الانضمام المرتقب للمملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية سيؤدي عملياً الى التأكيد على تحرير التجارة الدولية وانفتاح الاقتصاد السعودي للعالم. وهذا يعني ان منافسة المنتجات المستوردة للمنتجات المحلية في الأسواق السعودية ستزداد حدتها وشراستها وأهم مجالات المنافسة ستكون في المنتجات الصناعية وسيكون على المملكة العربية السعودية الالتزام بتطبيق اشتراطات منظمة التجارة العالمية واعادة النظر في أنظمة واجراءات دعم الصناعات المحلية ومعنى هذا أن على الصناعات السعودية أن تتهيأ لمواجهة الواقع القادم والتأكيد على استحقاقات المنافسة خاصة في جانبي جودة المنتج وسعره وقد أدركت الكثير من المصانع السعودية هذا الواقع القائم وعملت على تفعيل جانب الجودة والحصول على شهادة الآيزو. وفي جانب التكلفة، فقد يكون من الضروري التفكير في الاندماج بهدف تخفيض التكلفة المتوسطة ورفع قدرتها على المنافسة سعرياً وتوسيع أسواقها باستهداف الأسواق الخارجية، ولتكن البداية بالأسواق الاقليمية القريبة، وتفعيل مبدأ الميزة النسبية.
* مرحلة ما بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية تتطلب رؤية اقتصادية استراتيجية وخاصة للقطاع الصناعي، وذلك بتوجيه الاستثمارات الصناعية في المجالات التي تمتلك فيها البلاد ميزة نسبية حتى تتمكن من خلق قدرة تنافسية تستطيع فيها المنتجات المحلية المنافسة داخليا وخارجيا والخروج من مأزق ضيق السوق المحلية. وهناك قطاعات أخرى يمكنها ان تخلق صناعة ذات ميزة نسبية حقيقية مثل قطاع العمرة والزيارة واعتبارها جزءاً من استراتيجية تفعيل قطاع السياحة. وهذا القطاع يمتلك أنشطة واسعة وكبيرة لها قوة دفع أمامية وخلفية يمكن ان تقوم عليها أنشطة اقتصادية عديدة تزيد من نسبة اسهامها في تكوين الناتج المحلي الاجمالي.
* القطاع السياحي في الاقتصاد السعودي مهم، ويمتلك مقومات حقيقية لسياحة مختلفة تتجسد في الميزة النسبية فيما يعرف بالسياحة الدينية وأحسب ان النهج العلمي الذي تتبعه الهيئة العليا للسياحة سيكون له أثر ايجابي في المستقبل وقد تكون في طريق المستقبل بعض المعوقات الاجتماعية الشكلية التي يجب أن نتجاوزها والتعامل مع المتغيرات الدولية بموضوعية والنظرة الى السياحة كصناعة وكرافد اقتصادي يجب ان تتضاعف، على أقل تقدير، مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي التي تقدر بنحو 8 ،8% وفق آخر الاحصاءات المتاحة.
* الأنظمة الاقتصادية الحديثة والأجهزة الاقتصادية الحكومية الحديثة اسهمت بشكل كبير في اثراء مناخ الاستثمار في الاقتصاد السعودي والسؤال: هل هذا يكفي؟ الجواب «لا» كبيرة، لأن المنافسة الدولية على الاستثمارات الأجنبية شديدة نحن لا نحتاج الى رؤوس الأموال فقط بل يجب أن نتعامل مع هذا الأمر من منظور ربط رؤوس الأموال الأجنبية بجلب التقنية الحديثة وتوثيق الارتباط بالاقتصاد العالمي.
* نظام الاستثمار الأجنبي الجديد جيد ويحتوي على مرونة، وأسهمت الهيئة العامة للاستثمار بدور فاعل في تطبيق هذا النظام. المشكلة تتركز حاليا في القائمة الاستثنائية التي تعيق الاستثمار في بعض المجالات الحيوية، ونحن في زمن لا يسمح بالقيود بحكم حدة المنافسة الدولية على الاستثمارات الأجنبية هذا بالاضافة الى أنه قد لا يستبعد أن تكون هناك بعض المعوقات الادارية التي تعيق تطبيق النظام التي يجب تجاوزها. هذا الموضوع يحتاج في زعمي الى خلق ثقافة ادارية اجتماعية ترتكز على رؤية وطنية تعتبر مثل هذه الأنظمة كاستحقاقات وطنية لا نتجاوزها وتعليقها على شماعة الاجهزة الحكومية.
رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض
|