حقق الإنسان تقدماً هائلاً في الصناعة والتكنولوجيا، وكان لهذا التقدم عواقب بيئية كثيرة تجاهلها الإنسان فتفاقمت وأصبحت تشكل خطراً حقيقياً يهدد حياته وصحته.. نعترف ان التكنولوجيا الحديثة سهلت الكثير من أمورنا، ونتناسى أنها في الوقت نفسه لوثت الكثير من مكونات بيئتنا، وخلفت العديد من الأمراض النفسية والاجتماعية والعضوية، والمشكلة أننا لم نعد قادرين على العيش دون تلك الملوثات، فلا يوجد لدينا استعداد للتنازل عن مميزات التكنولوجيا التي حققت لنا الرفاهية، ومستحيل ان تعيش تلك التكنولوجيا دون إصدار مخلفات وملوثات.. وستستمر الكثير من المواد السامة والاشعاعات الضارة تنتشر في الهواء والتربة والماء، فتحاصرنا ونصبح معرضين لها ليل نهار رغماً عن انوفنا.
احرز علماء البيئة في الدول الأوروبية نجاحاً ملموساً في تقديم حلول لبعض مشكلات البيئة عندهم، وكان ذلك بداية من عام 1972م، حيث عقدت هيئة الأمم المتحدة أول مؤتمر عن بيئة الإنسان في مدينة ستوكهولم السويدية، ومنذ ذلك الحين ومستوى الوعي البيئي في المجتمعات الأوروبية في زيادة وتقدم، وأما علماء البيئة في الدول العربية فيعانون اشد معاناة بسبب التخلف البيئي لدى الشعوب العربية. ولا تزال الأبحاث البيئية لعلمائنا العرب تنهمر، وجميعها تؤكد ان دائرة خطورة مشكلات البيئية بدأت تتسع في كثير من الأوطان العربية، إضافة الى تضاعف أعداد البشر، وزيادة معدلات الاستهلاك والاستنزاف.
الحق يقال ان علماء البيئة في الدول المتقدمة «بيئياً» تمكنوا بمساعدة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من رفع مستوى الوعي البيئي لدى أفراد مجتمعاتهم، فهنيئاً لهم، وحسرة على مجتمعاتنا العربية التي تشتكي التلوث المصحوب بقصور في الوعي البيئية، تلوث في مصادر المياه، وتلوث في باطن الأرض، وتلوث في الهواء، وتلوث في كثير من العقول والقلوب.
التلوث هو آفة حقيقية تهدد مجتمعاتنا العربية، والمجتمعات المجاورة لها، التلوث هو خطر حقيقي يهدد حياتنا ورفاهيتنا جميعاً، فلنقلل من ضغطنا المتواصل على مواردنا الطبيعية، ولنوقف أو نقنن عمليات استنزاف الخيرات بطريقة غير بيئية وغير صحية.. طريقة تضر بصحتنا، وناتجها العام يضر باقتصادياتنا الوطنية.
لا ننكر الجهود الجبارة التي تبذلها المؤسسات والحكومات العربية للحفاظ على البيئة وتوعية مجتمعاتنا العربية بيئياً، لكننا يجب ان ندرك ان هذه الجهود غير كافية وتعتبر زهيدة بالنسبة لحجم وخطورة الملوثات البيئية التي تهدد أوطاننا العربية، كما ان وسائل الإعلام العربية مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية ينبغي لها بذل المزيد من الجهد لرفع مستوى الوعي البيئي لدى المواطن العربي. أتمنى ان يضاعف جميعنا جهده لتحسين وتطوير بيئتنا، وخصوصاً أصحاب القرارات في المجتمعات العربية، ولنتق الله في بيئتنا وصحتنا.
|