في رأيك .. ما العلاقة بين العلم والحجارة في المثل التربوي المعروف القائل بأن «العلم في الصغر كالنقش على الحجر»؟ .. نعم ما هو يا تُرى وجه الشبه بين العلم والحجر الأصم؟
إن العلم كما تعرف هو المرونة.. الانسيابية .. الحراك.. التقدم.. التشكل.. التغير.. الرقي.. الرفعة.. بينما الحجر - كما تعي أيضا- فدأبه اما أن يظل في مكانه.. حيث هو.. لا يتزحزح قيد انملة على غرار قول من قال (كناطح صخرة يوما ليوهنها..) أو قد يسقط بفعل السيل الجارف من عل على منوال (... كجلمود صخر حطه السيل من عل)، أو قد يحاول هذا الحجر الارتفاع ليسقط من ثم إلى حيث بدأ.. كما أكد ذلك الشاعر العربي بقوله:
|
كالحجر الملقى إلى صاعد
ليس له هم سوى عودته |
وهناك أيضا احتمال أن يصير مصير الحجر كمصير حصاة المتنبي التي أخبرنا عنها بقوله:
|
مثل الحصاة التي يرمي بها أبداً
إلى السماء فترقى ثم تنعكس |
وهكذا ونتيجة لعدم التوصل فيما ما سبق تسطيره على أي دليل يثبت العلاقة بين العلم والحجر، حاولت مرة أخرى الالتفاف على كثبان اليأس التربوية الضاربة في أعماق مثلنا المعني محاولة مني للعثور على أي وجه شبه بينهما.. وبشراك ففي النهاية وبعد أشواط من المراوغات وأنفاس من المناورات استطعت التوصل إلى سر العلاقة العنقائية بين العلم والحجر: ففي العلم رسوب مثلما أن هناك أحجاراً رسوبية.. وكما أن العلم قد نقل بإذن الله البشرية من عصورها المتحجرة إلى عصورها المتفجرة بكنوز المعارف وجواهر العلوم، فالنقش على الحجر ليس إلا محاولة للسفر إلى الماضي السحيق.. شدّاً للرحال حيث العصور الحجرية لمجرد الاطلاع والعظة المجردة .. أو (وش رأيك!) لو قلنا ان العلاقة بين العلم والحجر تتمثل في حقيقة أن العلم يمثل المعول الوحيد القادر على تفتيت صلادة وصلابة الحجر وتحويله إلى مستوى الحصيات الصغيرة.. أو - وأعدك أن يكون هذا هو الاحتمال الأخير- ان سر العلاقة بين العلم والحجر يكمن في أن العلم هو الوسيلة الوحيدة التي من خلالها استطاع الإنسان ان يكتشف تأثيرات عوامل التعرية في الحجر حيث استنسخت عبر الدهور والعصور خشونة الجلمود إلى حبات رملية ناعمة نعومة أظفار الحاجة الماسة إلى تربية علمية أثرى مما زُرع وحُصد.. أو دعني (بس!) أقول... أثرى مما وُجد وأعمق مما استجد .. وسلامتكم!
| 
