Tuesday 11th november,2003 11366العدد الثلاثاء 16 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
لنعد النَّظر في أنفسنا!!
خيرية إبراهيم السَّقاف

ما حدث ليلة الأحد استدعى ذاكرتي كي تسترجع طموحات، وأمنيات كثيرة كنَّا نحلم بها ونتناولها في مقالاتنا، وخواطرنا، ورؤانا، تلك التي مرَّ عليها زمن، لم نجد لها الصدى التَّنفيذي ذلك الذي عادة ما يتعامل به الناس خارج إطارنا...!!
فالمتعارف عليه أنَّ الكتاب وذوي الفكر هم الذين يرسمون للناس خطوات أحلامهم ويهيئون لأمنياتهم دروبها، ويرسلون مكنون ما في بوتقات الطموحات لأنَّهم قادة الحلم، ومصممو الحياة...! فهم المتعمقون في تفاصيل الغايات والحاجات، القادرون على وصفها، وتمثُّلها... لذلك لا تهمل البشرية منذ القدم دور هؤلاء أصحاب الأقلام!!...
ولكن المعضلة عندنا، هي أنَّ قومنا يمدُّون عيونهم وحواسهم وأذهانهم وأسماعهم إلى أبعد من دوائر محيطهم، فهم لا يقرأون لكتَّابهم إلاَّ إن أرادوا أن يتصيَّدوا لهم خطأ، أو يقفوا منهم على موقف، وبالتأكيد ليس الموقف الإيجابي، إلاَّ مع منهم مَن كان: صديقاً مقرَّباً أو معرفة ذات منفعة...
ومثل هذا الموقف المنبثق من الوجدان السالب، هو الذي أدَّى إلى هذه الإفرازات الهشَّة وغير السويَّة التي بدأت تدبُّ رماحُ جهلها وسوء تربيتها وضحالة تكوينها الفكري والنفسي في شكل حرب على السلام والأمان واعتداء سافر في الشهر الحرام وفي غيره على أرواح وممتلكات لا حول لها ولا ذنب.
ومثل هذا السلوك ينمُّ عن فقد التكوين الجيد للنفس السليمة في صدر أيِّ فرد يمكن أن يمثِّل إفرازات التكوين السّيئ تربوياً وعقدياً وخُلقياً ونفسياً ومن ثمَّ سلوكيا. فأسلوب الخفافيش، والتآمر، والتواطؤ لا تقوى عليه نفوسٌ ربِّيَت على الخير والحق والتسامح والوعي والفهم والتقوى وعُوِّدت على المواجهة في أدب، ووقار، وقدرة على الكشف عن غاياتها في هدوء والتزام...
ولقد كنَّا دوماً نطالب بأهمية صياغة الإنسان ضمن منظومة موحَّدة بين البيت والمدرسة والمجتمع بمؤسساته جميعها إعلاماً مقروءاً ومرئياً ومسموعاً كي توفَّر له التَّوجيه المتضافر لينشَّأ على التوازن والثقة...
ذلك لأنَّ هناك اندفاعاً شديداً للتَّقليد، ولا يتمَّ ذلك إلاَّ ضمن فقر شديد في المعادل للثوابت التربوية تلك التي إن فُقدت فإنَّ الفرد سيكون مؤهلاً للانقياد وفق ما يواجهه من تيارات أقوى من تكوينه الذي نُشِّىء عليه وكوِّن به...
وانعدام روح السماح وبذور العدل في الإنسان يجعله يتخبَّط ويفقد القدرة على التوازن عند الاحتكاك بمحكَّات مثل التي يتعرض لها في موجات التَّحفيز العالمية ضد مجتمعه، ذلك لأنَّ ما حدث في ليلة الأحد وما قبلها في الجهات العديدة في بلد السلام والأمان إنَّما هو إفراز لمثل هذه العيِّنات من البشر الذين ذهبت بهم رياح التَّحريض، ولم تصدُّهم ثوابت التربية. بمفهوم التربية التَّنشئة المتمثِّلة لمنظومة متكاملة العناصر منذ الطفولة.
إنَّ مجتمعنا مثل أيِّ مجتمع في العالم لا يتُوقع له المثاليات الكاملة لأنَّه لا يوجد في الدنيا على اتساعها منذ نزول آدم عليه السلام للأرض مجتمع إنساني كامل غير إنّه ليس الأدنى في ذلك، فهو مجتمع إسلامي يقوم على كتاب اللَّه وسنَّة رسوله صلى اللَّه عليه وسلم. وذلك وحده كفيل بأن يأخذ وضعه الصحيح كأوَّل مجتمع في وطن على جميع أفراده التَّضافر التَّام رعاة ورعية من أجل مواجهة هذه النماذج التي هي إفراز التَّفريط في تكوينِ منظومةٍ من الأساليب لتأكيد ثوابت النهج الصحيح في «مفهوم» الأفراد ليتمَّ التعامل مع ما جدَّ من مفرزات الواقع. وتلك لعمري مهمَّة إيمانية يتطلبها الانتماء للدِّين، وعنه يتطلَّبها الانتماء للوطن. فهل نلتم على أنفسنا، ونعالج تصدَّعاتنا، ونبلسم جروح قصورنا، ونعيد صياغة التعامل أولاً فيما بيننا ومن ثمَّ فيما بيننا وبين الآخر؟.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved