Friday 14th november,2003 11369العدد الجمعة 19 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وقفة بعد «الثنيات» السبع من العمر وقفة بعد «الثنيات» السبع من العمر

في مستهل هذا العام 1424هـ أكون قد بدأت عقداً جديداً من عقود سني عمري، وبه أصبحت أجر ركاماً من السنين تبلغ في مجموعها سبعين عاماً عشت معظمها في القرن الرابع عشر الهجري، وبذلك فأنا أشبه ما أكون بالخية بين قرنين لا يقاس التقدم الحضاري والتكنولوجي
فيما بينهما بأية نسبة كانت.
وخلال هذا الركام من السنين أدركت في عقديهما الأولين شظف العيش، ومارست أعمال الفلاحة والحرف الشاقة ما الله به عليم، وعانيت من أمور الحياة المعيشية ما تحمله كلمة المعاناة من معنى، ولا أرى داعياً لاستعراضه في هذه التوطئة.
ومع أول الشهر الأول من شهور هذه السنة 1424هـ كان لي وقفة استعراضية لما كنت عليه من حال جسمية وأنا أقطع السني التي مضت من النصف الأخير من القرن الرابع عشر الهجري، وما أنا عليه اليوم من واقع نقلني إليه العقدان السادس والسابع من عمري، وهما بالمصادفة العقدان الأول والثاني من القرن الخامس عشر الهجري.
وبينما أنا أفكر فيما أترجم به تلك المشاعر، إذا بي أسمع حمامة تنوح بعد صلاة الفجر على عسيب نخلة سحيقة متفردة بطولها، فكان نوحها مفتاحاً لقريحة الشعر التي تمخضت عن القصيدة التالية:


فلبي تُحركُه الأشواق للطرب
وتعشق العين ما ينأى عن الريب
وأحمل النفس ما ناحتْ مطوقةٌ
فوق العسيب وما اشتاقتْ إلى الرطب
لم تشتكي دهرها من مَسِّ مسغبةٍ
العذقُ من ت حتها والماء في صبب
قد أوجعتها صروف الدهر فانهمرت
من عينها دمعة تشكو من النوب
قد مسّها الحزن لا خلاً يرافقها
ولا نديماً يواسيها من الكرب
ناجيتها فَجْرَ يومٍ وهي ساجعة
فقلت مهلاً.. أنا المحروم من طربي
عانيت ما لم تعانيه وما ملكت
قواي شيئاً إليه ينتحي هربي

***


مَضَتْ بمركبتي الأيامُ مسرعة
يحثهُّا آمر قد جدَّ في طلبي
من فوق صهوتها وَلَجْتُ معتركاً
أتيته من بسيط الأرض والحدب *
مررت بالدرب محلاً لا نبات به
كما مررت بجنات من العنب
وذقتُ كل طعوم الزاد في سفري
الحلو والمرّ.. راضٍ كنتُ أم غضب
يعلو بي الدرب حينماً ثم يهبط بي
وما سلمت من الوعثاء والنصب
جاوزت سبع ثنيات على عجل
ما كنتُ أشكو لها ظهري ولا ركبي
سَمَّيْتُ سنيَّ عمري في تتابعها
ان جاز لي بالثنيات وباللقب
وما حملت عصا للاتكاء ولا
لبست نظارة للبحث في الكتب
الدرب يتعب ان أسلكه في سفرٍ
وما شكتْ فيه أقدامي من اللغب
لكن عقد الثمانين افتقدت به
ما كان لي عدة في الجد واللاعب
أحدودب الظهر والأعضاء فاترةٌ
هذا لذا يشتكي شيئاً من الوصب
أنام بين رفاقي في مجالسهم
وإن أتى الليل جفني ليس بالرحب
ينتابني سهر في عطفه قلق
ينأى عن الحلم المخضر للجدب

***


هذا وربي خراف العمر بحت به
بمنطق صادق خال من الكذب

* إشارة إلى قول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، لما سئل عن عمره وقد بلغ الستين، قال لسائله: لا تسلني، فأنا في معترك المنايا، وهو بذلك يشير إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين» أو ما معناه.
أحمد الدامغ

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved