* بغداد - د. حميد عبد الله:
أثار مشروع المصالحة مع البعثيين المطروح على مجلس الحكم الآن ردود أفعال مختلفة في الأوساط السياسية والحزبية في العراق.
فرجال الدين الشيعة تطيروا من المشروع وهاجموه بأعلى أصواتهم عبر مكبرات الصوت في الجوامع والحسينيات ورددوا بصوت موحد (لامصالحة مع البعث)، وأيدهم في ذلك الدكتور احمد الجلبي الذي اعتبر المشروع بأنه أشبه بالعفو عن (القتلة).
لكن إياد علاوي زعيم حركة الوفاق الوطني ذات الجذور البعثية كان من دعاة كسب البعثيين ودمجهم في الحياة الاجتماعية والسياسية في العراق الجديد بدعوى ان الغالبية العظمى من قيادات البعث كانت مغلوبة على أمرها وليس لها ذنب فيما ارتكبه صدام وحاشيته من جرائم.
المشروع الذي من المتوقع أن يواجه بمعارضة واسعة في مجلس الحكم هو من بنات أفكار سلطات الاحتلال وبإيحاء من المخابرات الأمريكية كما ترجح ذلك الأوساط السياسية في بغداد فالأمريكان أدركوا ان مصالحة البعثيين لا تكلفهم شيئا سوى نظرة شركائهم العراقيين لهم بالتراجع ومهادنة (فلول النظام السابق) كما يحلو للبعض أن يسميهم، اما ما تكسبه قوات الاحتلال من هذه المصالحة فهو شق صفوف المقاومة وتفريقها، وابعاد البعثيين عن صدام وجعل مصالحهم مرتبطة باستقرار العراق وباستمرار وجود القوات الأمريكية فيه.
ومهما تكن الدوافع والأهداف فإن طرق (أبواب البعثيين) هو اعتراف رسمي بفاعلية مقاومتهم من جهة، وبخطأ السياسة الأمريكية الخاصة باستئصال البعث واجتثاث بقاياه من المجتمع العراقي وهي سياسة استندت الى مشورة بعض السياسيين العراقيين الذين نصحوا الأمريكان بانتهاجها وفي مقدمة من دعا الى ذلك أحمد الجلبي وموفق الربيعي وعبد العزيز الحكيم ومحسن عبد الحميد وجلال الطلباني.
ما يؤكد هذه الحقيقة هو ان تصريحات المسؤولين الأمريكان باتت تؤكد جميعها حقيقة ان النسبة الكبيرة من أعمال المقاومة إنما هي من صنع (فلول النظام السابق) وهو الوصف الذي يطلق على البعثيين وانصار صدام حسين، خاصة وان الأمريكان أدركوا ان تاريخ حزب البعث يؤكد انه كطائر العنقاء كلما دمر فإنه ينهض من تحت الرماد، فبعد الضربات القاسية التي وجهها لهم عبد الكريم قاسم نجح البعثيون في استلام الحكم عام 1963 بعد أن أطاحوا بخصمهم اللدود وكذا الأمر مع عبد السلام عارف الذي وضع حزب البعث برمته في السجن لكنه سرعان ما خرج ليكون على رأس السلطة بعد اقل من أربع سنوات.. هذه الحقائق تجعل الأمريكان مندفعين اكثر لتحييد البعثيين وان على سبيل الخدعة ومن اجل هدف واحد هو نزع الصواعق من القنابل البعثية وهو مالا يدركه الكثير من أعضاء مجلس الحكم المشحونين بالحقد والكراهية على كل شيء له صلة بالبعث والبعثيين.
|