ألم يجعل الله مكة المكرمة وبيته حرماً آمناً ويتخطف الناس من حوله؟ ألم يُحرم رب العزة والجلال سفك الدماء وإزهاق الأرواح وقتل الأنفس وقطع الأشجار صيانة لحرمة البيت العتيق؟ ومهما كانت الأسباب والدواعي الفاسدة فإن ما يُحيرالمرء ويجعل أصحاب ذوي الألباب السليمة يُفكرون ملياً فيما وراء مقاصد الإرهابيين من استهداف مكة المكرمة مراراً بدءاً بحاديث الخالدية الشهير ومروراً بالملاحقات هنا وهناك وأخيراً حادث حي الشرائع والناس صيام ومكة المكرمة فتحت صدرها لضيوف الرحمن حاضنة بروحانية تتنزل من السماء والمعتمرون يعيشون أجواء إيمانية خالصة لله رب العالمين فماذا يريد هؤلاء؟ سؤال يحار المرء أمامه تماماً فإذا ما افترضنا -جدلاً- أن هذه الفئة التي تبيح حتى دماء المسلمين في أطهر بقعةٍ على وجه الأرض تدعي الإسلام والجهاد والإصلاح وتريد إقامة العدل وترى أنها الفرقة الوحيدة الناجية وأن إسلامها صحيح ومادونها كلهم طاغوت وكفرة وفجرة ومصيرهم جميعاً إلى النار ومن هنا استباحت هذه الفرقة الباغية الضالة ووفق منهجها الفاسد وطريقها المعوج الدماء المصونة بحكم الشرع الحنيف!!.
إنها فتنة في الأرض وفسادٌ كبير وقد تيقن الناس جميعاً أن مؤامرة كبرى حُيكت على الإسلام والمسلمين وأوكل تنفيذ المهمة لأبناء جلدتنا حتى يُدخلون المسلمين في دوامة الشكوك والجدل والخلاف والمراء اللعين وما هذه الأحداث المحزنة إلا خططا مدبرة من أعداء الإسلام وأعداء هذا البلد دبرتها فئة تشربت عقولها كره هذه البلاد وأهلها حيث لم تراع حرمة المكان ولا الزمان في هذا الشهر المبارك ولم تراع ما يمكن أن يتعرض له المسلمون وقاصدو بيت الله الحرام من مخاطر من شأنها إلحاق الضرر بأرواحهم وأمنهم، فبالله عليكم أجيبوني هل قدم هؤلاء الإرهابيون للإسلام سوى التشويه وإساءة السمعة؟ إذ بأحداث مكة المكرمة المتلاحقة يتأكد وبما لا يدع مجالاً للشك أبداً المقصد الذي تسعى للوصول إليه هذه الشرذمة المارقة الفاسدة وهي تريد أن تطلق شرارة الفتنة الكبرى من مكة المكرمة، ولكن هيهات وبعدت عنهم الأماني وسترتد إليهم نواياهم الخبيثة وسيقطع دابر المؤامرة بحزم رجال الأمن الأوفياء الشرفاء وبوعود سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتعهداته التي لا تقبل التأويل ولا تحتمل التفسيرات فقد كان سموه محقاً عندما أعلن أن المسألة ستطال حتى المتعاطفين مع الإرهاب، وهذا كان مصدر اطمئنان ومحل ثقة المسلمين في استتباب الأمن لهذا البلد منبع الرسالة، ونحن على يقين بأن الحزم والحسم كفيلان بأن يُطفئا هذه الشرارة اللعينة في مهدها وأن ملاحقة الجناة في جحورهم المظلمة وأوكارهم البائسة كفيلة بقطع رأس الحية قبل خروجها، وعليه نسأله تعالى أن يحفظ البلاد من كل مكروه وأن يديم نعمة الأمن والأمان عليها وأن يخذل أعداءها إنه سميع مجيب، ويطيب لنا بهذا المقام أن نؤكد لسيدي ولي العهد وقوفنا جميعاً صفاً واحداً خلف سموه لاجتثاث جذور الفتنة وتحقيق الأمن والرخاء في ربوع المملكة التي رسمته في أفقها إشراقة حملت إليه صمتها وغربتها فهل يخضر الزمان على يديه كي تغرد العصافير الحزينة؟ وإليك سيدي ولي العهد نبعث سلامنا عبقاً معطراً نهديه لك في زمن الابتسام الصعب فأنت هذا الفجر الذي يأتينا بلا موعد وبلا انتظار.
الرياض 11333 - ص.ب 340184
|