Thursday 13th november,2003 11368العدد الخميس 18 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
التَّعاضد والخلوص من الغشّ !
خيريَّة إبراهيم السقاف

عندما تَعْظُم الأمور في مجتمع الأسرة الواحدة، تجد أفرادها يلفُّون مشكلاتهم الشَّخصيّة في لفافات سميكة ويبعدونها عن أمامهم، ويقربون من بعضهم، ويتكاتفون لمواجهة المواقف، والمجتمع الآن في هذه البلاد لن تتعطَّل مسيرته العمليَّة في مجالات البناء، والاقتصاد، والتعليم، والإعلام، والشُّؤون الاجتماعية، والسياسيَّة.... من أجل ما يواجهه من أمور عظيمة تسعى إلى زيادة العوائق النفسيّة بين أفراده، وتصعيد روح التَّنافر، تلك التي تراكمت دون أن تجد يداً تحلِّلُ عقدها، أو غسولاً يطهِّرها، ولم تكن هذه اليد أو ذلك الغسول إلاَّ الإيمان المطلق بأنَّ الإسلام الذي ندين به لا يرضى الضغائن، ولا المفاسد، ولا الغشَّ في الصدور، وكان بالإمكان بسط الرأي، والسَّعي لحلِّ عُقَد هذه التراكمات بأساليب الوعي والحوار والإحساس الصَّادق بأنَّ ما يؤخذ باللِّين لا يؤخذ بالقوَّة، وأنَّ ما يفقده الوطن بالتَّدمير، لا يكسبه بالتَّعمير...، وبأنَّ المقارنة بين سلام الحُب، وحرب الكره ستجعل الكفَّة للحُب لا للكره، وللسلام لا للحرب... ، وأنَّ أوَّل أبجديات الحُب هو حبُّ اللَّه تعالى ومنه تنبثق المشاعر الصَّافية نحو بناء الأرض في تواصل غير مقطوع، وتعاضد غير ممنوع، بين الفرد والآخر في المجتمع الإنساني الذي يقوم على حبِّ اللّه تعالى الذي هو تقديرٌ لمقدَّراته تعالى فوق أرضه وأوَّلها أهميَّة روح الإنسان، وحياة المخلوقات الأخرى فوقها من الشجر، للطير، للدَّابة والحشرة!... فكيف هي صورة وواقع المجتمعات البشريَّة الرازحة تحت سطوة البارود والقنبلة، وخطط الإبادة، وقمع الحقوق؟...
أفلا يكون مبدأ التَّطهير لما في الصدور هو أوَّل خطوات مواجهة ما يحدث من بذْر الفتن، وإقامة العوائق، وزعزعة الاطمئنان، وبثِّ الخوف، وتصعيد حدَّة القهر مما يدعو إلى التّأسِّي على الراحة والسكينة؟...
وأَلا يكون مبدأ المواجهة هو أن تكون تعاضداً فكريّاً وروحيّاً وعمليّاً يلمُّ شمل الصغير إلى الكبير، والمرأة إلى الرجل، والطِّفل إلى الشاب، والكلَّ إلى بعضهم، في منأى عن الفرقة الفكرية التي تنثر شظاياها في لحمة هذا المجتمع كي تفتِّته وتشتِّته؟...
وألاّ يكون «الأمر العظيم» الذي يستهدف عصف مكوِّنات هذا المجتمع الطيِّب، العفويِّ، المسالم، دافعاً قويّاً للتَّلاحم، والتَّعاضد، ولمِّ الشَّمل لمواجهته، ومنع رياح تيَّاره، وذرَّات أمواجه دون ان تتسلَّل لا بقوَّة ولا بخفاء إلى هذا المجتمع كي يحافظ على قوامه، ويقوى للتصدِّي لقضاياه العظمى وهي النهضة الاجتماعيَّة التي يتحقَّق فيها للفرد من الحريَّة والحقوق ما يُهيِّئُ له أداء الواجب كما ينبغي بعد أن يُهيّأ علماً وثقافةً ووعياً ضمن منظومة تربويَّة تبدأ بالقلب والعقل وتنتهي إلى السُّلوك والأداء، أساسها كتاب اللَّه تعالى وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ثمَّ ما قدَّمته البشريَّة من المعارف والتجارب والعلوم والخبرات؟
إنَّه وقت أن يلفَّ الأفراد مشكلاتهم الفرديَّة والجماعيَّة الخاصَّة والعامَّة في لفائف الإدراك الواعي لما يُحاك لهم ورميها بعيداً عن تيَّار الممارسة المعاشيَّة اليوم
وتشمير الساعد نحو الوحدة الوطنية الصَّادقة لحماية أمَّة الإسلام في بلد السلام. فاللّّهم أعِنْهم على ذلك وهيِّئ لهم صفاء السَّريرة وقوَّة الثَّبات.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved