حيث ان فرديناند ماكسميليان كان أرشيدوق النمسا، فقد حرم عليه شقيقه الرجعي، الإمبراطور فرانسيس جوزيف، المشاركة في الحكومة الإمبراطورية. وقد خدم ماكسميليان في منصب القائد الأعلى للأسطول النمساوي، وشغل منصب الحاكم العام للومباردو بفينيسيا (1857-1859)، لكنه لم يجد متنفسا لتحقيق حلمه بالإصلاح الليبرالي. وحين أجرى الرجعيون المكسيكيون مفاوضات مع نابليون الثالث لتأسيس إمبراطورية مكسيكية، أغرت هذه المفاوضات ماكسميليان بقبول التاج. فغادر هو وزوجته كارلوتا قصرهما الذي يقع قرب تريستا، وأبحرا في عام 1864 إلى المكسيك حيث توج إمبراطوراً.
لقد منيت الإمبراطورية بالفشل منذ بدايتها. فلم يكن ماكسميليان يفهم المكسيك حق الفهم، فوجد أن معظم البلد يناصبه العداء، ويدين بالولاء لبنيتو خواريز. لكنه نحّى الرجعيين جانبا بفضل اتجاهاته الليبرالية، وأحل محلهم مؤيديه بفضل المرسوم الذي أصدره في سنة 1865 وأمر فيه بتنفيذ حكم الإعدام العاجل في أتباع خواريز. واعتمد بقاء ماكسميليان في منصبه حقا على الجنود الفرنسيين الذين طردوا خواريز وجيشه الليبرالي إلى الشمال. لقد أزعجت هذه الأنباء الولايات المتحدة الأمريكية وهذا الانتهاك لمبدأ مونرو، فأبدت عداء صريحا لماكسميليان، ولم يمنعها من التدخل إلا نشوب الحرب الأهلية الأمريكية. وعندما أرغمت أحوال فرنسا وتوقف الحرب الأهلية نابوليون الثالث على الانسحاب بقواته الفرنسية من المكسيك(1866-1867)، ذابت خيوط الامبراطورية المهلهلة.
فكر ماكسميليان لوهلة في التخلي عن العرش، لكنه كان متردداً. وفي عام 1866، ذهبت الإمبراطورة كارلوتا إلى أوروبا وطلبت العون من نابليون الثالث والبابا، لكن طلبها لم يأت بطائل. أما ماكسميليان الذي انتابه اليأس، فقد نصب نفسه قائدا لقواته المسلحة، التي كان معظمها متمركزاً حينئذ في كويريتارو. وبعد حصار دام هناك من مارس إلى مايو 1867، وقع ماكسميليان أسيرا، وأعدم رميا بالرصاص.
|