Thursday 13th november,2003 11368العدد الخميس 18 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الاقتصاد الاقتصاد
مستقبل دور الأعمال
د. سامي الغمري

يشبه البعض دور الأعمال القديمة المحلية بالديناصورات. هذا التشيه المجازي صحيح، لكن ليس على إطلاقة، لأن الديناصورات المنقرضة لم تستطع التكيف لتنجو بجلدتها في ظل التغيرات المناخية في حقبتها الزمنية السحيقة، في حين أن دور الأعمال تستطيع أن تعيد هيكلتها وتنوع منتجاتها في سبيل إما أن تنجو وتستمر في السوق وإما أن تنقرض وتختفي بإعلان إفلاسها المالي والتقني. وغالباً ما تحول الأطر الفكرية والإدارية القديمة المطبقة في إحداث التغير السريع المواكب مع العالمية. وكثير من الأفكار والعمليات السائدة والتي شكلت سابقاً من خبرات الماضي تطبق دون أدنى تطوير أوتعديل، حاجبة بذلك مستثمريها عن إدراك المتغيرات التقنية التي طرأت على أساليب الأعمال والإنتاج. هذه الظاهرة نجدها مثلا في تأخر البنوك في اعتبار المودعين مستثمرين، ونلاحظها أيضاً في عدم اكتراث بعض المستثمرين من متابعة التغيرات التقنية في منتجاتهم المطروحة محلياً التي ظهرت أقل تحديثاً، وأصبح هناك فارق واضح بين المنتج محليا وبين المستورد، وبين المستوى التقني المحلي وبين المستوى العالمي. لانريد أن نطرح سؤالا مباشراً عن كيف تسير الأعمال، فإننا لا نسأل في الواقع عن الماضي. ولكن نريد أن نسأل عما هو الجديد لديهم؟ ونعني بذلك الاستعداد للمستقبل القريب. وهذا هو المطلوب في المرحلة المقبلة، لأن المستقبل هو مجال العمل المنافس، ولكي تنجح دور الأعمال لبلوغ غد مشرق، فلها أن تتخلى ولو جزئياً عن ماضيها الفكري والإداري، والذي يعوقها عن التحديث والنمو، لتقادم تلك الأسس الفكرية لأعضائها والقصور الذاتي لهم ومقاومة كل تغيير وجديد بعناد. فلا يزال هناك من يعتقد أن تجارته في مأمن لمجرد أنه يعمل في مجال تقليدي كتجارة التجزئة والأغذية والمواصلات. ولا يزال هناك من يتجاهل الحقيقة الهامة في أن جميع المنتجات ستتغير بانتهاء الدورة الافتراضية لها، وإن هذا حادث لا محالة. إن المنافسة على منتجات المستقبل لن تكون منتجات ضد منتجات، بل ستكون هوية ضد هوية. والمنافسة ستنحصر بدورها على خلق فرص جديدة والتحكم فيها، وعلى سبق الآخرين وليس اتباعهم، وعلى الفعل والتغير وليس على رد الفعل وتقليد الآخر. نحسب أن لكل دور إعمال أن تعين لنفسها وجهة نظر مستقلة وريادية عن فرص الغد بفهم عميق لمدى اختلاف المنافسة المستقبلية عن المنافسة الحالية، وتعبئة الجهود اللازمة باتجاه الغد. إن نسيان الماضي أمر صعب لأسبابه الاقتصادية، وأن أرباب الأعمال لهم استثمارات كبيرة في مؤسساتهم يصعب عليهم التنازل عنها، وأن معظم دور الأعمال الاقتصادية المحلية حاولت جاهدة تقليص دور العمل وتحسين الجودة واحتضان العملاء، إلا أن هذا لا يمنع من أن يبني رجال الأعمال السعوديون لإعمالهم الاقتصادية آفاقاً واسعة للفرص المستقبلية تنطوي على بدائل للنجاحات التي تم تحقيقها في الماضي، واستبدالها بنجاحات مستهدفة. فمثل هذه الفرص يجب أن تبرر التخلي عن القليل المكتسب الذي في اليد، في سبيل رؤية نافذة يمكن أن تنال منه الربح الوفير مستقبلا. وإن العمل المستقبلي الناجح يحتاج إلى جهد حقيقي من الآن، ويتطلب تقديراً سليماً وتفكيراً فيما هو معلوم وماهو غامض. إنه يحتاج إلى حماس للإنجاز، لا أعذار أو ادعاءات.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved