Monday 10th november,2003 11365العدد الأثنين 15 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
حتى لا تنتصر الكراهية
عبدالله بن بخيت

حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال لا أعرف أي شيء عن الانفجار الذي دوى يوم أمس الأول في الرياض فمازال الوقت مبكراً لم تصلني الجرائد بعد. أدعو الله أن يكون عدد الضحايا من أي جنسية قليلاً وألا يفرح منفذو هذا الانفجار ومن يقف خلفهم.
أظن أننا الآن نعيش في بلادنا فيما يعرف بعنق الزجاجة وسنخرج منه سالمين إن شاء الله. الذي يتابع حملات الأمن المظفرة على مخابئ الإرهابيين في أنحاء المملكة يعرف أن المسألة ليست وليدة اليوم، وليست حتى وليدة سنة أو سنتين، فالمسألة مخطط لها منذ زمن طويل. والقضية ليست عملا إجراميا معزولا، وإنما هناك تشعبات ضربت بجذورها الفاسدة في أعماق الناس وظفت محبة الناس لدين الله وتشجيع الدولة لكل ما فيه خدمة الإسلام لتحقيق أهدافها.
ليس جديدا إذا قلنا إن الجرائم السياسية لا تنمو إلا في البيئات المتعصبة والمتشنجة عندما يصار إلى عزل الناس وفئة الشباب خاصة والسيطرة على عقولهم يمكن بالتالي إعادة صياغة وعيهم إلى درجة قتل النفس، عندما تصنع ابنك على التعصب عليك أن تكون مستعداً لكل الاحتمالات. والتعصب لا ينمو إلا إذا توفرت الكراهية. لا يقتل إنسان إنساناً آخر إلا إذا حقن قلبه بالكراهية له. وتتضخم هذه الكراهية وتصبح وقودا للعمل إذا وفر لها مناخ ديني يربط بين قتل الآخر وبين عبادة الله والتوسل إليه.
في العشرين سنة الماضية تم ربط مفهوم العلاقة بالآخر سواء كان الآخر من قبيلة أخرى أو من مذهب آخر، أو من دين آخر بالدين. فأصبحت كل العلاقات تترجم بمفهوم ديني، وقام في الوقت نفسه عدد المتعصبين لأسباب مختلفة بتكريس هذا الاتجاه حتى أضحى ابني أو ابنك عندما يرى غريباً يسألك: هذا كافر يا يبه؟ فنما لدينا إحساس أن المسلم لا يتعايش مع الآخر بل إن الأرض لا تسع المسلمين والآخرين في الوقت نفسه، إذا عرفنا أن من ضمن النصائح التي يسمعها أبناؤنا الصغار: إذا رأيت الكافر في الشارع عليك بمضايقته وعدم التوسيع له للمرور، وعدم الأكل معه وعدم الشرب معه وعدم السفر إليه وعدم الابتسام في وجهه. عليك أن تسعى بكل ما تستطيع لايذائه وذروة الايذاء هي القتل. وهو ما يفعله هؤلاء الارهابيون في الوقت الحاضر.
التعصب وكراهية الأجانب ليست وليدة اليوم، وليست حكرا علينا بل هي موجودة عند كل الشعوب، وفي كل الأديان. ولكن الأمر يختلف باختلاف حرية التعبير وكمية التسامح المتوفرة في هذا المجتمع أو ذاك. بعبارة أخرى من يقود الرأي في المجتمع. هل هو الفكر المتسامح؟ أم الفكر المنغلق والمتعصب؟ الفكر المنفتح على العالم أم الفكر المنغلق على نفسه؟
الرأي يتشكل في المدارس من خلال المناهج المدرسية ونوع المدرسين الذين يقدمون المادة للتلاميذ، كما يتشكل من خلال أجهزة التوجيه في الإدارات وبالطبع في وسائل الإعلام: جرائد، وتلفزيون الخ مضافا إلى ذلك منابر المساجد وإذا كانت هذه كلها تساق بفكر واحد وبتوجه منفرد فقد يؤدي هذا إلى التعصب ثم الكراهية المنتهية بالقتل والتدمير. الفكر المتعصب لا يبدأ من فوق بل يبدأ دائماً من تحت: يبدأ حربه على النقاط الأضعف.
ففي كل مرة يحقق مكاسب تراه يتقدم أكثر ليوسع من قاعدة كراهيته، وخصوصا إذا سيطر على وسائل الإعلام والمدارس وصار هو الذي يوجه الرأي.
بالتأكيد سوف ننتصر في حربنا على الإرهاب ولكن لن يكون نصرنا كاملاً إلا إذا حققنا النصر على الكراهية والتعصب وبنينا مجتمع التسامح وحرية الرأي.

فاكس 4703347

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved