* بغداد - د. حميد عبد الله:
* رصاص الجنود الأمريكان يخطئ هدفه دائما ، ويغير مساره ليصيب مواطنين عراقيين لا ناقة لهم ولا جمل في ما يجري على أرض بلادهم.
* وكل ما يقدمه الجنود الأمريكان لعوائل ضحايا القتل الخطأ هو كلمة ( سوري ) لكن الموت لا ينفع معه الاعتذار وذوو الضحايا لا تطيِّب خواطرهم كلمة أسف او اعتذار
وفي آخر تقرير لها كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش عن مقتل 26 شخصاً في العاصمة بغداد وحدها خلال الفترة بين الأول من أيار و 30 أيلول الماضيين. وإجمالاً جمعت المنظمة تقارير جديرة بالتصديق عن مقتل 94 مدنياً في بغداد ، في ملابسات قانونية مثيرة للريبة مما يستوجب إجراء تحقيق بشأنها. ولا يشمل هذا العدد المدنيين الذين جرحوا على أيدي القوات الأمريكية. ولا يعرف على وجه الدقة عدد المدنيين العراقيين الذين قتلوا على أيدي الجنود الأمريكيين منذ انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية ، وقد ذكر عسكريون أمريكيون أنهم لا يحتفظون بأي إحصاءات عن الوفيات التي تقع في صفوف المدنيين.
يعزز تقرير هذه المنظمة التي تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في العراق مئات القضايا المرفوعة إلى المحاكم العراقية من أهالي وأقرباء عراقيين قتلتهم قوات الاحتلال ظلماً أو عن طريق الخطأ. ولقد تسنى لي مصادفة أن أسمع قصصاً عن حوادث مؤسفة راح ضحيتها العديد من الأبرياء العراقيين نتيجة للاستخدام المفرط للقوة أو الاشتباه أو الخطأ، فقد حدثني سائق تاكسي أوصلني لمقر عملي طالباً مني نشرها في الجريدة بعد أن أعيته الحيلة في الحصول على حقوق أخيه الراحل.. فبتاريخ 26/ 7/ 2003 فقد الشاب ( قسور عامر مهدي ) من سكنه بغداد الصالحية، ثم عثر على جثته في ثلاجة مستشفى اليرموك واتضح أنه قتل على أيدي قوات الاحتلال عندما كان يروم العبور أمام متنزه الزوراء قرب الحزب الإسلامي الساعة الحادية عشرة ليلاً، وبقيت جثته ملقاة في الشارع حتى الرابعة من فجر اليوم التالي كما أفاد شهود عيان، وسحبت سيارته الى المطار.
ذوو القتيل حصلوا بعد أيام من الحادث على ورقة اعتذار من قوات التحالف لعدم إثبات شيء على القتيل وحصول القتل بطريق الخطأ!
وهناك أيضاً ( 21 ) فرداً من سكنة الرمادي قتلوا جراء القصف الأمريكي . وقد تقدم ذوو القتلى بشكاوى عديدة لكن المحاكم اتبعت خطة تسويفية، ولا تزال القضية رهن الانتظار .. علماً بأن الوفاة حصلت بعد تاريخ 1/5 2003.
وفي الزعفرانية قتل ( أحمد عمران وولده محمد ) وأُصيبت الدار التي يسكنون فيها بتصدع كبير وتحطيم السيارة والسبب هو القصف الأمريكي الخطأ والاشتباه. ومرة أخرى حصل ذوو القتلى على شهادات اعتذار فقط!.
قصص كثيرة سمعتها من مواطنين تضرروا أو قُتِلوا دونما ذنب أو جريمة. من هنا توجهت الى العاملين في العدالة، أسألهم عن الحق الضائع والأرواح المزهقة فماذا قالوا؟
المحامي يحيى العميدي قال:
- إن إقامة دعوى من قبل المواطن العراقي ضد قوات الاحتلال ممنوعة في المحاكم العراقية حسب قرار أصدره بول بريمر. فلا يجوز للعراقي ان يرفع دعوى ضد القوات الامريكية في حالات كثيرة كالقتل الخطأ أو الدهس أو تهديم دار أو سيارة أو سرقة دار ... إلخ ، وقد عوقب أحد القضاة العراقيين واسمه (جاسم الدليمي ) لأنه كان ينوي إقامة دعوى لعائلة متضررة جراء القصف الأمريكي.. مما أثار استهجان الاوساط القضائية التي ذكرت الحاكم المدني الامريكي بول بريمر ببنود اتفاقية جنيف المتضمنة تحميل الدولة المحتلة مسؤولية حماية الأمن والنظام ويحق لكل متضرر أن يلجأ الى قوات الاحتلال لتعويضه لأنها المسؤولة عن التقصير في حفظ الأمن.. والقانون المدني يقول إن محدث الضرر يكون ضامناً بتعويض هذا الضرر وأن جميع القوانين والأنظمة تأخذ بهذا النهج.
فمثلاً ما تعرض له المواطنون من أضرار ( قصف بيوت أو تحطيم السيارات أو زهق الأرواح أثناء الحرب ) يجب أن يُعوَّضوا من قبل لجان التعويض الأمريكي لكن الأخيرة ترفض ذلك بحجة أن الأضرار حصلت في وقت الحرب. وهذا مخالف لحقوق الإنسان والشرعية الدولية.
في جمعية رعاية المتضررين والأُسر المحتاجة حدثتنا السيدة ( آسيا كاظم الزبيدي ) سكرتيرة التجمع العام للجمعيات والمؤسسات غير الحكومية قائلةً:
- تردنا الآلاف من هذه القضايا ، أقصد القتل والدهس والهدم التي ترتكبها قوات الاحتلال ولا نستطيع حيالها سوى تقديم استمارة معلومات للمتضرر وبيان كشف الدفاع المدني ومحضر من شرطة المنظمة وصور فوتوغرافية للحادث إن وجدت لتقديمها الى لجنة شكاوى الجيش الأمريكي لدفع التعويض المناسب للمتضرر..
* وهل حصل المتضررون على تعويضات فعلاً؟
- نعم، حصل البعض على تعويضات مالية حسب التقديرات من قبل مختصين لكن التعويض لا يشمل تضرراً قبل تاريخ 2003/5/1 والجمعية ساعدت الكثير من هؤلاء عبر محاميها الموجودين هنا مجاناً..
وأكد المحامي جواد إسماعيل كلامها قائلاً :
- قوات الاحتلال تتهرب من دفع تعويضات للمتضرر قبل ( 1/5 ) وهذا لا يجوز .. وحسب معلوماتي حصل التعويض من قبل مكتب شكاوى الجيش الأمريكي. وكان التعويض (خمسمئة دولار ) للإصابة المتوسطة و(خمسة آلاف دولار ) للوفاة.. واحتساب قيمة السيارات حسب قيمتها وموديلاتها وكذلك الحال مع المنازل، وسيكون للمحاكم العراقية مسؤولية البت في القضايا التي رُفِضَت قبل تاريخ 2003/5/1 من قبل لجان سيقوم بتشكيلها مجلس الحكم ابتداءً من تاريخ 20/3 ولغاية 2003/5/1 وستكون هناك أولوية في التعويض للسجناء والمهجرين وذوي المعدومين.
* وبصفتك رجل قانون ماذا تقول في قرار بريمر منع سماع أو إقامة أي دعوى قضائية ضد قوات الاحتلال؟
- لا يجوز لبول بريمر إصدار القوانين لأنه ليس سُلطة تشريعية فَسُلطة بريمر مستمدة من قرار مجلس الأمن، وهذا معناه أنها ليست سُلطة منتخبة من الشعب العراقي ولأجل ذلك تفتقر الى الشرعية في إصدار القوانين.
|