كتب الجنرال جورت عن قيادة الجنود، فقال: انه يؤمن ان الضابط لا يستطيع قيادة جنده اذا لم يكن يملك المعلومات الكافية عن فن الحرب، كذلك الصحفي هو قائد في مجتمعه تنطبق عليه نفس الشروط التي ذكرها الجنرال جورت فحينما يطلب منه ان يكتب موضوعا لا يتقنه، يأتي ضعيفا خالياً من الاقناع وكل كاتب غير متمكن مما يكتبه ستكون كتاباته عديمة النفع، وسينعكس ضعفه وتردده على جمهور القراء هنا وهناك وسرعان ما يكتشف القراء ان كاتبهم يفقد احترامهم وقلما ينخدع القراء لذلك الكاتب الصحفي الذي يتهرب من الاجابة على سؤال عويص بقوله: سنجيب عن هذال السؤال مثلاً في بحث آخر».
ولابد للكاتب الصادق الأمين الماهر بأن تكون معلوماته أكثر بكثير من ذلك النزر اليسير، وقد يكون هذا شيئاً طبيعياً، لان الكاتب يختار عادة المادة المناسبة للمقالات المناسبة هذا بالنسبة لأسرة التحرير وينتقي القليل من الكثير الجم الذي يساير جميع الأفكار الحديثة ويتابع ما يجد من تقدم، وما ينشر من بحوث في الموضوع والشخص الذي يفقد الحماسة لطلب المعرفة لا ينتظر منه ان يثير في الآخرين الفرح، هذا رأيي شخصياً، نعم الفرح الذي يصحب اكتشاف الحقائق لذلك فإن عليك ان تكون طموحا في موقفك وحدد لنفسك أهدافاً عالية بعيدة يسعى القراء لبلوغها لتحقيق تقدمهم روحيا وعقليا ومعنوياً، لان حماستك سوف تنتقل اليهم، وليس هناك أي سبب يمنع جهودك هذه من ان تحقق تقدمك ودفع قلمك معهم في الوقت نفسه ولعده قرون خلت كان مفهوم مهارة القراءة دائما هو أول شرط في جميع المدنيات ولعل المعارف التي تتحصل من الكتب هي أكثر مما يتحصل بأية واسطة أخرى، ومع ذلك فإنه يوجد نقص مخيف في الكتب والكتاب وفي جنوب شرقي آسيا وافريقيا، مما أدى الى اضعاف ذلك وقد كشف استطلاع أجري حديثا في أحد اقطار جنوب شرقي آسيا عن حقيقيةمروعة هي ان الطلاب المتقدمين لدخول الجامعة قد قرؤوا في المتوسط ثلاثة كتب فقط غير الكتب المدرسية المقررة. وكانت هذه الحقيقة واضحة لكل من حضر لجان القبول للجامعات في ذلك القطر، فقد كان اولئك مجردين تماما من العلم خارج نطاق المذكرات التي يمليها عليهم اساتذتهم والقطع التي حفظوها عن ظهر قلب من كتبهم المدرسية وكانوا عاجزين عن التفكير المستقل وقصة الطالبة التي قامت بدراسة عن شكسبير، فحاولت تلك المحاولة عن رواية «حلم ليلة صيف؟» ففشلت وكان ردها «انى لم أقرأ الرواية يا سيدي» نعم والجواب واضح لا يحتاج إلى دليل لصحة القول.
محمد عبدالعزيز الحلواني - مكة المكرمة |