معظم الموظفين الذين يغادرون مكاتبهم صباحا هم لم يغادروها لاول مرة فهذا ديدنهم في التعامل مع الوظيفة: توقيع للحضور في الصباح وآخر بعد الظهر او من صباح الغد لا حسيب ولا رقيب وليست الترقية والحظوة لدى المدير حسب الجهد ولكن هناك اعتبارات اخرى.
واذا كنا نعذر بعض الموظفين الذين يحولهم نظامنا الاداري البيروقراطي «الورقي» المتقادم الى مراجعين في دوائر اخرى لملاحقة معاملة تتعثر لان الموظفين في تلك الدائرة «الاخرى» قد خرجوا لاعمال من ضمنها ملاحقة معاملات لهم في جهات اخرى وهكذا. ولكن مراجعة دوائر حكومية اخرى ليس هو العذر الوحيد لهذا الاخلاء اليومي للمكاتب من موظفيها فهناك المقاهي والاستراحات وادارة الاعمال الخاصة وغير ذلك. الا ان توصيل الزوجة والاطفال الى المدارس هو شغل شاغل للكثيرين في ظل عدم توفر مواصلات جماعية حديثة ومنظمة لذلك فهذا الهدر اليومي في ساعات العمل وازدحام الشوارع طوال ساعات النهار وتعطيل مصالح الناس تحتاج الى وقفة من المخططين الذين حتى الآن لم يحلوا كثيراً من مشاكلنا الحقيقية المعلقة!!
ولقد أصبح الاستئذان هو طلب ملح لغالبية الموظفين فهم احيانا مضطرون للخروج من العمل لقضاء اعمال كان بالامكان ان تنتهي بالهاتف او عن طريق البريد او الفاكس او غير ذلك من الوسائل، ولكن رغم الوسائل التكنولوجية التي وفرناها لا نستطيع ان ننهي الكثير من معاملاتنا الا عندما نستأذن لنقف في «طابور» طويل قبل ان نكتشف ان الموظف الذي ننتظره هو الآخر يقف في «طابور» آخر ليخلص معاملة في ادارة حكومية أخرى!!
|