كلنا تقريباً اطلعنا على ضحايا مجمع المحيا وعلى بيان بأسمائهم وجنسياتهم. لا أعتقد أن أي منظمة لها أي دعاوى سياسية عروبية أو إسلامية يمكن ان تتعمد قتل السودانيين أو المصريين أو اللبنانيين. فالسودانيون أو المصريون أو اللبنانيون هم نحن. ومن يتجه إليهم هو في طريقه «حتماً» إلينا. من الواضح ان هناك تغييراً في الاستراتيجية. فكما نقرأ من التفجير الأخير فالمسألة لم تعد حرب أفكار أو حرب عقائد وإنما هي استهداف لأغراض سياسية داخلية: الإخلال بالأمن زعزعة الاستقرار وبالتالي لم تعد المسؤولية مسؤولية الحكومة وأجهزة الأمن. فأجهزة الأمن تقف مسؤوليتها عند إلقاء القبض على الفاعلين وتقديمهم للعدالة. لكن إنتاج هؤلاء وتوفير الشباب لإنجاز هذه الأعمال الإجرامية مسؤولية البيت. مسؤولية الأم والأب. فكل أب يوجد في بيته الآن شاب صغير أو متوسط العمر هو مرشح بحكم السن للاستدراج وغسل الدماغ.
لقد انتهى عهد السذاجة والطيبة والثقة، فهؤلاء الإرهابيون قدروا على خداع أكبر أجهزة المخابرات العالمية ولا أظن أنهم غير قادرين على خداع الأب الطيب. لا يمكن لأي أب أن يميز بين أهل الصلاح وأهل الشر. فالمسلم الصادق يمكن ان يطيل لحيته والمجرم أيضا لديه القدرة على إطالة لحيته. وبالتالي لا توجد مقاييس شكلية يمكن ان نعرف منها الطيب من البطال. الشيء الوحيد الذي يمكن ان نثق فيه هو العودة إلى جذورنا الدينية. النقاء الإسلاميّ بعيدا عن هذا الضجيج الذي صم آذاننا العشرين سنة الماضية. هناك سلطتان لا ثالثة لهما على ابني وابنك: البيت والمدرسة. يجب ان لا يكون لأي إنسان في الدنيا أي سلطة أو قدرة على توجيه ابنك غيرك وغير والدته. كلمتك هي الأولى وكلمتك هي الأخيرة يتلقى التوجيه منك، أما العلم والمعرفة فيجب ان يتلقاها من أستاذه في المدرسة وليس من أي مكان آخر مهما كان هذا المكان. ففي الأمور الدينية عليك بعد الآن إلا تثق إلا في الكتب المدرسية التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم. لأنك ك «غير متخصص» لا يمكن ان تختبر الكتاب أو النشرة أو الشريط الصالح من الطالح لذا من باب السلامة لابنك دينياً ودنيوياً جنبه أي مصدر للمعرفة الدينية من خارج المدرسة أو البيت. فبيتك كسعودي بيت فطرة ولا يحتاج إلى إضافة. تذكر انك أنت وأبوك وجدك تشربتوا الإسلام بدون أشرطة وبدون مطويات وبدون تجمعات وشلل واستراحات.
إذا كنت تثق ان بيتك على الفطرة وهو كذلك إن شاء الله فلا داعي ان يأتي من يضيف إليك. ليست محنتنا الحالية وافدة من الخارج انها مسألة سعودية داخلية علينا مواجهتها بصراحة وأمانة مع النفس. نزع سلطة أي موجه ثقافي على الشباب من خارج البيت والمدرسة. هناك مدرستان فقط يتعلم منهم الشباب دينهم ودنياهم. المدرسة الأولى هي البيت والمدرسة الثانية هي المدرسة التي تديرها وتشرف عليها وزارة التربية والتعليم. وأي توجيه أو تعليم أو تلقين خارج هذين المصدرين يجب ان يتوقف. عليك ان تمنعه من دخول بيتك.
فالمدرسة لم تفتح لتكون ناقصة. المدرسة هي المكان الحيد الذي يجب ان يزود الطالب بكل ما يحتاجه من علوم دينية ودنيوية. وهي المكان الوحيد الذي يعد الشباب والأطفال للمستقبل. لا يسانده أي جهة سوى البيت. فالتعاون بين البيت والمدرسة هو طريق السلامة لأبنائنا ووطنا. أي تدخل من أي جهة مهما ادعت ومهما تلبست لبوس الورع هو الطريق الذي قادنا إلى هذه المحنة التي نواجهها اليوم.
إذا كان هناك من يرى ان المدرسة لا تغطي كل ما يحتاجه أبناؤنا من تعليم «تحفيظ القرآن أو تزويد الأطفال ببعض العلوم الدينية النافعة. فالذي يرى هذا الرأي عليه مطالبة وزارة التربية والتعليم بالعمل على تحقيقه. فالحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم هي الجهة الوحيدة المخولة تقديم المعرفة للناس. وهي المسؤولة عن تعليمنا وعلينا ان نضغط عليها كما نفعل مع وزارة المياه إذا احتجنا لمزيد من الماء وكما نضغط على الاتصالات عندما نحتاج خطوط تلفونات إضافية. لا نسمح لأي أحد أن يتبرع ويفتح مركزاً ثقافياً أو دينياً لتلقين صغار السن ما يريده. فنحن في دولة تتوفر على حكومة مركزية قوية ووطنية وفيها الخير.
إذا أردت سلامة ابنك وسلامة وطنك فعليك ان تصون ابنك وتمنع عنه أي مصدر تعليمي من خارج البيت أو المدرسة. وان تمنعه من الانخراط في أي تجمعات مهما بدت نظيفة ونقية. فابنك يجب ألا يوجهه سوى أنت وأمه في البيت وأستاذه في المدرسة.. فأي سعودي هو مسلم ابن مسلم وتراث أي بيت سعودي هو تراث إسلامية صرف لم يشوبه أي شائبة. كل إنسان ينتسب لهذا الأرض هو مسلم حقيقي لا يحتاج إلى حملات توعوية ومطويات وأشرطة وغيرها. فما يرضعه الطفل من ثدي أمه في السعودية هو الإسلام. أول ما يصرخ الطفل يسمع لا إله إلا الله محمد رسول الله وكل مراحل حياته متوجهة بهذه الكلمة العظيمة ولا يحتاج إلى كتيبات ومطويات وكاسيتات لتعزيز وجدانه الإسلامي. والله من وراء القصد.
فاكس 4702162
|