حين نتابع مدى إسهام القطاع العسكري في كل قطاعاته في الشأن الاقتصادي ككل فإننا نلحظ الغياب الكبير في هذا الجانب ولا نجد إلا القطاعات العسكرية مغلقة على نفسها ولا تتصل من قريب أو بعيد في الشأن الاقتصادي أو حتى الاجتماعي، حيث نجد ان إسهام هذا القطاع معدوم كلياً، وحين نقارن نجد كثيراً من دول العالم المتقدمة أو حتى الأقل نمواً نجد إسهاماً كبيراً من هذا القطاع العسكري في المشاركة الاجتماعية سواء في الكوارث أو فيما يتعلق بالإسهام الإيجابي في المجتمع كرافد مهم يسهم في النمو الاقتصادي خاصة في حالات السلم.
ولقد أطلق صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني مشروع وآلية لتدريب الشباب السعودي بما يستوعب 10 آلاف متدرب سنوياً وعلى أن تستوعب القطاعات العسكرية ما يقارب 25% منهم ويتاح للبقية إكمال مراحل تعليمهم في كليات التقنية وان يتم توظيف 50% في القطاع الخاص، ولقد تم رصد مبلغ 270 مليون ريال لتجهيز المواقع والإمكانيات للقيام بذلك، وهذا التوجه الإيجابي الذي أطلقه سمو ولي العهد يدعم التوجه الحكومي الخاص بتأهيل المواطن بمختلف مستوياته التعليمية وأيضا يعطي فرصة كبيرة لهؤلاء الشباب لكسب مهنة يعيش منها، وأيضا أهمية اكتساب المهن بكل أنواعها وأصنافها والتي يحتاجها الاقتصاد السعودي والمواطن السعودي والتي أصبحت هي مهنة لغير السعوديين برغم ما لها من مكاسب مادية كبيرة تفوق صاحب الشهادة وحتى العليا منها، هناك فجوة كبيرة جدا في هذه المهن وأرجو خالصاً ان تتم وفق برامج واضحة وخطط مستقبلية تواكب حاجة السوق وليس التدريب للتدريب وإشغال للشباب بقدر ما هي تحقق عدة أهداف بوقت واحد.
اكتساب المهن الحرفية سيوفر الكثير على اقتصادنا المحلي وسيوجد فرص عمل كبيرة في سوق العمل لدينا، وستقلص البطالة المرتفعة والمتنامية لدينا في بلد يحتاج كل مهنة ووظيفة من النجار إلى المهندس الميكانيكي إلى كل مهنة مهما نظرنا لها بانها صغيرة، ومن المهم جدا ان يواكب ذلك حملة إعلانية بأهمية انخراط الشباب بهذه المهن وان يكون عصر جديد لهؤلاء الشباب ومجتمعنا الذي ينظر لوظيفة المكتب والمباني أنها هي الأفضل والمستقبل، من المهم ان يستوعب الشباب أهمية ذلك وان تكون هدفاً وطنياً مهماً يوضح لها خطة على مدى سنوات.
من المهم هنا التذكير بدور المرأة فلماذا هي مغيبة هنا؟ وحين نجد أعداد الخريجين والعاطلين عن العمل فانه بنفس السياق المرأة، فالبطالة لديهن عالية، والخريجات كذلك، ولا أقصد هنا أن تعامل المرأة كما المهن الشبابية ولكن معها، ان تدرب وتوضع البرامج لها بما يتناسب معها مثال ذلك القطاع الصحي بكل قطاعاته المختلفة، ونجد المستشفيات التابعة للقطاع العسكري تشكل نسبة كبيرة وبأعداد كبيرة جدا، والاحتياج عال جدا ونسبة السعوديات في ذلك متدنية جدا، وكذلك أهمية تدريب المرأة على الشأن الاجتماعي والخيري والتدريب له، ومنها الجمعيات الخيرية بكل قطاعاتها، وكذلك القطاعات التعليمية التي تختص بشأن المرأة، ويجب ألا يكون هناك غياب وتغييب للمرأة في ذلك بقدر ما يتوفر من وظائف وحاجة لهن فهي جزء مكمل وأساسي في مجتمعنا.
من الأهمية الفهم الكامل لهذا التوجه وانعكاسه المستقبلي على مجتمعنا واقتصادنا المحلي والدور المهم للقطاع العسكري الذي سيظهر بشكل إيجابي وفاعل وليس كما هي النظرة العامة له بانه مجرد مهتم بالشأن العسكري والأمني وغير مساهم بالمجتمع وهي ما يفترض ان يكون عليه في حال السلم خصوصاً فهي طاقات معطلة وغير مستغلة برغم الإمكانيات الكبيرة لديهم، هذا التوجه لن يكون فيه خاسر متى أحسن التخطيط والتنسيق والتدريب والرعاية له وهو ما نتمناه.
|