Wednesday 12th november,200311367العددالاربعاء 17 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

19 1 1391ه 16 3 1971م الموافق العدد 334 19 1 1391ه 16 3 1971م الموافق العدد 334
أكثر من موضوع
الشرق شرق والغرب غرب

* بقلم: الدكتور حسني الظاهر :
أتمنى أن يبقى الشرق شرقاً وألا ينزلق باسم الحرية إلى المهاوي التي انزلق إليها الغرب وان يظل مؤمنا بخالق السماوات والأرض وما بينهما ولا يدفعه الغرور إلى الإيمان بنفسه ويتصور انه قادر على كل شيء والحرية التي يتشدق بها الغرب انتهت به إلى الهمجية والبعد عن كل معاني الإنسانية فالحروب اليوم التي نسمع عنها والتي عشنا منها حربين عالميتين اتسمت بالتدمير الشامل والقتل الجماعي واستعمال الغازات السامة وفي جعبة العسكريين سموم جديدة أشد فتكا وتنكيلاً من الغازات على اختلاف أنواعها.. الحرية التي لا تقول هذا حلال وهذا حرام هي حرية الوحوش في الغابات والبدائيين في الأحراش وأما المتمدنون والمتحضرون فان الحرية المقيدة المنظمة هي التي هيأت لهم حياة الرغد والأمن والنماء والتعاون.
والإسلام لا يعارض طبيعة المخلوقات وقوانينه لا تعطل شيئاً من غرائز الحياة ولكنها تهذبها وتقيدها حتى لا تكون عدواناً، والمتوحش تقوده غرائزه، ولكن المتمدن يمشي في ضوء تعاليم الدين، والقرآن الكريم يصور الحالين أبدع وأصدق تصوير إذ يقول:
{ (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) }
جئت بهذه المقدمة لأحذر ناشئتنا وبخاصة الذين يدرسون في أوروبا وأمريكا من بريق الحضارة الأجنبية فانه مجرد بريق ومن ورائه الكوارث الاجتماعية وكل ألوان الإجرام وان شيئاً من ذلك مع الأسف الشديد بدأ يظهر في بعض البلاد العربية والإسلامية ومفتاح الشرور هو الحرية التي يطلبونها للمرأة وفيها ضياع كرامتها وتحطيم بيتها وتشتيت أولادها وكم أتمنى على الأستاذ أحمد محمد جمال ان يخرج للشباب كتاباً عن المرأة المسلمة بأسلوبه الهادئ الأنيق الرشيق، وان ما قرأته له في جريدة الرياض الغراء منذ أيام يرشحه لهذا العمل المبرور. في المناسبات التي كان يتاح لنا فيها ان نتكلم عن مجتمعنا الإسلامي ونحن نحصل في أوروبا كان أصدقاؤنا من الأوروبيين لا يصدقون أسماعهم لأن الأسرة الأوروبية فقدت صلة الرحم منذ زمن بعيد.
لست في الأدب.. محمد علي كلاي
أحب ان يعلم القراء عني أني كاتب من الوزن الخفيف لا أحب الأعماق والأغوار لأني أفضل عليها الشمس والهواء ولكني مع ذلك صاحب عمق وغور في طب الأطفال لأني أحب مهنتي التي أعيش لها وأعيش بها ولأن التقصير في هذه المهنة قد يفضي الى مأساة.
محمد علي كلاي تملك قبضته الضربة القاضية وقلمي لطيف اللمس لا يصدم ولا يكدم فضلا عن ان يجرح أو يحطم وقبضة بطل الملاكمة تكسبه ملايين الدولارات وقلمي لا أكسب منه ان كسبت شيئاً غير قليل من الثناء فأنا كاتب مناوش أصول وأجول في المعارك الصغيرة ولا أجد حرجاً في التراجع عن لأي رأيته إذا اتضح لي أني جانبت الصواب. والأدب عندي من مسائل التذوق لا يحتكم فيه الى قياس عقلي، فالدكتور طه حسين يحب أبا تمام والعقاد بين الشعراء وغيره لا يقدم أحدا على ابن الرومي وأنا أرى ان شوقي سيدهم جميعا واختلافنا في المذاق الأدبي لا يختلف كثيرا عن مذاقنا لأصناف الطعام فكما ان لكل لون من الأكل مذاقاً فكذلك الأدباء لكل أديب مذاقه الذي يميزه، فيحبه ويعجب به ناس ويمجه ولا يستسيغه آخرون بل ان الكاتب الواحد قد تحبه اليوم وتكرهه غدا وليس ذلك لأنك متقلب المزاج ولكن لأنك فهمت شيئاً جديداً أو طرأ على ثقافتك تطور أحدث عندك تعديلاً في المقاييس.
أحب أن أكون كالطير أتنقل على كل غصن وأغني للزهر والفراشات وشروق الشمس وغروبها وللنسيم العليل وأجعل حياتي كلها أغنية تسيل ألحانها كما يسيل ماء الغدير الصافي وأحب ان أكون كالنحلة أقطف رحيق الأزهار لأصنع لحياتي عسلا يقيني بعض مرارات الحياة أحب الرفق واليسر والبعد عن المنغصات مثل عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.
سيضحك القراء إذا قلت لهم ان في مزرعتنا الصغيرة قرب القاهرة صنوفاً من الحيوانات الزراعية وكنت شديد التعلق بصغارها وكان من بينها حمار صغير أبيض، ما تتمثل الخفة والرشاقة في حيوان صغير بقدر ما تتمثل فيه وأكثر.
ما كنت أحب فيه قوائمه الدقيقة وقوامه المتناسب اللطيف وانتصاب أذنيه وكنت أطعمه البسكوت وقطع السكر وأسقيه كل صباح ثلاث كاسات من الشاي، لقدكان صديقا أنيسا أراكضه والاعبه بين الحين والحين وكان كبار رجال الاسرة ينظرون الى شزرا ويتساءلون في استغراب عن قريبهم الدكتور الذي تجاوز عمره الخمسين عاما كيف يهتم بهذا الحيوان الصغير ويدلله كأنه طفل آدمي، انهم مقلدون يتحركون كالدمى لأن عقولهم صنعتها التقاليد ولأن مفاهيمهم عن الحياة مصبوبة في قوالب أشد صلابة من الحجارة. التزمت والجمود من أثر العقد المتراكمة وأنا طيلة عمري أكره التزمت والمتزمتين وأضيق بالجمود والجامدين وأعلن على رؤوس الاشهاد اني أحب هذا الحمار الصغير لان فيه من الاطفال عفوية وانطلاقا، اني أريد ان اكون حسني الطاهر ولا شيء غير حسني الطاهر لان سعادتي تكمن في تحقيق ذاتي وليست في تحقيق الذات التي يريدها الآخرون.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved