Wednesday 12th november,200311367العددالاربعاء 17 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حذّر من التجرؤ على حدود الشرع بالتكفير أو التفسيق.. سماحة المفتي: حذّر من التجرؤ على حدود الشرع بالتكفير أو التفسيق.. سماحة المفتي:
أحداث الرياض ومكة تتنافى مع روح الدين وصريح تعاليمه

* الرياض - واس:
وصف سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الأحداث الاجرامية التي وقعت في مدينتي الرياض ومكة المكرمة وروعت المسلمين بأنها تتنافى مع روح الدين وصريح تعاليمه وتدمي قلب كل مسلم خصوصا وانها وقعت في شهر رمضان المبارك مبينا حرمة البلد الأمين وخطورة الالحاد في الحرم وترويع الآمنين في البلد وكيف ان ذلك أمر يحرمه الاسلام أشد التحريم وان حرمة البلد الأمين أمر مستقر في فطرة المسلمين مستدلا بقوله تعالى {إنَّ أّوَّلّ بّيًتُ وٍضٌعّ لٌلنَّاسٌ لّلَّذٌي بٌبّكَّةّ مٍبّارّكْا وّهٍدْى لٌَلًعّالّمٌينّ (96) فٌيهٌ آيّاتِ بّيٌَنّاتِ مَّقّامٍ إبًرّاهٌيمّ ومّّن دّخّلّهٍ كّانّ آمٌنْا} وقوله تعالى {وّإذً جّعّلًنّا البيت مّثّابّةْ لٌَلنَّاسٌ وّأّمًنْا} فأمن بيت الله الحرام أمر مفترض على المسلمين شرعا.. يقول صلى الله عليه وسلم «ان هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض ولم يحرّمه الناس وانه حرام بتحريم الله له الى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا ينفر صيده ولا يختلى خلاه ولا يسفك فيه دم» وقال: «ان الله أحلها لى ساعة من نهار ثم عادت حرمتها كما كانت» مبينا ان هذه الرخصة فقط لرسوله صلى الله عليه وسلم ولا تحل لأحد غيره.
وأبان سماحته في برنامج «لقاء اليوم» الذي بثته اذاعة القرآن الكريم بالمملكة أمس الأول ان حرمة البيت الحرام مستقرة في نفوس المسلمين وانه بلد من دخله كان آمنا ويجب ألا يمس بسوء لأنه في أشرف بقعة وأقدسها مفيدا ان من نوى السوء في الحرم يعتبر مفسدا وان لم يفعل فكيف اذا سعى في ذلك مستشهدا بقوله تعالى {وّمّن يٍرٌدً فٌيهٌ بٌإلًحّادُ بٌظٍلًمُ نٍَذٌقًهٍ مٌنً عّذّابُ أّلٌيمُ }.
وقال سماحته: «فأولئك المفسدون في حرم الله المروّعون للآمنين المصلين الصائمين أولئك من الملحدين في حرم الله وليسوا على هدى وانما هم أعوان للشيطان. {اسًتّحًوّذّ عّلّيًهٌمٍ الشَّيًطّانٍ فّأّنسّاهٍمً ذٌكًرّ اللّهٌ أٍوًلّئٌكّ حٌزًبٍ الشَّيًطّانٌ أّلا إنَّ حٌزًبّ الشَّيًطّانٌ هٍمٍ الخّاسٌرٍونّ}.
واستعاذ سماحة مفتي عام المملكة بالله العلي القدير من زيغ القلب ومن الضلال بعد الهدى.. مبينا انه من المصيبة استحسان الباطل.. قال تعالى {أّفّمّن زٍيٌَنّ لّهٍ سٍوءٍ عّمّلٌهٌ فّرّآهٍ حّسّنْا}. وقال سماحته: «ان حرمة دماء المسلمين أمر معروف في الشرع لأن سفك الدماءبغير حق كبيرة من أعظم الكبائر وهي مفسدة تلي الشرك قال تعالى {وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا وّغّضٌبّ الله عّلّيًهٌ وّلّعّنّهٍ وّأّعّدَّ لّهٍ عّذّابْا عّظٌيمْا} وورد في الحديث «لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما».. فالدم الحرام «والعياذ بالله» سبب لفساد القلب وضعف الايمان فليحذرالمسلم من ان يقدم على هذه الجرائم.. ليحذر ان يلقى الله وقد سفك دماءالمسلمين بغير حق.. ليحذر المسلم من ذلك.
وأكد سماحته ان هذه الجرائم لا يقدم عليها من يخاف الله ويرجوه ومن في قلبه ايمان لأن الاقدام على هذه الجرائم أمر خطير حيث ان من استحل دماء المسلمين وأعتقد حل دمائهم وأموالهم بغير حق فهذا كفر مبينا ان استحلال دماء المسلمين واستحلال أموالهم وحل سفك دمائهم بغير حق كفر وردة عن الاسلام لأن المسلم يعظم دماء المسلمين فالذي يستحلها بغير حق ويسلك الطرق الملتوية في استباحة دماء المسلمين فإن في قلبه مرضا اذ لو كان مؤمنا حقا يخاف الله ويتقيه لما أقدم على ما أقدم عليه من هذه الجرائم من ترويع الآمنين وتدمير ممتلكاتهم.
وقال سماحته ان المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم.. فليس بمؤمن من لم يحترم دماء المسلمين وليس بمؤمن من لم يحترم أموالهم وليس بمسلم من لم يكف لسانه ويده عن اخوانه المسلمين.
وحذر سماحته من التجرؤ على حدود الشرع من خلال تكفير أو تفسيق أو تبديع الناس وقال: «ان بعض اولئك أقدموا معتقدين كفر هذا وفسق هذا أو ضلال هذا فهذه الاعتقادات القلبية لا تزال بهم حتى تظهر افرازاتها القبيحة بالاقدام على الاجرام».
وأوصى سماحته المسلم بتقوى الله وألا يقدم على أمر حتى ينظر في الكتاب والسنة نظر المتأمل الصادق محذرا من الاغترار والانخداع بالآراء والأقاويل المبنية على الدجل والافتراء حتى يستحل دماء الناس وأموالهم فيقدم على ما يقدم عليه يظن انه على خير وهو على خسارة لقوله تعالى {قٍلً هّلً نٍنّبٌَئٍكٍم بٌالأّخًسّرٌينّ أّعًمّالاْ (103) الّذٌينّ ضّلَّ سّعًيٍهٍمً فٌي الحّيّاةٌ الدٍَنًيّا وّهٍمً يّحًسّبٍونّ أّنَّهٍمً يٍحًسٌنٍونّ صٍنًعْا} .
وقال:«الخوارج - أعداء الله - لما فهموا النصوص على غير فهمها ولم تتسع صدورهم للجمع بين نصوص القرآن استحلوا دماء المسلمين فحكموا بكفر الصحابة وحل دمائهم وأموالهم ثم قاتلوهم وحكموا بأن علي بن أبي طالب كافر وان طلحة والزبير كذلك وان معاوية كافر وبالنتيجة استحلوا دماءهم وأموالهم لأنهم يرونهم كفارا.. وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.. ان هذا التأويل الخاطئ والتأويل السيئ والتقليد الأعمى لبعض من لا بصيرة ولا علم عنده يدعوهم الى الوقوع في هذه المهالك».
وأوضح سماحة مفتي عام المملكة موقف الشرع من قتل النفس وهو المنع مستدلا بقوله تعالى {وّلا تّقًتٍلٍوا أّنفٍسّكٍمً إنَّ اللهّ كّانّ بٌكٍمً رّحٌيمْا} وقال عليه الصلاة والسلام «من قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة» وقال «من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».
وعدّ سماحته قتل النفس - والعياذ بالله - جريمة وقال: «كيف تقتل نفسك.. يقتل نفسه لأنه - والعياذ بالله - قد اغتر بالباطل وانخدع بالآراء المضللة فيريد ألا يكشف حال أعوانه من المجرمين فيقتل نفسه فيعجلها لنار الله جل وعلا.. فليحذر المسلمون من هذا.. فنفسك أمانة عندك لا يجوز التفريط فيها ولا إلحاق الضرر بها».
وحذر سماحته من هذه الجرائم ووصفها بأنها أخلاق سيئة لا يعرفها المسلمون وانما هي أخلاق من لا ايمان عنده.. فالاسلام يدعو الى الثبات واحتساب الأجر لو أصابه البلاء ولهذا نهى المسلم عن تمني الموت فكيف عن الاقدام على قتل النفس - والعياذ بالله-.
وحث سماحته شباب المسلمين على الاستقامة على طاعة الله والابتعاد عن الدعايات المضللة والأفكار المنحرفة واذا أشكل عليهم شيء ان يسألوا أهل العلم حتى لا يقعوا في هذا الباطل.. وعلى من أبتلي ان يتوب الى الله توبة نصوحا وان يعزم على ألا يعود والندم على ما مضى وقال: «ياشباب الاسلام أحذركم من دعاة الباطل.. أحذركم من دعاة السوء.. أحذركم من دعاة الفرقة من الذين يسعون في الأرض فسادا من الذين يريدون بكم الضرر في دينكم ودنياكم من أناس ليسوا ناصحين لكم ولا محبين الخير لكم ولكن يريدون ان يوقعوكم في هذه المتاهات.. احذروهم والزموا الطريق المستقيم .. قال تعالى {وّأّنَّ هّذّا صٌرّاطٌي مٍسًتّقٌيمْا فّاتَّبٌعٍوهٍ وّلا تّتَّبٌعٍوا السٍَبٍلّ فّتّفّرَّقّ بٌكٍمً عّن سّبٌيلٌهٌ} .
ونبّه سماحته من خطر الخروج على جماعة المسلمين وشق عصا الطاعة لولاة الامورمبينا ان الله يرضى ان نعبده ولا نشرك به شيئا وان نكون صفا واحدا وأمة واحدة وان نناصح من ولاه الله أمرنا نصيحة حقيقتها الوقوف معهم في جانب الحق وتأييدهم في جانب الحق والتعاون معهم على البر والتقوى ليكون بين الولاة والمواطن ارتباط وثيق وصلة قوية للتعاون لأن المصلحة والخير للجميع.. وقد أمرنا الله تعالى بطاعة ولاة أمرنا فقال جل شأنه {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا أّطٌيعٍوا اللّهّ وّأّطٌيعٍوا الرّسٍولّ وّأٍوًلٌي الأّمًرٌ مٌنكٍمً} وقال عليه الصلاة والسلام «من مات وليس في عنقه بيعة فميتته ميتة الجاهلية» مؤكدا سماحته ان طاعة ولاة الأمر أمر واجب والالتفاف حولهم به قوام الدنيا والآخرة وليس من يعتقد خلاف ذلك، استشهد بقول الحسن رحمه الله «ان الولاة رحمة من الله بهم يقيم الله الحدود وبهم يحفظ الله الثغور وبهم ينتصف للمظلوم من ظالمه وبهم تقام الجمعة والاعياد».
وتابع يقول «من تابع الولاة ومكانة الولاة رأى كيف ان الاسلام دعا الى الاجتماع وحرّم الخروج..» وقال: «من أتاكم وأمركم مجتمع يريد ان يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان» لأن الواجب عليها قطع دابر الفساد واجتماع الكلمة ووحدة الصف فبالاجتماع يكون الخير وتحصل البركة والأمن والاطمئنان.. والمسلم ينصح ويوجه ويدعو الى الخير.. ان رأى خطأ سعى في الاصلاح بالتوجيه والنصيحة فيما بينه وبين أي مسؤول ويكون قصده حسنا وحب الخير لا قصده التشهير ولا الاضرار.. فإن المسلم لا يشيع الشر والفساد وانما يشيع وينشر الخير قال تعالى {إنَّ الذٌينّ يٍحٌبٍَونّ أّن تّشٌيعّ الفّاحٌشّةٍ فٌي الذٌينّ آمّنٍوا لّهٍمً عّذّابِ أّلٌيمِ فٌي الدٍنًيّا وّالآخٌرّةٌ}.
وبيّن سماحته ان المؤمنين بعضهم أولياء بعض والمؤمن ولي لأخيه المؤمن مما يقتضي منه محبته لأخيه المؤمن وسعيه في ايصال الخير اليه ونصحه وتوجيهه واعانته على الخير وتجنيبه طريق الشر والبلاء مصداقا لقوله تعالى {وّالًمٍؤًمٌنٍونّ وّالًمٍؤًمٌنّاتٍ بّعًضٍهٍمً أّوًلٌيّاءٍ بّعًضُ يّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّيٍقٌيمٍونّ الصَّلاةّ وّيٍؤًتٍونّ الزّكّاةّ وّيٍطٌيعٍونّ اللهّ وّرّسٍولّهٍ أٍوًلّئٌكّ سّيّرًحّمٍهٍمٍ اللّهٍ إنَّ اللهّ عّزٌيزِ حّكٌيمِ} .
وأوضح سماحته ان هذه الموالاة تقتضي من المؤمن النصح لأخيه والمحبة ونصرته ان كان مظلوما بأن يعينه على استرجاع حقه ونصرته وان كان ظالما بأن يردعه عن الظلم ويذكره الله والدار الآخرة مصداقا لما جاء في قوله تعالى {إنَّمّا پًمٍؤًمٌنٍونّ إخًوّةِ} مبينا ان المؤمنين إخوة فيما بينهم وهي أخوة الدين التي فوق أخوة النسب فهي أخوة الايمان والاسلام.
وقال سماحته «ان الله تعالى يقول لنا {وّاعًتّصٌمٍوا بٌحّبًلٌ الله جّمٌيعْا وّلا تّفّرَّقٍوا} فأمرنا بالاعتصام بحبله وهو دينه الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم وان نجتمع على ذلك ولا نتفرق {وّلا تّفّرَّقٍوا} وذكرنا نعمته بقوله تعالى {وّاذًكٍرٍوا نٌعًمّتّ اللهٌ عّلّيًكٍمً إذً كٍنتٍمً أّعًدّاءْ فّأّلَّفّ بّيًنّ قٍلٍوبٌكٍمً فّأّصًبّحًتٍم بٌنٌعًمّتٌهٌ إخًوّانْا} فبالاسلام صرنا اخوانا.. وبالايمان صار بعضنا ولياً لبعض وبعضنا يشد عضد البعض وبعضنا يقوي البعض {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا إذّا لّقٌيتٍمً فٌئّةْ فّاثًبٍتٍوا وّاذًكٍرٍوا الله كّثٌيرْا لَّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ (45) وّأّطٌيعٍوا اللهّ وّرّسٍولّهٍ وّلا تّنّازّعٍوا فّتّفًشّلٍوا وّتّذًهّبّ رٌيحٍكٍمً} فالتنازع سبب للفشل وسبب لتمكين الأعداء وسبب لزوال النعم وسبب لحدوث البلاء مؤكدا ان اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتراص الصفوف سبب للقوة والثبات أمام كل الأزمات والشدائد.
وألمح سماحته الى وجوب اخذ العبرة والفائدة من نتاج الأحداث وان تكون سببا لارتباطنا واجتماع كلمتنا وتعاوننا فيما بيننا كذلك تدارس الأوضاع الخاصة بنا وبيان أسباب الخلل لكي نتداركها بتوفيق من الله وليكن ذلك عن نية صادقة واخلاص ومحبة للخير ومد يد العون مع الولاة في التعاون على البر والتقوى حتى نكون أمة واحدة.
وقال سماحة مفتي عام المملكة «الأخطاء وحصول الأخطاء أو وجود الاخطاء مني ومن فلان وفلان.. هذا أمر لا يمكن تلافيه فالأخطاء موجودة قديما وحديثا لكن المسلم أمام الشدائد يحاول بقدر ما يمكن جمع الكلمة وسد الخلل وتوحيد الصف وان نكون أمة واحدة حتى لا يجد العدو فينا مطمعه.. ان أعداءنا يستهدفون ديننا قبل كل شيء يستهدفون هذا الدين لأن - لا سمح الله - اذا تخلينا عن ديننا فإن ذلك خسران لنا في الدنيا والاخرة».
ومضى سماحته يقول «انهم يستهدفون أمننا هذا الأمن الذي نعيشه في طمأنينة وراحة والواحد منا ينتقل شمالا وجنوبا ومن أقصى الشرق الى الغرب.. يستهدفون هذا الأمن الذي تنعم به هذه البلاد فهي غريبة من بين دول العالم.. يستهدفون خيراتنا ونعم الله التي تفضل بها علينا هذه النعم التي يعيشها أبناء هذا البلد ويعيش معهم أضعافهم من العالم.. جاءوا لطلب المعيشة فعاشوا في ظل هذا الأمن والطمأنينة والاستقرار لا ظلم ولا عدوان ولكن عدل ولله الفضل والمنة.
وأكد سماحته ان اجتماع الكلمة ووحدة الصف والوقوف مع الولاة وقفة صدق واخلاص هي بتوفيق من الله سبب لمحاصرة الاجرام والأخذ على أيدي المجرمين وقطع طريق الرجعة عليهم حتى لا يجدوا لهم ملجأ ولا مكانا.. ويجدوا الأمة متكاتفة متعاونة مرتبط بعضها ببعض مذكرا كل مسلم بواجب أمته عليه، بواجبه أولا بالصدق مع الله في التعامل معه سبحانه وان يكون صادقا في أمته فلا يكون معينا للمفسدين فإن من الكذب ان تعين المفسد أو المزور أو من يروج الباطل أو من يسعى في الأرض فسادا.
وحذر مفتي عام المملكة الشباب من الانسياق خلف الأفكار المنحرفة والتي تسعى الى التفرقه بين المسلمين وان يميزوا بين الصح والخطأ وألا يصغوا الى أي رأي أو فكر إلا بعد ان يقوّموه التقويم الصحيح وان ينظروا الى هذا الفكر منطلق من صلاح وخير أم منطلق من شر وفتنة وفساد.
وقال: «كم من ناس يصفون أفكارهم بأنها اصلاحية وبأنها هادفة وبأنها تعديل أوضاع واقامة ما أعوج من أعمال ولكن لو تدبرت حق التدبر لرأيتها على العكس من ذلك ولرأيتها آراء شاطة وأقوالا باطلة وأفكارا غير صواب.. فيا شبابنا لا تصغوا لكل من يقول ولا لكل من يتحدث ولا لكل من استطال لسانه بكل قول.. زنوا الأقوال والأفكار.. زنوها بالميزان الشرعي وأعلموا أنكم في بلادكم على خير وعلى هدى ومهما كان فينا من خطأ أو وجد فينا من نقص فإن الكمال لله والعصمة لانبيائه ولكن ولله الحمد مجتمعكم لا يزال بخير.. فإذا أردنا ابقاء هذا الخير فلنسع بالاصلاح الهادف المنطلق من المحب للخير لا منطلق من أفكار وآراء وافدة وآراء شاطة يريد بها أربابها ان يضربوا بعضنا ببعض ويوجدوا فجوة بيننا وبين قيادتنا ويحدثوا بيننا خلخلة في صفوفنا.. لا.. بل نقف من هذه الآراء والأفكار موقف الرافض لها لأن كل قول يدلى عليك أو فكر فحاول ان تزنه بالميزان الشرعي وتعرف من عرضه وحاله وتاريخه لتعلم اذا درست تاريخ ذلك الانسان ومنشأه ومراحل تعليمه استطعت ان تنتبه للأخطاء وتقيم الناس التقويم الصحيح».
وأضاف سماحته «أما اذا قبل قول كل من قال واستطال وأذاع ونشر ولو كان على غير هدى فتلك مصيبة أسأل الله ان يجنب المسلمين الشر والبلاء».
ورأى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ان الشباب بأمس الحاجه الى حوار يقصد منه تبين الحق لهم وتحذيرهم من هذه الأخطار وان على أهل العلم ان يقوموا بهذه المهمه وذلك بزيارة الشباب في مجتمعاتهم ودعوتهم الى الخير وتوجيههم واحتوائهم والأخذ بأيديهم حتى يسلموا من هذه الأخطار التي يراد بها أبعادهم عن دينهم وان يعززوا الصلة بينهم وبين الشباب وان يفتحوا صدورهم لأولئك ويفسحوا المجال لهم ويسمعوا مشاكلهم ويصغوا الى مايقولون حتى يفهموا ماذا عندهم ثم يعالجوا الأخطاء بالعلاج الشرعي قبل ان يستفحل الخطى ويقضي عليه بمهده بتوفيق من الله. وشدد سماحته على ضرورة تقوى الله تعالى وان يسأل الشباب أهل العلم فيما يشكل عليهم مستشهدا بقوله تعالى {فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ الذَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ} .
وحذر سماحته من المشككين بأهل العلم الذين يصفونهم بصفات ذميمة مبينا انه يجب على المسلم ان يتقي الله فيما يقول وألا يتفوه بلسانه دون بصيرة حيث ان بعض الناس يسير في أعراض الناس ولا يبالي ولا يخشى من قول الله {مّا يّلًفٌظٍ مٌن قّوًلُ إلاَّ لّدّيًهٌ رّقٌيبِ عّتٌيدِ} وقول رسوله الكريم: «إن العبد ليتكلم بالكلم من سخط الله ما يظن ان تبلغ ما بلغت يكتب الله له به سخطه الى يوم يلقاه»، وقوله صلى الله عليه وسلم : «وهل يكب الناس في النار على وجههم إلا حصائد ألسنتهم».
وأكد سماحته ان هذا الفكر والفعل المنحرف وراءه أعداء الاسلام، وراءه من يغذيه - والعياذ بالله - ويخرجه وكأنه جهاد في سبيل الله ولهذا قال الله سبحانه وتعالى عن فرعون انه قال عن موسى عليه السلام {إنٌَي أّخّافٍ أّن يٍبّدٌَلّ دٌينّكٍمً أّوً أّن يٍظًهٌرّ فٌي الأّرًضٌ الفسّادّ} حيث جعل دعوة موسى الى الله والاصلاح والخير جعلها فسادا وهكذا أعداء الاسلام يقلبون الحقائق ويجعلون الفساد اصلاحا والاصلاح فسادا لكن المؤمن ذا البصيرة لا تلتبس عليه الأحوال بل يميز بين الحق والباطل. وأوصى الشباب السعودى بتقوى الله في انفسهم وان يعرفوا قدر نعمة الله عليهم بهذا الدين وبهذا الاجتماع وبهذه النعمة ويعرفوا قدر نعمة الله عليهم ويسعوا في المحافظة عليها وألا يفتحوا لأي مغرض مهما كان أي منفذ وان يكونوا يدا واحدة فيما بينهم ومع ولاتهم أيضا في التعاون على الخير وقطع دابر الفساد.
كما أوصى طلاب العلم بأن يبصّروا الأمة ويكونوا منبهين لها من أخطارها ومنبهين الشباب ومتعاونين مع ولاتها حريصين على تدارك الأخطاء واصلاح الأخطاء بالطرق الشرعية مبينا فضل الترابط والتلاحم حيث يقضي بحول الله على مخططات الأعداء إن شاء الله.
ودعا سماحته في الختام الله العلي القدير ان يحفظ الله بلادنا من كل سوء وان يحفظ ديننا وأمننا وولاتنا وان يرزقنا العودة اليه وان يعيذنا من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا وان يرزقنا البصيرة والانتباه والحذر من المعاصي.
كما دعا الله ان يمتّن الرابط بين الراعي والرعية وان يجعل بين الجميع ارتباطا قويا ومحبة في ذات الله وان يصلح ولاة الأمر وان يهديهم الى الصواب وان يرزقهم الاستقامة والبصيرة وان يدلهم على ما فيه خير دينهم وبلادهم وان يحبب رعيتهم اليهم وان يرزقهم السعي في الخير والاصلاح ما وجدوا الى ذلك سبيلا وان يرزقهم الأعوان الصادقين المخلصين الذين يعينونهم اذا ذكروا ويذكرونهم اذا نسوا وان يرزقهم جميعا حب الخير لهذا البلد والسعي في الاصلاح بما يوافق شرع الله جل وعلا.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved