Tuesday 11th november,2003 11366العدد الثلاثاء 16 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
حربٌ أبديَّة لسلام أبدي
عبدالرحمن صالح العشماوي

عنوان صريحٌ في تحديد الشخصية السياسية والاقتصادية والأخلاقية التي كشفت عنها الأحداث الجارية، والمواقف المعلنة لأكبر دولةٍ في العالم، وهو عنوانٌ لكتاب لا تنقصه الصراحة يحاول أن يضع إجابة صحيحة عن سؤالٍ مهم يجري على ألسنة كثيرةٍ في العالم يقول: كيف أصبح الأمريكيون مكروهين، وصاحب هذا الكتاب ذي العنوان الصريح كاتب أمريكي حائز على جائزة أفضل كتاب على مستوى الولايات المتحدة عام 1993م قالت عنه إحدى المجلات الأمريكية إنَّ «جور فايدال» هو أفضل كاتب أمريكي منذ عهد «أَدموند ويلسن»، وهنا تظهر لنا أهمية هذا الكتاب لأنه يؤكد لنا أن شاهداً صريحاً من أهلها قد شهد بما لا مجال لدفعه أو إنكاره من الحقائق المذهلة التي تجري وراء كواليس ذلك البلد الكبير.أما مترجم هذا الكتاب إلى العربية فهو د. محمد بن سعود البشر، ابنٌ من أبناء هذه البلاد التي تعاني من الحملات المغرضة من أعداء الحق والخير هذه الأيام، درس في أمريكا سنواتٍ، فرأى وسمع، وعرف من الداخل ما لا يعرفه إلا مَن أتيحت له فرصة الحياة في أمريكا، مع اليقظة والإحساس بالمسؤولية والحرص على المعرفة بحقيقة البلاد التي عاش فيها.يقول المترجم: قد يتساءل القارئ عن سبب اختيار هذا الكتاب وترجمته إلى العربية وإخال أن الإجابة عنه مستقرة في عقول الكثير ممن يتابعون مجريات الأحداث التي تشهدها المنطقة وانعكاساتها على الشعوب العربية والإسلامية.
وأما شق الإجابة الآخر فمتعلِّق بطريقة عرض المضمون التي قدمها المؤلف إلى القارئ إذْ كانت مباشرةً، وصريحةً وجريئةً ومعبرة عن رأي الكثير من الأمريكيين الذين غيبتهم وسائل إعلامهم عن رؤية الحقيقة، أو لم يستطيعوا أن يعبروا عن آرائهم بالطريقة التي تعكس الحقيقة المغيَّبة.
وهنا يتضح لنا الدافع الذي دفع المترجم إلى أن يَخُصَّ هذا الكتاب الصريح بالترجمة في هذه المرحلة المهمة التي نرى فيها دولة المؤلِّف تخبط في العالم خَبْط عشواء وتضرب بالقوانين والأنظمة الدولية عرض الحائط، وتسعى إلى أهدافٍ غير واقعية، ولا منطقية بصورة مكشوفة ينكرها كلُّ مَنْ يراها ويسمع عنها، والمسوِّغ الوحيد لتحقيق تلك الأهداف «القوَّة العسكرية والاقتصادية» التي تملكها تلك الدَّولة.
ولن أتناول موضوعات الكتاب بشيء من التفصيل ولا الإيجاز فهي متروكة لمن يريد الاطلاع عليه، ولكنني سأشير إلى صورةٍ قاتمةٍ لدولة الحريَّة المزعومة، وحقوق الإنسان الموهومة؛ الدولة التي لا يزال يردِّد مَنْ يُطلق عليهم «الصقور» فيها ادعاءاتهم بأنهم يريدون نشر العدالة والحرية والديمقراطية في الدول التي يحتلونها بالحديد والنار، مع أن تلك الحرية مقتولةٌ في داخل دولتها التي تدَّعيها.
صورةٌ قاتمةٌ هي الجديرة بأن تطرح هنا، يوضحها المترجم بقوله: «عندما أنهى جور فايدال كتابه لم يحدد دار نشر واحدة تنشره بالإنجليزية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ولذلك نشره باللغة الإيطالية فكان من أكثر الكتب بيعاً وانتشاراً، ثم ترجمع إلى اثنتي عشرة لغة أخرى من بينها الإنجليزية».
أين يجري هذا الحصار، وأين تحدث هذه المصادر لحق كاتب شهير في نشر كتابه؟ إنها تحدث في أمريكا - اليوم - التي ما زلنا نرى بعض أقلام عربية مسلمة تكتب عنهابروح الولاء الكامل، وبحروف الادِّعاء الباطل انها دولة الديمقراطية والحرية التي تسعى إلى نشرها في العالم.
لقد لفت نظري شعور مؤلف الكتاب بالأسى وهو يتحدَّث عن بلاده وحقيقة مصادرتها للحريات والحقوق، وأنانيتها التي جعلتها لا ترى غيرها جديراً بالسيادة والريادة في هذا العالم الفسيح، كما لفت نظري حديثُه عن تزييف وسائل الإعلام في بلاده حتى شوَّهت الحقائق في أذهان الناس، وقلبت الموازين في نفوسهم، وجعلت معظم الشعب الأمريكي يعيش ليأكل ويشرب ويسافر وينام.
كم هي عبارة خطيرة تلك التي كتبها مؤلف الكتاب في مقدمته «إنَّ مثل هذه الأشياء (الادّعاءات والأباطيل) تحدث في وسائل الإعلام الأمريكية ونحن لا نعلم شيئاً عنها ومن يبحث فسوف يجد صعوبة في فهم لغز وسائل الإعلام المدعومة من «جهاتٍ لا نعرفها».إنَّ كلمة «من جهات لا نعرفها» تجعلنا ننادي أهل الوعي في أمريكا أن يعيدوا النظر فيما يجري في بلادهم قبل فوات الأوان.
إشارة:


إذا قدَّر المولى هزيمةَ ظالمٍ
تنادت بها جيئاته وذهابه

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved