Sunday 9th november,200311364العددالأحد 14 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

البطالة الواقع والمأمول .. هذه البطالة الواقع والمأمول .. هذه
نظرة قاصرة للشاب السعودي
عبدالله بن محمد الحميضي /الرياض

التحقيق الصحفي الذي أجري مع أمين عام مجلس القوى العاملة، الذي بين فيه أسباب عدم تحقيق النسبة المطلوبة للسعودة بمحاولة تمرير المبررات غير المقنعة بان المواطن السعودي يتطلع إلى العمل في قطاعات وأماكن محددة ونوعية معينة من الوظائف وخاصة الإدارية والمكتبية والأمن الوظيفي، وبعد ان سرد كل سلبيات المواطن المزعومة، طمأننا بان استراتيجية تنمية القوى البشرية في المملكة التي أقرها مجلس القوى العاملة تهدف إلى تهيئة القوى العاملة خلال مدى زمني يمتد إلى عام 1445ه، إن علينا ان نلتزم المبدأ الإداري العظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده في إدارتهم لمرؤوسيهم، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتابه إلى الأشتر النخعي «ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان وتدريباً لأهل الإساءة وألزم كلا منهم ما ألزم نفسه»، فالمواطن يرى بعينه بعض العمال من شرق آسيا يرفضون أقل من 1200 ريال إضافة إلى جميع البدلات المعروفة وغير المعروفة والسعودي يتم تعيينه ب 1000 ريال شاملاً جميع البدلات ويشترط عليه امتلاك سيارة وقد تم تعيين البعض منهم في القطاع الحكومي ب 800 ريال فتوجيه اللوم على المواطن بأنه سبب عدم تحقيق السعودة والتي لم تحصر كوجهة نظر وإنما كحكم نهائي وإمهال التاجر عشرين عاماً أخرى، وتبشيره باستمرار غض الطرف بتاريخ الاستراتيجية ويؤكد ذلك تزايد المشاريع الأهلية مثل ازدياد عدد المدارس الأهلية التي تبنى في مدينة الرياض التي أصبحت أكثر من المنازل في أحيائه، مثالاً وليس حصراً، متروك لهم حرية فرض رسوم عالية وأسعار خيالية وامتصاص دم المواطن وعدم الإسهام في توظيف السعوديين وعدم تحديد رواتب القلة القليلة من الموظفين فمن له ضلوع قوية تسهل أموره ويدلل بدرجة عالية، كما يغض النظر عن عدم انتمائهم للوطن، والتبرير الخالي من استدلال يكون صاحبه أشبه بالطائر حين يبيض في غير عشه! فسمات الإنسان الحر انه يملك حساسية فائقة نحو الواجبات المترتبة عليه، ونحو استخدام الإمكانات المتاحة، له خصوصاً اننا نتعطش إليها الآن، فإمكانات الرقابة على الأشياء أخذت في الضعف المستمر، حيث تعودنا منذ أجيال بعيدة، أن يبحث المسؤول عن كبش فداء يحمله الأخطاء والعيوب، أضف إلى ذلك انه حين يواجه مشكلة يرغب في أن يعثر على حل يكلف به غيره حتى لا يبذل أي جهد إضافي، فلو تأملنا في الرؤيا الإسلامية لموضوع الانتماء وجدنا انها تكاد تحصر تجليات الانتماء في أمرين هما: الإحسان، والإصلاح، قال تعالى: {إنَّ پلَّهّ يّأًمٍرٍ بٌالًعّدًلٌ $ّالإحًسّانٌ $ّإيتّاءٌ ذٌي پًقٍرًبّى" $ّيّنًهّى" عّنٌ پًفّحًشّاءٌ $ّالًمٍنكّرٌ $ّالًبّغًيٌ يّعٌظٍكٍمً لّعّلَّكٍمً تّذّكَّرٍونّ} .
فالإحسان يعني التنازل عن بعض المصالح الخاصة في سبيل تحقيق مصلحة عامة، أما الإصلاح فانه يعني تشجيع بوادر الخير في المجتمع، كما يعني الإصلاح تحسين البيئة الاجتماعية، فنظرتكم للشاب السعودي القاصرة تعني الجهل به، فالإنسان يبدو لكم انه عادي، والحق انه يملك شيئاً يتفوق فيه، ويميزه عن باقي أقرانه، وذلك لأن الذكاء ليس نوعاً واحداً فهناك الذكاء اللغوي، والذكاء الرياضي، والذكاء الاجتماعي والتجاري، وهناك ذكاء في فهم الذات، وذكاء في فهم التاريخ، والمشكلة تكمن في عدم وجود من ينبه الشخص في نقطة التفوق لديه، أو عدم توفر الظروف التي تبرز الجانب اللامع في شخصيته، فإن كثيراً من قصورنا في التعامل مع الإبداع ربما كان يعود إلى سوء فهمنا للذكاء والإبداع، وقد يخطئني البعض، بأن الطالب في المدرسة هو الذي ينبه والموظف الجديد لا، فأقول له ان الأشبال حديثو عهد بالوظيفة يحتاجون إلى الوقت الكافي لاكتشافهم من المدير المباشر، أو غير المباشر، ومن ثم استغلال المواهب فهل هناك مديرون سعوديون قادرون والله انهم أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، وليس اثنتين، فرأيي ان الشباب السعودي يبرأ من استراتيجيتكم التي أشرتم إلى أنها ستطول حتى عام 1445هـ، فالاعتراف بالحق فضيلة، فخطأ البعض أو تهربه من المسؤولية في وصفه لسمات الإبداع بانها خلقية والحقيقة انها أشياء يمكن ايجادها، وغرسها، قد يتعذر في البعض لموروث عن الآباء والأجداد، إلا أن المعظم يستجيب لما نريد ويقبله، فمن غير الممكن ان نتوصل إلى حلول كاملة، في وسط غير كامل، فلو تأملنا في إدارات القطاع الخاص لوجدنا أنها مصابة بحمى الإنجاز السريع، الذي يزرع الخوف والانكماش بدلا من الإبداع، فالحرية شرط مهم للإبداع، والتوجس من كل فعل وكل كلمة، قيود تقتل الإبداع، ولن ينتشر الإبداع في الجيل إلا إذا نظرنا إليه نظرة جيدة، ويجب ان نبشر بها على كل صعيد وبكل وسيلة، ولا إبداع لمرؤوس إلا بسبق رؤسائه له، ودافع الإبداع انبهاره وإعجابه الشديد برئيسه المبدع فصانع الإبداع الرئيس، والمرؤوس بدوره يتقلد الطرق باختلاطه به، فالثقافة أداة تربية، وإصلاح، كما انها أداة تصور للمشكلات، وتحديد التحديات، فهي الوسيط في كل أعمالنا الحضارية الكبرى، وخصوصاً توسع الثقافة والدراية ببعض الأفكار حول القلق والتوتر وكيفية المساعدة على خفضهما لدى الغير والوعي والإحساس بالشأن العام وبحقوق الأغلبية المستضعفة من الناس، الذين لا يجدون حولاً ولا قوة في التعبير عنها، فأمة الإسلام للأسف تعاني من حزمة من المشكلات، مثل: الفقر، والجهل، والتخلف التقني، والظلم الاجتماعي، والأخذ بأيديهم يولد لديهم هواجس الاهتمام بمستقبل الأمة والإسلام، وإصلاح شأنها.
تسود في أيامنا هذه موجة عظيمة من استهداف جمع المال. والميل إلى جعل الاستحواذ عليه هدفاً لكثير من أنشطة الحياة، وقتلت هذه الموجة معاني السمو الإنساني، وجعلت الكثير يحط من كرامة الإنسان الصغير مادياً، وتقزيم دوره العظيم في الحياة. فالمثل الذي تملك قلوب البعض هو: «اللي معه قرش يساوي قرش واللي ما معه شيء ما يساوي شي» أخي المسلم: انتظار مثوبة الله في الآخرة، وتعويضه في الدنيا، يفتح لنا باب الأمل، والرجاء، على مصراعيه، فبذلك نشعر بالأمن، والاطمئنان، فالنموذج الرفيع هدف المسلم ان يكون متمثلاً فيه، فمهما كثر الخير لدى الناس، وعمهم الرخاء، فانهم سيظلون يتوقعون اللمسة الإنسانية من قريب وصديق وجار وزميل. حيث ان هذه الحياة فيها أشياء كثيرة لا يمكن الحصول عليها بالمال وقال تعالى: {$ّالَّذٌينّ تّبّوَّءٍوا پدَّارّ $ّالإيمّانّ مٌن قّبًلٌهٌمً يٍحٌبٍَونّ مّنً هّاجّرّ إلّيًهٌمً $ّلا يّجٌدٍونّ فٌي صٍدٍورٌهٌمً حّاجّةْ مٌَمَّا أٍوتٍوا $ّيٍؤًثٌرٍونّ عّلّى" أّنفٍسٌهٌمً $ّلّوً كّانّ بٌهٌمً خّصّاصّةِ $ّمّن يٍوقّ شٍحَّ نّفًسٌهٌ فّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ پًمٍفًلٌحٍونّ}.
ولا بد ان يملك المدير قدرات القراءة والكتابة والكلام والتخمين فالنظرة إلى ما يطلق عليه «لغة السياسة» في أغلب القطاعات الخاصة في بلادنا يثبت إلى أي مدى نحن جهلاء. فاكتساب احترام اللغة باعتبارها أغلى هبة وميراثا لدى الإنسان وفهم التعريفات القديمة للتعبيرات البلاغية باعتبارها الفن الذي يجذب قلب الإنسان إلى حب المعرفة وبدون تحفيز الناس عن طريق الكلمة المكتوبة والمنطوقة لن يكون المدير ناجحاً إن نجاح المديرين يحدد بنجاح العمل والوصول إلى الهدف وهو أيضا اتجاه الإدارة بأكملها أي لو جيء بعمال عاديين غير مبدعين وليس فيهم سيىء أو متقاعس لقامت المنشأة على إنتاجهم بنجاح بدون مدير ولكن أهمية المدير هي في توحيد الرأي وسياسته وإبداعه أي ان شروط القدرة والإبداع تقع على المدير قبل العامل.
فالقياس للإنتاجية المرجوة ليست في الأجر المناسب للعمل المناسب، لأن هذا يجعل العامل لا يعمل إلا المطلوب منه فقط، وطبيعة الإنسان تدعوه إلى أن يصبح أفضل العمال وليس أسوأهم، وهذا هو الهدف المنشود للجميع لا بد للتاجر ان يطمع في أكثر من مجرد «عامل مناسب».

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved