Wednesday 12th november,200311367العددالاربعاء 17 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«طاش» والسهم الطائش «طاش» والسهم الطائش

الزميل الأستاذ عبدالرحمن السماري نبتة صحراوية قادرة على الصمود والتصدي.. وقابلة للمواجهة والتحدي.. من زاويته اليومية «مستعجل» أشتم رائحة العرار والصبار، والحنظل ووخزات الأشواك.. ليس عيباً أن يكون الإنسان المزيج من طبيعته ومن طبعه.. من خطئه وصوابه.. من هدوئه وغضبه.. كلنا ذلك المخلوق المتآلف المتخالف.. المحكوم بعقله وتميزه تارة.. وبعاطفته الجانحة إلى الرفض المرفوض والمفروض تارة أخرى.
هذه النبتة الصحراوية السمارية الطيبة المتعبة في آن واحد فتحت لدي الشهية أن أقترب منها حباً لها.. وحفاظاً عليها من أن تطأها أقدام لا تعرف للنبتة قيمة.. ولا ثمرة.. ولا شجرة.. وإنما شجار متداخل يعري الأوراق.. ويعصف بمفهوم الوقاية والتلاقي.. دون توافق..
الزميل السماري النبتة الطيبة وخزت بأشواكها في قسوة أقدام أخوين كريمين.. كبيرين في عملهما.. «عبدالله السدحان» و«ناصر القصبي» بل إنها مدت شبكتها العنكبوتية في ضراوة لا ترحم لبرنامجهما الفني الرائع - طاش ما طاش.
ليس تحزباً مني لهما.. ولا لبرنامجهما.. وإنما قناعة بأن القصبي والسدحان قدما عبر الأحد عشر عاماً عملاً مميزاً يخاطبان به ومن خلاله عقل المتلقي عبر مشاهد وشواهد درامية وكوميدية تغوص في أعماق المجتمع محاولة الكشف عن بعض جوانب ضعفه..
اتهمه كاتبنا الكريم بأنه يدور في حلقة مفرغة.. هذا صحيح.. والأصح منه أننا جميعاً ندور في تلك الحلقة المفرغة بما فيهم كاتب هذه السطور، وأنت أيضاً.. إننا يا صديقي نجتر كلماتنا.. ونستعيدها دون كلل أو ملل.. نحن لا نختلف عن «طاش ما طاش» فكلنا طائشون في فضائيات الحلقات المفرغة..
كاتبنا الكريم أخذ على الثنائي السدحان والقصبي اصرارهما على أن البرنامج برنامجهما فقط.. وهذا صحيح.. البرنامج برنامجهما منذ البداية ومن حقهما الاحتفاظ بخط سيره.. وخط منهجه.. تماماً كما يحافظ أي كاتب منا على زوايته.. وأي موظف على وظيفته .. وأي عامل على عمله.. من حقهما اختيار من يأنسا فيه القدرة على انجاح العمل.. وأداء الدور المطلوب منه كما يختار أحدنا سائقه.. أو عامله الذي يتعامل معه..التكرار الذي ضاق ذرعاً به الصديق السماري ضرورة للتذكير وتنشيط الذاكرة.. إن الكثير من اسقاطاتنا الاجتماعية والأسرية والانسانية كبشر تحتاج إلى متابعة هادفة هادئة سعياً إلى الحل.. وما أظن حلقة منذ عشرة أعوام كافية للمعالجة.. هذا لو أننا سلمنا بنظرية التكرار التي أشار إليها الناقد أذكره.. وما أظن شيئاً من هذا يغيب عن ذهنه ككاتب ومثقف ومتابع لما ينشر.. أذكره بأن ديوان شعر واحد أو كتاب نثر واحد لأي أحد يدور حول فلك الحب.. الحب.. الحب.. المضمون واحد.. أما العناوين فمختلفة.. ومع هذا لا يؤاخذ عليه ذلك الشاعر أو الناثر.. لأن الحياة الحب.. والحب الحياة منهما تتشابك الخطوط.. وتتقاطع مليئة بالدموع والحرمان.. وأحياناً بالرضا والابتسامة.. ولكي نصل إلى مرحلة الرضا الاجتماعي لابد من طرق الباب بشكل متواصل حتى يفتح دون اثارة أو استشارة لمشاعر أحد..
