Wednesday 12th november,200311367العددالاربعاء 17 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مركاز مركاز
محاصرة العنف
حسين علي حسين

التفجير الاجرامي الذي نفذ مساء السبت في مجمع المحيا السكني، بضاحية لبن بمدينة الرياض، وراح ضحيته عشرات من الأنفس البريئة، التي اختارت بلادنا مستقراً لها، لتعمل وتنتج في جو من الهدوء والسلام، هذا التفجير يطرح العديد من الأسئلة، ما زلنا نطرح بعضها منذ سنوات، عندما كان العنف مشتعلا في أفغانستان، البوسنة، الشيشان، الجزائز، المغرب، سوريا، مصر، أمريكا وأخيرا العراق، لكن كافة الأجوبة التي طرحت لم تكن للأسف، لتوقف سيل العنف، ما يدل على ان من يقومون به لا يهمهم ما يكتب أو يقال، فلديهم هدف واحد، وهو إشعال الحرائق وتدمير البنيان وتشويهه وافناء البشر الذين كرمهم الله.
لذلك فنحن الآن أمامنا هدف واحد ومحدد، ادانة هذا العنف، والعمل على وقفه بكافة الطرق والوسائل، وعدم قبول أي تبرير، من شأنه إعطاء جائزة لهؤلاء، فمثل هؤلاء، لا تردعهم الفتاوي والأدعية، مثل هؤلاء يردعهم شيء واحد، هو عزلهم عن المجتمع، ومحاربتهم، عبر كافة وسائل الاعلام، فلم يعد وارداً القبول بدعاة الرؤية الضيقة، الذين لا يرون خيراً، إلا في ما يصدر عنهم، ويحقق أهدافهم، وآمالهم في اعادة عجلة الحياة، مئات السنين الى الوراء.
إن بلادنا ونظامنا السياسي والاجتماعي لم يكن في خطر مثلما هو الآن، لذلك فإننا نستغرب ما قرأناه، وشاهدناه، من بعض الكتاب والمتدينين، الذين يدعون الى الحوار والمصالحة أو العفو عن هؤلاء الذين بات همهم دمار كل ما أنجزناه، إن مثل هذه الفئة التي احترفت العنف، لا يمكن ان تقابل بغيره، لذلك لابد من الاستمرار في محاصرة العنف والغلو بكافة أشكالهما، فمنهما وبسببهما جرى ما جرى، وما سوف يجري، وهو كثير وربما أكثر ايلاما وقسوة، ما رأيناه ولمسناه، في العديد من المدن والقرى، وما رأيناه وشاهدناه، وقرأنا عنه في الدول التي اصطلت بنار هؤلاء المدمرين، الذين ينتقلون من بلد الى بلد، دون أن يكون لهم هدف محدد ومعروف سوى إخراج الكفار من جزيرة العرب، ثم رأيناهم يقتلون الجميع، ويدمرون مع هذا القتل ما هو في طريقهم، وحتى المقدسات التي يدعون الحرص عليها، جعلوها مسرحاً لعملياتهم وهدفا لرصاصهم وقنابلهم، فلم تسلم المساجد ولا المنازل والحدائق والجبال من تدميرهم، كل شيء بات هدفا لهم، قتل الأطفال والنساء والشباب، لا فرق، كلهم أمام رصاصهم وقنابلهم وصواريخهم سواء.. ما يؤكد ان هدفهم تدمير كل شيء، لتكون الكلمة لهم، وهو ما يجب أن يكون بعيداً عنهم بكافة السبل والوسائل.
إن اجتثاث الارهاب يجب ألا يصرفنا لحظة واحدة عن الاستمرار في الاصلاحات التي أعلنت عنها قيادتنا الرشيدة على كافة الأصعدة مع العمل على فتح قنوات جديدة، لدراسة وعمل شبابنا من الجنسين، ومع بناء قاعدة دائمة للحوار، من خلال كافة المنابر المتاحة وأبرزها الصحافة والتلفزيون والاذاعة ومثل ذلك كله المسجد، إن هذا من شأنه تعويد الناس وتربيتهم على القبول بالآخر وطرح ما لديه من أسئلة بكثير من الحرية، إن بناء الأمم إنما يقوم بالحوار، فالحوار الحر والمتدفق، هو الطريق لخلق أمة خالية من العقد والتطرف، ومحاربة الآخر في بدنه ورزقه.
هناك أخطاء حصلت وفرص كثيرة أهدرت، لكننا إزاء أزمة، أزمة قد يكون كياننا كله هدفا لها، ويجب ألا نعطي دعاة الظلام الفرصة للاستمرار فيما بدؤوا به، ولن يتم ذلك سوى بتجفيف المنابع وعدم إعطاء أي مبررات أو أعذار لهم، فمن يسعى لتدمير بلاده وإقلاق راحة سكانها، لن يقرأ أو يسمع ما نقول ونكتب إلا إذا كان بنفس الوسائل التي يستخدمها ضدنا والى أن يتم القضاء عليه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved