* القاهرة - طارق عبد الغفار- أ.ش.أ:
رغم تأكيد الإدارة الامريكية على الشفافية في ارساء عقود اعادة اعمار العراق تصاعدت الانتقادات سواء داخل الولايات المتحدة وخارجها بشأن الصفقات السرية التي تبرم بين العديد من الشركات الراغبة في الحصول على عقود بالعراق والمؤسسات الامريكية المعنية بالاشراف على عملية اعادة الاعمار.
وفي محاولة لتجنب الانتقادات المتزايدة تعتزم الإدارة الامريكية اعادة النظر في الاسلوب الذي ارسيت بمقتضاه العقود السابقة لاعادة اعمار العراق ولاسيما بعد الانباء التي أشارت الى ان الشركات الثلاث التي حصلت على عقد لاقامة شبكة تليفون محمول بالعراق كان عن طريق المحاباة والعلاقات المشبوهة.
ووجدت واشنطن نفسها في حرج بالغ نتيجة الانتقادات اللاذعة الموجهة اليها ولاسيما في اعقاب التقارير التي اشارت الى أن عقدا لاصلاح حقول نفط عراقية تبلغ قيمته سبعة مليارات دولار قد منح بدون مناقصة الى شركة هاليبورتون الامريكية المتخصصة في خدمات النفط التي كان يترأسها في السابق نائب الرئيس الامريكي ريتشارد تشيني.
وفي السياق نفسه أوضحت شركات أوروبية وأجنبية ان إدارة بوش قد استبعدتهم من عقد تبلغ قيمته 680 مليون دولار لاصلاح جسور ومستشفيات ومشروعات بنية تحتية أخرى لكي تمنحه لشركة بكتل الامريكية، والتي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها
إلا ان الوكالة الامريكية للتنمية الدولية ردت على ذلك بقولها أن القوانين الفيدرالية الامريكية تحتم الاستعانة بشركات أمريكية لتنفيذ المشروعات التي يمولها دافعو الضرائب الامريكيون.
وقال مركز السلامة العامة «مؤسسة مستقلة بواشنطن» ان ارساء عدد من عقود الاعمار اتسم بالمحاباة والعشوائية خلال الفترة الماضية.
وأشار المركز في تقرير أصدره موخرا الى أن العديد من الشركات الامريكية التي حصلت على عقود باهظة التكاليف لإعادة اعمار العراق ينتمون الى قائمة الشركات الممولة لحملات الرئيس الامريكى جورج بوش السياسية.
وأضاف ان حوالي 70 شركة وشخصيات من داخل الولايات المتحدة حصلوا على عقود لاعادة اعمار أفغانستان والعراق بلغت قيمتها ثمانية مليارات دولار.
وأوضحت ان تلك الشركات والشخصيات الامريكية التي حصلت على عقود لاعادة اعمار العراق قدمت تبرعات للسياسيين الامريكيين بلغت قيمتها 49 مليون دولار منذ عام 1990 منهم 7 ،12 مليون دولار للحزب الجمهورى و1 ،7 ملايين دولار للحزب الديموقراطي.
وأشار محللون اقتصاديون امريكيون الى ان الدول المانحة سوف تحجم عن الوفاء بالتزاماتها تجاه العراق حال فقدان الشفافية في عملية ارساء عقود اعادة اعمار العراق.
وفي السياق نفسه تزايدت حدة الانتقادات لإدارة بوش بسبب منحها لعقود تتعلق باعادة اعمار العراق لشركتي هاليبورتون وبكتل في الوقت الذي كان يمكن ارساء تنفيذها بمبالغ اقل لشركات عراقية.
وقال هنرى ماكسمان عضو الكونجرس الامريكي ان إدارة بوش ارست عقودا لشركتي هاليبورتون وبكتل الامريكيتين وتجاهلت شركات أخرى رغم ارتفاع تكلفة تنفيذ العقود التي تنفذها الشركتان الامريكيتان، وينفي كليفورد جورج المدير بشركة بكتل الامريكية وجود تلاعب في ارساء العقود التي حصلت عليها شركته مشيرا الى ان شركته التزمت بالشفافية الكاملة عندما وقعت 105 عقد من الباطن مع شركات عراقية لتنفيذ الاعمال بالعراق.
وذكر التقرير الذي أعده مركز السلامة العامة في واشنطن «وهو مجموعة رقابية» أن معظم المقاولين السبعين الذين حصلوا على عقود بنحو ثمانية مليارات دولار في العراق وأفغانستان قدموا لحملة بوش الانتخابية أكثر من 500 ألف دولار.
وعبر تشارلز لويس المدير التنفيذي للمركز عن اعتقاده بأن رائحة محاباة سياسية تفوح من عملية التعاقد سواء في العراق أو أفغانستان، وأظهر التقرير أن 60% من الشركات التي حصلت على عقود لديها موظفون أو أعضاء في مجالس الإدارات خدموا في إدارات سابقة أو كانوا أعضاء في الكونجرس أو عملوا في مراكز كبيرة في الجيش، وفي محاولة لتجنب الاتهامات الموجهة ضدها بشأن نبذ الشفافية أعلنت وزارة الخارجية الامريكية ان تحقيقا داخليا أجري في وكالة التنمية الدولية كشف عن أن كافة العقود قد منحت وفقا للقواعد الفيدرالية المتعارف عليها.
وأضاف الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية ريتشارد باوتشر ان العروض التي تقدمت بها الشركات للحصول على عقود اعادة اعمار العراق جاءت وفقا لعملية تنافسية وانها تتوافق مع القواعد المتبعة.
وكانت شركة كيلوج براون اند روت احدى فروع شركة هاليبيرتون العاملة في مجال النفط التي كان يرأسها نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني قبل تقديم استقالته منها في عام 2000 للانضمام الى حملة الرئيس جورج بوش قد تلقت عقودا بقيمة 3 ،2 مليار دولار للعمل من اجل اعادة اعمار أفغانستان والعراق.
كما جاءت شركة بيكتل جروب وهى احدى شركات الانشاءات ومقرها كاليفورنيا في المرتبة الثانية خلف هاليبيرتون حيث تلقت عقودا بقيمة مليار دولار.
وكان جورج شولتز وزير الخارجية الامريكى السابق ابان حكم الرئيس الامريكى الاسبق رونالد ريجان احد اعضاء مجلس إدارة الشركة.
ونفت شركة بكتل الهندسية الأمريكية هذه الاتهامات ووصفت تصريحات من جانب هنري واكسمان عضو الكونجرس الذي وجه إليها انتقادات بشكل خاص بسبب عمليات منح العقود في العراق بأنها غير دقيقة ومضللة.
ومن جهة أخرى سيقوم مكتب اعادة بناء البنية الأساسية العراقية الذي شكل حديثا برئاسة الأميرال ديفيد ناش بدور اشرافي على الأعمال التي تنفذها الوكالات الحكومية الأمريكيية ويرجح أن يتراجع دورها في عقود اعادة البناء في المستقبل، وسوف يتولى المكتب اختيار العقود ويقرر أي المشروعات تذهب إلى وكالات أمريكية وذلك لتلافي الانتقادات بشأن غياب الشفافية في ارساء عقود اعادة الاعمار.
|