كنت واحداً من أكثر المستفيدين - ومعي في ذلك جيل بأكمله - من كوكبة «الطفرة» في التدريس التي شهدتها بلادي لتشمل «معلمين» من سائر أرجاء الوطن العربي الكبير آنذاك.
وقد حظيت المادة العربية الشهيرة التي تعنى باللغة بكوادر تذكرني بذلك الحس الذي «غمرَ» شوقي ليحفز كل طلبة العلم العرب الى الانحناء «تبجيلاً» لذلك الذي كاد يكون «رسولاً».
إنه معلم اللغة العربية ما جاورها من أدب وانشاء وفصاحة وبلاغة وحس يفوق أحاسيس الشعراء، انه ذلك المنصوب كنصب الجندي المجهول وما يعنيه لكل الشعوب التي رمت بأبطالها الى أفران الحروب من أجل ان تبقى حرة مستقلة.
أقدم الآن اعتذاراً خطياً لا يقبل النقض أو الوقف أو الاستئناف - معي في ذلك جيل بأكمله - وبتفويض كامل معلن لكل أولئك الذين قدموا أنفسهم كي تبقى اللغة العربية آمنة مطمئنة، فاللغة العربية لغة «تلهب» المشاعر أي تصل بها الى حد الغليان ومن ثم الاحتراق، فالاشتعال، ثم يبدأ هذا الأخير باثارة اللهب حتى تخرج الكلمة في شكلها الذي ترونه على المائدة، إنها لغة أشهى من اعلان الحب على امرأة، لاحظوا الكلمة التي ستسبق «التبجيلا»، إنه أمر يلي أمر القيام مباشرة، «وفّهِ» أي أوفه ما عليك، والوفاء لا يكون إلا بسداد الدين الذي نادى شوقي بسداده نظير ما قدمه المعلم من حس هو الأقرب لأحاسيس السلام الوطني، كما أطلب - ومعي في ذلك جيل بأكمله - أن تتحرك مباحث التكريم باتجاه «عقود» قليلة مضت بحثاً عن كل أولئك الذين نادى أمير الشعراء بتبجيلهم كي نعلن «الوفاء» في وجه شوقي وأمثاله من الكبار.
(*) مدرس لغة عربية
|