كاتبنا السماري أخذ على الثنائي القصبي والسدحان عدم احتفاظهما بفريق العمل الفني.. والابقاء فقط على مبتدئين..
نحن أيضاً نمارس هذا الحق داخل صلاحياتنا وخصوصياتنا.. حين لا نجد عاملاً أو موظفاً متعاونا نستبدله بآخر.. هذا من الوجهة النظرية.. أما العملية فإن رؤيتي تختلف عن رؤية السماري..
وهي إن الكثيرين ممن حصلوا على النجومية واشتهروا في أي عمل يختارون الاستقلالية ويفضلونها.. وكل مشاهير العالم، وكل علماء العالم كانوا طلاباً انتهت بهم المعلومة والتجربة إلى الاستاذية.
كاتبنا السماري بنبتته الصحراوية لم يرحم جهد العاملين ولا العمل.. وصف مسلسل «طاش» بأنه تافه.. ليس له معنى.. ليس له روح.. لا يعالج قضية.. ولا يتناول مشكلة.. ولا يرمي لهدف.. ولا يقدم للمشاهد غير تضييع الوقت في اللامفيد!!
لم يبقِ كاتبنا على شيء، أجهز على كل شيء.. وتلك سقطة وقع فيها.. وخطأ.. وتجني بل وتحامل ما كان لكاتب يحترم نفسه ونزاهة حرفه أن يقع فيه.. له رأيه.. وللآخرين رؤيتهم وروايتهم.. ولن يضير البرنامج أن يعترض عليه ناقد أو أكثر.. يضيره فقط حين يتخلى عن رسالته وبالتالي يتخلى عنه جمهوره.. وجمهور «طاش ما طاش» ما برح في متابعة موصولة لحلقاته لأنها أفضل وأجمل ما قدمته وزارة الثقافة والإعلام وحرصت على استمراريته..
صديقنا السماري استكثر علينا هذا البرنامج الشيق الذي نلتم حوله صغاراً وكباراً رجالا ونساء لأنه يخاطبنا من دواخلنا.. ويضحك علينا ونضحك عليه.. بدلاً من أن تتجه الأبصار إلى قنوات أخرى تقدم العبث، والسفه وازدراء الفضيلة والحشمة.
اعتذر يا صديقنا السماري.. أو اعتزل عن مشاهدته والتهجم عليه فنحن في شهر أحوج ما نكون فيه إلى مراجعة النفس.. وكبح جماح العاطفة..
دع لغيرك خيارهم دون وصاية أو فرض رأي يتعارض مع اختياراتهم المشروعة.. أما امنيتك المدهشة في أن نشاهد أو تسمع تحركاً سريعاً حول هذا البرنامج الممل على حد قولك.. فأمر يدعو إلى الاستنكار والأسف لأنه استعداء على عمل فني تقوم بانتاجه الدولة تمويناً واشرافاً.. وتحرص على استمراريته..
أقول للزميل الكريم عبدالرحمن السماري كل عام وأنت بخير.. وكل عام ونحن جميعاً دعاة وصل وتواصل.. بأقلامنا.. وبإقدامنا.. وبأقدامنا دعاة حياة إلى الأفضل.. والأمثل..أذكر نفسي وإياه.. تلك الحكمة: «زلة قدم ولا زلة قلم» وقانا الله جميعاً شر عثرة أقلامنا وأقدامنا أما إقدامنا نحو عمل إعلامي مجتمعي من أجل التواصل والتكافل بين أبنائه فلا شر فيه

سعد البواردي
الرياض: ص.ب:231185/الرمز: 11321/فاكس: 2053338

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved