يتساءل الكثيرون عن نهضة دارة الملك عبدالعزيز التي تحققت في فترة وجيزة وتمكنت من خلالها من تجاوز مالم يتحقق لها من العقدين الماضيين. ومرد ذلك التساؤل هو تلك الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الدارة من جهة وما عرف عن الدارة من ضعف ونقص في إمكاناتها المختلفة من جهة أخرى. والحقيقة أن قصة هذا التطور والتغير يطول أمر سردها، ولكن الأهم هو أن مفتاح ذلك التغيير الذي يدل على جوانب كثيرة من تلك الشخصية النادرة التي تولت إدارة أمور الدارة من محبة وحرص وإخلاص، وذلك هو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. وأذكر في هذا المقام جانباً من جوانب ذلك المفتاح في موقف لسموه عند رئاسته لأول مجلس إدارة للدارة في مبناها القديم بالمعذر. فعندما بدأت الجلسة الأولى وجّه سموه كلمة موجزة مرحباً بالأعضاء ومذكراً إياهم بمسئوليتهم وما هو متوقع منهم كمجلس إدارة لإحداث التغيير ومساندة الجهود التي تبذل في هذا الجانب. وبعد انتهاء سمو الأمير من تلك الكلمة التوجيهية التي رسم فيها معالم عمل المجلس سألني عن نظام الدارة هل هو موجود ضمن الأوراق التي كنت أستعين بها في تلك الجلسة، فقلت لسموه إنه موجود، فطلب مني بأن أقرأ نظام الدارة مادة مادة. وبعد الانتهاء من قراءة مواد النظام تحدث إلى الأعضاء قائلاً لهم: إننا مطالبون بتحقيق ما في هذا النظام كي تنهض الدارة بشكل صحيح، ثم التفت سموه نحوي، وقال: أنتم في الدارة مسئولون عن تحقيق أهداف الدارة المنصوص عليها في هذا النظام، وسنتابعكم بشدة ونعاونكم بقوة.
هذه الكلمات وهذا الموقف هو فعلاً مفتاح التغيير بعد توفيق الله -عز وجل- حيث التزمت الخطط والبرامج والمشروعات بما نص عليه نظام الدارة وانطلقت الدارة من خلال هذا التوجيه، وساندها في ذلك متابعة صارمة من سمو الأمير في جميع التفاصيل من أجل تذليل أي صعوبة أومشكلة.
ومن عناصر مفتاح التغيير ما لمسته من سمو الأمير سلمان أثناء العمل بالدارة إلى اليوم من وفائه بوعده بأن يدعم الدارة إذا التزمت بتحقيق أهدافها ونشطت من خلال ذلك. ولقد سعدت كثيراً عندما زرت سموه في مكتبه خلال المئات من الزيارات التي كنت أقوم بها ولا أزال لعرض بعض الموضوعات على سموه، ووجدت سموه يقلب في الملفات التي تعرض عليه من إدارات الإمارة المتعددة ليبحث عن ملف من خارج الإمارة وهو ملف معاملات الدارة. وقال لي سموه: إنه يرتاح دائماً وهو يطلع على ما يخص الدارة لاهتمامه الخاص ومسئوليته، ويقوم بتقديمه على بعض الملفات الأخرى دون التأثير على تلك الأعمال التي تحظى بلا شك باهتمام سموه، حيث لا يترك المكتب إلا وجميع المعاملات قد قرئت بدقة وحظيت بالتوجيه المناسب.
والجانب الآخر الذي ربما لا يعرفه البعض عن سموه يتمثل في أنه يتحدث مع المسئول عن المعاملة مباشرة عن الموضوع الذي يعرض على سموه، ولقد تشرفت بتلقي الكثير من المكالمات الهاتفية من سموه تتعلق بموضوعات الدارة وهي في مكتبه أثناء العرض على سموه مما قلل التأخير في البت فيها، وتجاوز الروتين أو اللجوء إلى إعادة المعاملات للإفادة عن شيء معين تم تحقيقه من خلال اتصال سموه.
هذه جوانب من مفتاح التغيير، وهناك الكثير التي ربما يتاح لي الوقت في يوم من الأيام أن أسجلها للتوثيق.
والله من وراء القصد.
(*) أمين عام دارة الملك عبدالعزيز |