* فلسطين المحتلة بلال أبو دقة:
لقد حوّلت رصاصة صهيونية غادرة حياة الطفل عمار سعيد أبو رياش «14 عاما» من مخيم الشابورة للاجئين الفلسطينيين بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة عن مسارها الطبيعي لتقعده مشلولاً بلا حراك.. شلل رباعي وضع حداً لأحلامه وطموحاته وأقعده سجين كرسي كهربائي متحرك يلازمه طيلة وقته.
بدت عينا الطفل الزائغتين تحلمان بمستقبل يستطيع فيه الفكاك من إعاقته التي سببها رصاص الاحتلال الإسرائيلي، ويهفو قلبه إلى أن يعود سليما معافى كباقي أبناء جيله ليلتحق بمدرسته، لكن الإصابة الصهيونية القاتلة لحياة الطفل وضعت حدّاً لأحلامه وتطلعاته.
يقول الطفل عمار الذي ينتمي لأسرة متواضعة مكونة من ثمانية أفراد ل«الجزيرة»: صبيحة يوم 24/11/2000م خرجت مثل العشرات من أبناء المخيم لإسعاف جرحى ونقل شهداء إحدى المجازر الإسرائيلية وكنت مع مجموعة من أبناء المخيم نحاول نقل الشهيد الطفل كرم الكرد الذي قنصه جنود الاحتلال المتمركزون بموقع ترميد العسكري على بوابة صلاح الدين، وبالفعل نجحنا في نقله إلى سيارة الإسعاف.. وفي هذه الأثناء أصبت بطلق ناري ثقيل ومتفجر في منطقة الرقبة، نفذ من أسفل الأذن واستقر في الفقرة الثانية من العمود الفقري .. فقدت حينها القدرة على الكلام وساءت حالتي.. وعندما حضر الأطباء في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار وسألوني عن اسمي لم أستطع الإجابة وأغشي عليّ.
وقرر الأطباء نقلي إلى أحد مستشفيات المملكة الأردنية، وأجريت لي عملية جراحية استمرت ثماني ساعات متواصلة استخرجوا خلالها شظايا الرصاصة المتفجرة من جسدي وأدخلوني غرفة العناية الفائقة، وكانت حالتي وقتها أخطر من وقت إصابتي، وقالوا لي بعد أن أفقت من التخدير إن قلبك توقف عن النبض لدقائق، لكنه عاود النبض بعد الصدمات الكهربائية ومحاولات الأطباء.
وأضاف الطفل عمار: قضيت في العاصمة الأردنية عمان أربعة أشهر متواصلة بدأت معها التحسن شيئاً فشيئاً.. لكنني كما ترون إنها هذه النتيجة.. شلل رباعي والحمد لله، كل أمر يهون من أجل القدس قبلة المسلمين الأولى.
وقال الطفل المسكين وقد بدا ضعيفاً منكسر الخاطر: أتذكر المدرسة التي أحبها وأحب زملائي فيها، وذات يوم غمرني الحنين إلى مدرستي «مدرسة رفح (ج) لذكور اللاجئين» فطلبت من زملائي أن ينقلوني إليها، ورغم شوقي لرؤيتها فإنني شعرت بالحزن الشديد عند اقترابي من بابها، وطلبت من أصدقائي حينها أن يعيدوني إلى بيت عائلتي، إلا أنهم أصروا على أن يدخلوني، وبعد وقت قليل هدأت نفسي وبدأت أستعيد ذكريات ستة أعوام قضيتها بين جدرانها، وكم تمنيت أن تعود هذه الأيام وأكمل الطفل بالدموع .
ويتلقى الطفل المشلول جلسات علاج طبيعي ثلاث مرات أسبوعياً بمستشفى الوفاء للتأهيل الطبي في مدينة غزة، ويكابد الأمرين على حاجزي المطاحن وأبو هولي الإسرائيليين كي يصل إلى المستشفى. ويقول الطفل: تعلمت في المستشفى الأكل والشرب وممارسة حياتي اليومية دون اعتمادي على الأهل.
والتحق الطفل المعاق عمار بجمعية الأصدقاء لرعاية معاقي الانتفاضة بمدينة رفح لينضم بدوره إلى آلاف المعاقين الذين تسبب رصاص السفاحين الصهاينة في عزلهم عن الحياة الطبيعية ليقبعوا في بيوتهم وفي مراكز فلسطينية تفتقد إلى أبسط مقومات حياة المعاقين نظرا للإمكانات البسيطة نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين.
ويستهدفون عيون أطفال فلسطين
هذا وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في تقرير وصلت «الجزيرة» نسخة منه عبر الفاكس: أعاق رصاص الاحتلال الإسرائيلي أكثر من «7000» فلسطيني إعاقة دائمة، منهم أكثر من «2660» طفلاً أضحوا من المعاقين.. إما فقدوا عيناً وإما يداً وإما رجلاً .. وإما أصبحوا مشلولين بلا حراك.. وتوزعت الإعاقات بنسبة « 55» في المئة في قطاع غزة و«45» في المئة في الضفة الغربية.
ونوهت الوزارة إلى أن: «20 % » من الإصابات تركزت على الرأس والرقبة، و« 8 % » تركزت على الصدر.. وأكد بيان وزارة الصحة على أن جنود الاحتلال الإسرائيلي يستهدفون عيون أطفال فلسطين حيث فقد «60» طفلاً عيناً واحدة، و« ستة» أطفال فقدوا كلتا العينين ... واستهدف جنود القناصة الإسرائيليون «22» طفلاً من أطفال فلسطين في العمود الفقري في الرقبة ليصبحوا في حالة شلل رباعي كامل ... بالإضافة إلى «140» حالة استهدفت العمود الفقري في أسفل الرقبة، هذه الحالات تعاني من شلل نصفي في الجزء السفلي من الجسم.
|