في عدد الجزيرة 11351 تناول الأستاذ جاسر بن عبدالعزيز الجاسر في عموده «أضواء» «بداية ساعات العمل في رمضان وماله من سلبيات على أداء الموظفين والطلاب على حد سواء».
إن هذه القضية قضية أزلية يتناولها الكتَّاب في كل سنة كلما حل علينا رمضان، وأذكر أن جريدة «الجزيرة» في صفحة مرايا في إحدى السنوات أجرت استبيانا شملت بعض الطلاب والمعلمين، وتبين من الاستيبيان أنه لا أحد يؤيد بداية الدوام في رمضان الساعة التاسعة والنصف، ومن المعلوم أن العمل في رمضان لا يعترض عليه أحد سواء من كان في حقل التعليم أو في سلك الموظفين، فالعمل لا يتعارض مع الصيام أبداً بل الصيام منشط للجسم والعقل، فرمضان ليس موسما للكسل والنوم والاسترخاء كما يعتقد البعض لكن المشكلة تكمن في بداية العمل في رمضان هل هذه البداية صحيحة ومبنية على حقائق مدروسة، هل نحن طرحنا استبيانات عن هذا على شرائح من الموظفين والمعلمين والمعلمات والطلبة والطالبات وأخذنا آراءهم أم أن هذه البداية مرتجلة من أساسها ولم توضع على محك التجربة في الميدان؟... ولهذا كان تأخير بداية الدوام كله سلبيات على الموظف والمعلم والطالب.. ومن أهم سلبيات هذا التأخر ما يلي:
فالناس كلهم في سهر في ليالي هذا الشهر ونوم في نهاره ولو أنك احتجت إلى صيدلية أو محطة محروقات أو تطلب حاجة تشتريها بعد صلاة الفجر لما وجدت أحداً ولا ترى في الشوارع إلا عمال النظافة وكأن المدينة خالية من سكانها وهذا حتى من الناحية الأمنية يجب أخذه بعين الاعتبار.
إن إحياء ليل رمضان بهذه الكيفية ظاهرة غير مسبوقة وغير مقبولة فهي تستحق الدرس والوقوف عندها طويلاً.
ثانياً: لما كانت بداية الدراسة متأخرة إلى هذا الوقت حملت كثيراً من الطلاب على إحياء الليل كله في السهر عكوفا عند الفضائيات أو تسكعاً في الشوارع ونتج عن هذا أن يأتي الطالب إلى المدرسة منهك الجسم مشرد الذهن متوتر الأعصاب يقدم رجلاً ويؤخر أخرى لأن جسمه لم يأخذ قسطه من النوم فنوم النهار كله لا يعوضه سويعات من نوم الليل كما يقول الأطباء وهذا هو شأن الدوام وهذا مشاهد، ثم انظر إلى الطلاب في الفصل جزء منهم يتثاءب وجزء واضع رأسه على المقعد نائماً والقلة مع الأستاذ وما ظنك بحصة في الساعة الثانية أو الثالثة ظهراً لا شك أن الطالب قد ذبل نشاطه وفترت همته فاستيعابه في هذه الوقت بعيد المنال وقد يذهب جزء كبير من حصة المعلم لإيقاظ النائمين.
ثالثاً: وضع مديرات ومعلمات مدارس البنات وضع يرثى له ويستحق الرحمة والشفقة فلا وزارة التربية والتعليم تملك شيئاً حول هذا التأخر لأن التعليم مرتبط بالموظفين وهذا حله عند من يملك القرار وكم اشتكين ورفعن أصواتهن بأن تأخر الدوام في رمضان لا يناسبهن مطلقا فهن ربات بيوت وزوجات وأمهات أطفال وقد يعمل البعض منهن بمناطق نائية فإذا خرجن من المدرسة في الساعة الثانية والنصف مكدودات الجسم والعقل سوف يباشرن مسؤوليات بيوتهن من تنظيم وعناية بأبنائهن الصغار وإعدادهن لوجبة الإفطار والعشاء بعد هذا الوقت المتأخر دون أخذ قسط من الراحة، لا شك أنها سوف تكون مشدودة الأعصاب وقد ينعكس ذلك على زوجها وأبنائها لأنها أصبحت في عمل متواصل يتلقفها البيت بعد المدرسة.
فيا من تملكون القرار رفقا بالقوارير وراعوا ظروف مربيات الأجيال فكم ندبن حظهن ومعاناتهن مع هذا الدوام المخل بواجباتهن الأسرية حتى لا يكن ممن يصرخ في واد وينفخ في رماد.
رابعاً: وما أدراك ما زغب الحواصل وهم الصفوف الأولية من بنين أو بنات يخرجون من مدارسهم في الساعة الثانية ظهرا يتمايلون كالغصون اللدنة من الهلع والجوع يجرجرون حقائبهم في الشوارع تحت حرارة الشمس، ألا يستحقون الرحمة والشفقة فينقذون من هذا التأخر.خامساً: أما طبقة الموظفين فحينما يبدأ دوامهم في الساعة العاشرة يكون قد ذهب نصف وقت النشاط المخصص للعمل ولم يبق إلا ساعات قليلة متقطعة كما ذكر الكاتب الأستاذ جاسر الجاسر «حيث يذهب نصف ساعة قبل الأذان للوضوء والاستعداد للصلاة ونصف ساعة بعد الصلاة وهكذا يذهب من الدوام قرابة الساعتين لصلاة الظهر والعصر».
علما أن الوقت الذي بعد صلاة الظهر عبارة عن وقت استرخاء وقراءة للجرائد وتبادل للأحاديث بين بعض الموظفين في غالب الأحوال إن لم يكن أحد منهم متمددا خلف مكتبه فهل هذا يعتبر وقتاً كافياً وجيداً لأداء العمل كما ينبغي؟!!ولقد مرت علينا سنوات كثيرة كان دوام المدارس في رمضان يبدأ الساعة السابعة صباحاً والخروج بعد صلاة الظهر أما الموظفون فيبدؤون الساعة الثامنة صباحاً ويخرجون الواحدة ظهراً فما الذي غيرنا من حال إلى حال فليس هناك مبرر لهذا التأخر، إلا أننا عكسنا الفطرة التي فطر الناس عليها بل إننا إذا نظرنا إلى الناحية الاقتصادية في جعل الليل يعج كله بالعمل في المؤسسات والشركات والمتاجر والمصانع، فكم يستهلك هؤلاء من الطاقة الكهربائية إذن أين الخصخصة والاقتصاد في توفير الطاقة؟؟
إنه أمر يجب إعادة النظر فيه ومراعاة أحوال الناس فبداية الدوام مبكراً كله إيجابيات عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بُورك لأمتي في بكورها» فإلام نستمر على هذا التأخر وقد ثبت بالتجربة التي لا تقبل الشك سلبيته وهذه السلبية تعود على العمل والموظف ولا يظن أحد أنني أسعى لمصلحة ذاتية فأنا والحمد لله لست موظفاً متقاعدا عن العمل لكن ما أسمعه من تضجر الجميع من موظفين ومعلمين ومعلمات وطلبة يحتم على من بيده القرار أن يعيد النظر في هذا عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «اللهم من تولى أمرا من أمور أمتي فرفق بهم فارفق به».
عبدالله بن سليمان العمران - بريدة
|