ثمة أصوات تكاد تخترق آذاننا بصرخاتها.. وثمة أنين يحرق عمداً بقلب صاحبه.. وحشرجة تخنق أنفاسه..
بحجم الكون.. وضجة المكان.. وتعدد الوجوه.. أحاول ان أتبين الخطأ من الصواب وتمر بي عدة وجوه.. أتجول في صمتها لا تتردد في فضائه سوى أصداء هكذا أنا عليه.. ولا أستطيع حيال ذلك.. أمي كانت كذلك وأنا مثلها.. تلك سمة ورثتها عن أبي.. لو لم يسئ أهلي معاملتي لما أنا عليه اليوم..
كثير ما نسمع من الناس تلك العبارات وهم في صدد تبرير سمات لا يرضون عنها في شخصيتهم.. وعبارات أخرى كثيرة تدل على إيماننا بحتمية تركيبة شخصيتنا حسب الشكل الذي ركبت عليه.. مما لا شك فيه ان عوامل الوراثة والبيئة تلعب دوراً مصيرياً في بناء الشخصية.. ولكن هل تلعب دوراً حتمياً لا مفر منه في قضائه وقدره؟ هنا الجواب لا يحتمل سوى جانبين.. التأكيد أو النفي...
فالبيئة لها دور في تنشئة الطفل.. فحين ينشأ الطفل في بيئة متشددة وناقدة فإن ذلك يوصله إلى اتهام نفسه والآخرين..
وحين ينشأ في بيئة عدوانية لا يتعلم من ذلك سوى محاربة الغير.. والانهزامات الداخلية.. وحين يعيش في الخوف يشب على القلق وحين يزرع فيه الحسد والغيرة يغادر الحب قلبه إلى الأبد..
أحقاً إلى الأبد ...؟!!!
وهل هذا يعني ان نشأته وتربيته قد أقفلتا أمامه أي درب للإخلاص ...
مما يعاني منه وما يسبب له من حالة لا توازن وفقدان الانسجام الحياة ..؟!
وهل هذا يعني ان البيئة وعوامل الوراثة هما المتسببان...؟!!
وهل هذا يعني ان الإنسان الفرد كائن قاصر مدى حياته..؟!!
وبذلك يكون عاجزاً عن امتلاك الوعي الكامل.. فالوعي هو برأي الخطوة الأولى التي تخول الإنسان بان يكون أو لا يكون..
بان يكون قادراً على التميز بما يجلب له الفائدة.. وإما أن يكون غير قادر على التميز وبذلك يجلب لنفسه الضرر..
فإذا ما انتفى الوعي.. ذهبت معه القدرة على الاختيار التي تجد تتويجاً لها في القدر على التغيير والتأثير في منبع الذات أولاً ومن ثم في محيط المجتمع..
وعند انتفاء القدرة على الاختيار والتغيير تنعدم المسؤولية.. والإنسان غير المسؤول لا يمكن محاسبته..
فهل يقبل أحدكم ان يعتبر قاصراً وغير مسؤول عن أفعاله...؟!!
تلك لا بد شتيمة مبطنة على ما أعتقد.. فالأكيد أن لا أحد يقبل أن يعتبر قاصراً وغير مسؤول عن أفعاله..
لا بد من الوعي والإدراك لنكون ما نريد لأنفسنا ان تكون..
* شيء من الوجدان:
كثير من الأحيان نستعد للخروج أو المواجهة الاعتيادية داخل إطار المجتمع الذي يبدو عادياً للآخرين.. وفي لحظة وبصمت تذهل مما رأيته.. ولكنها خطوة أولى من آخر الخطوات لنهاية الصورة المثالية للحياة التي علقت في ذاكرته بعيداً عن حدود دائرته الضيقة الصغيرة..!!!
|