايغفل المحتسبون عن فئة قليلة تمارس اعمالاً تخل بالواجبات او ترتكب المحرمات وهم قلة، نسأل الله لهم الهداية والرشاد فيتعقبون المفطرين في رمضان والمجاهرين بمعاكسة النساء وايذاء عباد الله والمتأخرين عن الصلوات في المساجد والمتشبهين بالكفار فضلاً عمن يمارس منكرات وفواحش عظيمة.
ولرجال الهيئات تطلع دائم لإحياء ما اندرس من معالم الدين وسنن الهدى، فيقوم رجال الهيئة بإحياء سنة التكبير ليلة العيد في الاسواق والتجمعات العامة، وقد جربنا هذا الامر في المدينة المنورة وكانت النتائج ايجابية بشكل كبير غير متوقع، وقد شاهدنا الناس يكبرون بتكبير المحتسبين ويفرح بانتشار هذه السنة التي كادت ان تهجر في اسواق المسلمين وشوارعهم.

(*) إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved