ماذا يريدون؟ وما الثمن الذي ينبغي لنا أن ندفعه حتى يرتدعوا، ويدركوا أنهم خائبون مضلَّلون؟ وأي حماقة هذه التي يطلعون علينا بها، بل أي جرم هم يقترفون؟!
هذا الوطن المتوحد فينا منذ زمان، يزداد توحُّداً عند النائبات، ونزداد نحن فيه إيماناً وانتماءً. يجمعنا هذا الدين العظيم السمح الذي ينبذ الخارجين عليه، وهذه الرمال العامرة بفواصل التاريخ المشرّف. وهذا الصيام يجمعنا على مائدة واحدة، عند أذان واحد، وتحت سماء واحدة.
نحن مجتمعون، حتى هؤلاء يجمعوننا غير مشكورين، ولا مأجورين عندما يطلقون سهامهم المسمومة إلى قلب الوطن.. إلى قلوبنا، ولا نملك إلا أن تجتمع صدرونا كلها لتتلقى السهام، وتتوحد قبضاتنا جميعها للضرب على أيدي مطلقيها، بلا رحمة ولا شفقة. وكيف نشفق على من يريد أن يحّول دروبنا من جناتنا إلى أبواب جحيمه؟!
كلنا اليوم مطالبون أن نقول لا، وأن نمدّ سواعدنا المقتدرة، ندرأ بها الأذى المجنون الذي تلقيه حفنة من الأدعياء والأشقياء في دروبنا.
لا عذر لأحد منا أبداً، ومخطئ من يظن أن مقاومة هذا الطاعون من واجب الدولة فقط، بل متخاذل من لا يقول اليوم كلمته، ومن لا يهز في وجه المارقين قبضته، فنحن المقصودون بالعدوان والجريمة، وشاهدنا أن من سقط في «موقعة المحيا» هم أطفالنا ونساؤنا وأهلنا وإخواننا، وأن ما يريد هؤلاء الطغاة إسقاطه هو تاريخنا وتراثنا، وقتل الإنسان فينا.
اليوم قبل الغد، كلنا مطالبون أن نُفهم هؤلاء أننا نتقاطع معهم، ونقف في وجوههم، وإلا فنحن المتهمون بالتخاذل، ونحن المسؤلون عن العاقبة الوخيمة لا قدّر الله
ولعل أول من يحب أن يقدّم كلمة الحق، هم خطباء مساجدنا، الذين يدعون إلى الجهاد، فيظن الأدعياء، أنهم مجاهدون، وأن منابرنا تدعولهم بالنصر علينا!!
ليعلم هؤلاء أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، وأن ما يفعلونه إنما هو الخروج على الإسلام، والمروق من الدين. والطعن في ظهر الأهل والوطن.
ليعلموا أننا هنا باقون في وجوههم، قادرون على حصارهم في أوكارهم. بل والقضاء عليهم، فمنذ البدء كان هذا الشعب إلى جانب الحق، ونصير العدل، وناراً تصلى بها وجوه العابثين بأمنه.
نحن نعلنها بملء أفواهنا: ليس منا من لم يدفع السوء عنا.. وليس منا من يحاول سرقة أمننا، ومصادرة حقوقنا.
أما هؤلاء الذين تقطّعت بهم سبل الإيمان، فقد آن الأوان لهم أن يعودوا إلى الحقيقة، قبل أن تسلّط على رقابهم سيوف الحق، وحان الوقت الذي يتوبون فيه إلى بارئهم، فيتنصلون مما اقترفته أيديهم، ويعلنون رشدهم من جديد.
نحن نملك الدعاء إلى الله أن يصون وطننا وأهله... وولاة أمره ونملك غير ذلك أيضاً.. ونحن نستطيع الدعاء إلى الله أن يهدي هؤلاء.. ولكننا نستطيع غير ذلك أيضاً.. فأين سيذهبون؟ وكيف سينجون من لعنة التاريخ، ومن سخط دماء الأبرياء؟! ولعل ما قاله نايف بن عبدالعزيز هو خير القول وأقطع الكلام: «إن يد العدالة ستصل إليهم وسيحكمُ الله فيهم بحكمه».
|