صفحة تصدر من إدارة التحرير للشؤون الثقافية بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
يعمل المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الذي تقوم عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على ضمان توفر أراض جديدة وذلك على مراحل لاستيعاب التوسع العمراني والزيادة السكانية المتوقعة وعلى ايجاد السبل الكفيلة بتوفير المرافق السكنية لسكان المدينة بصورة منتظمة، وهنالك محددات وموجهات تؤثر على طبيعة العرض والطلب على المساكن فما المعروض منها حالياً وما المطلوب مستقبلاً؟
مراقبة منتظمة
تتمثل الطريقة المقترحة للمخطط الهيكلي للمدينة في وضع مجموعة من الضوابط والحوافز الجديدة التي تكفل تعزيز استعمالات الأراضي بفعالية أكبر وستكون النتيجة النهائية زيادة الطاقة الاستيعابية لمناطق التطوير الجديدة بدون تخفيض المساحة اللازمة لسكن الأسر بشكل كبير، حيث ستحقق مناطق التطوير الجديدة متوسط كثافة اجمالية تزيد عن 70 شخصاً بكل هكتار بحلول عام 1442هـ مقارنة بمتوسط 50 شخصاً بكل هكتار في الوقت الحاضر.
وتعتبر تقديرات الكثافة السكانية ملائمة للتقديرات الواسعة للطاقة التطويرية لمناطق المدينة ضمن منطقة حماية التنمية إلا انه يجب إعداد تحليل أكثر تفصيلاً لتقديرات الكثافة السكانية بما يعكس التغيرات في تشكيل الأسر وفي حجم الأسر مع مرور الزمن ويمثل العدد الاجمالي للمساكن اللازمة تقديراً يستند إلى الافتراضات حول التكوين المستقبلي للسكان «سعوديين ووافدين» وعدد أفراد الأسرة وأفضليات الأسرة المقترحة وإمكانية الحصول على المساكن، والواضح انه ستكون هنالك حاجة إلى القيام بمراقبة منتظمة للطلب على المساكن وانشائها لضمان ملائمة التقديرات والخطط للحقائق المتغيرة، وعلى الرغم من ذلك ستوفر تلك الفرضيات الممكنة إطاراً مفيداً وقوياً كأساس للمخطط الهيكلي.
الأمان والخصوصية
هناك عدد من المحددات والموجهات التي تؤثر على طبيعة العرض والطلب منها الشريعة الإسلامية والبيئة المبنية فمن البدهي ان تشارك الشريعة والمبادئ الإسلامية في توجيه التخطيط في المدينة، بما في ذلك الأحياء ونمط الإسكان، وهناك مبادئ وضوابط سكنية متكاملة في التراث العمراني الإسلامي، وقد انعكست على المدن الإسلامية، فمبادئ الشريعة الإسلامية تساعد على زيادة حجم الأسرة نظراً لعدم قابلية استخدام وسائل تحديد النسل.
والاستعانة بالأسس الإسلامية لاقتراح متطلبات الأمان والخصوصية والجيرة ودرجة التنوع والاختلاط في الإسكان وكثافاتها.
الأداء الجوهري
والتركيز على المبدأ الإسلامي في العمران الذي يركز على الأداء الجوهري النوعي النهائي للحي بدلاً من التوجيه عن طريق الضوابط العمرانية الثابتة والجامدة.
ووضع أسس في حقوق الملكية والاستخدام والمشاركة في الخدمات والمسؤولية تعتمد على الشريعة الإسلامية ومشاركة السكان المسؤولية في توجيه خدماتهم وشوارعهم الخاصة وترك الشوارع العامة للجهات الحكومية.
وإعادة النظر في العناصر العمرانية الإسلامية ودورها الإنساني في حياة السكان كالمسكن الفنائي والشوارع غير النافذة والأحياء المغلقة والساحات والتدرج الايكولوجي/ العضوي الفراغي والأسواق والتظليل وغيرها.
وهناك مجال متزايد لاستخدام المبادئ التقليدية العربية والإسلامية لإعادة ادخال المساكن ذات الافنية والساحات والشوارع غير النافذة التي تقدم مجموعة متنوعة من خيارات السكن كما ان استخدام المبادئ الإسلامية فيما يتعلق بملكية العقار وحرم الطريق المشترك ومشاركة السكان في اتخاذ القرارات وفي نظام التطوير يقدم الفرص لتلبية خيارات واحتياجات السكن بصورة أفضل.
قوة العلاقات
أما فيما يخص العوامل الاجتماعية والثقافية فيمثل المجتمع السعودي نموذجاً متميزاً في قوة العلاقات العائلية والقبلية التي تشكل الروابط القوية ضمن المجتمع بشكل عام، وحيث ابتعدت أشكال السكن عن المساكن التقليدية إلى الفلل المستقلة على قطع أراضٍ مفردة فقد أدى ذلك إلى النقص في قوة الروابط الاجتماعية، ويجري التأكيد على الفردية أكثر من التواصل الاجتماعي بتلك الأنماط السكنية وبالحارات التي تنتج عن ذلك.
إن التواصل مع الجيران بالحارات الجديدة غالباً ما يكون أقل أهمية من الروابط والتواصل الاجتماعي بين افراد العائلة والأقارب في أحياء المدينة التقليدية.
كما ان المسجد يوفر مكاناً محلياً للتواصل بين أفراد المجتمع إلا انه يلزم ادخال مراكز التسوق «كبدائل لشوارع التسوق الشريطية الخارجية» لتوفير تركيز محلي أقوى للخدمات التي يمكن ان يتم التواصل فيها بين العائلات والأطفال.
انحسار وانخفاض
إن الموجهات التي يمكن استنباطها انحسار حجم العائلة تدريجياً لجميع الطبقات الاجتماعية/ الاقتصادية وبالتالي انخفاض المساحات السكنية المطلوبة.
وزيادة نسبة العوائل الصغيرة واحتمال ظهور العوائل الثنائية الشابة والكبيرة السن التي تحتاج إلى إسكان خاص.
واحتمال تأخر عمر الزواج ومن ثم زيادة نسبة العزاب العاملين والحاجة إلى توفير الإسكان الموجه لطبيعة حياتهم.
وزيادة نسبة التوظيف في القطاع الخاص وتغيير في جغرافية تركيبة مواقع العمل وامكانية ربط العلاقة بين السكن والعمل والتخديم في نفس المنطقة، والتحول من السكن المتجانس والمتأثر بطبيعة المهاجرين حديثاً والانتقال إلى أحياء غير متجانسة السكان من الناحية الإقليمية.
وارتفاع نسبة التحضر مستقبلاً، وسينعكس هذا على طبيعة التفصيلات السكنية والخدمية وغيرها، وتقبل ظهور عناصر عمرانية ومعمارية مطورة وحديثة.
ميسر ومتعدد
أما العوامل الاقتصادية فموجهاتها زيادة نسبة فئة ذوي الدخل المنخفض وانحسار ذوي الدخل المتوسط وازدياد الحاجة إلى توفير إسكان ميسر بالتمليك أو الاستئجار، ومتعدد الوحدات مع ارتفاع الكثافات بدرجة كبيرة.
وانخفاض ملكية السيارة الخاصة وزيادة الحاجة إلى الاعتماد على النقل العام. ومشاركة القطاع الخاص بدرجة أكبر وزيادة مساهمة المواطنين والمستخدمين في مراحل التنمية.
والتقليل من المساحات الخاصة لقطع الأراضي السكنية وزيادة الخدمات المشتركة وترشيد مساحات الشوارع وغيرها.
توفير الظل
هناك حاجة واضحة لإعطاء عناية خاصة لنواحي التقنية لتصميم المساكن في جو مدينة الرياض الصحراوي حيث يتجه الإسكان المعاصر للاعتماد على التحكم الفعال بالطقس (مكيفات الهواء) بدلاً من الوسائل التقليدية مثل توجيه المباني وتوفير الظل عن طريق زراعة الأشجار وزيادة الكثافات وتغطية الشوارع واستعمال مواد بناء تقليدية أكثر ملاءمة واستخدام أنظمة تهوية، ومن الطبيعي أن يترتب على ذلك توفير في الطاقة مع تأثيرات ضمنية بالنسبة للتكاليف.
تطوير المواد
إن الموجهات التي يمكن استنتاجها انخفاض اسعار مواد البناء وأنظمة التبريد وهذا يساهم في تصنيع وإنتاج الإسكان الميسر.
وزيادة مساحات الفتحات وإمكانية توجيهها إلى الشرق والجنوب والتمتع بالنظر إلى الخارج مع إمكانية استعمال الشبابيك في الاتجاهات المناسبة وإمكانية إنتاج مواد وأنظمة بناء إنشائية سهلة التنفيذ خاصة لذوي الدخل المنخفض.
وتسهيل عملية التجديد العمراني باستخدام آليات ومعدات صغيرة ومناسبة وإنتاج مواد تتلاءم مع ترميم المباني القديمة.
وتطوير المواد والتقنيات المحلية واستخدامها على نطاق واسع.
نقلة واضحة
حققت تجربة الإسكان ضمن التطور العمراني للرياض نقلة كمية ونوعية واضحة حيث يوجد أكثر من 000 ،450 وحدة سكنية في عام 1417هـ ويبلغ معدل الوحدات غير المأهولة حوالي 5% هذا المعدل في تناقص مستمر وقد تم تصنيف المساكن بموجب مسح استعمالات الأراضي عام 1417هـ بحسب النوع الى فئات (مساكن عائلات مفردة ومساكن عائلات متعددة) وكان الموجود موزعاً بالتساوي تقريباً بين هاتين الفئتين.
حالة مرضية
كانت حالة المساكن بوجه عام مرضية مع أن الدراسات الأخيرة لمشروع المخطط الاستراتيجي توحي بأن ثمة زيادة مطردة في نسبة المساكن التي تقع ضمن فئة المساكن التي تحتاج الى ترميم وذلك مع انتقال السكان من المساكن القديمة الى المساكن الجديدة، وتشير الدراسات الميدانية التي اجريت مؤخراً (1419هـ) الى ان ما نسبته 15 الى 25% من المساكن في بعض المناطق ربما تكون بحاجة الى ترميم، وتتركز ما نسبته 40% منها بمنطقة وسط المدينة.
وتشكل المساكن التقليدية المبنية من الطين غالبية المساكن التي تحتاج الى ترميم، اما المساكن الشعبية بوجه عام في وضع جيد ولكنها تحتاج إلى تحسينات.
أشكال جديدة
وتهيمن الفيلا على المعروض الكلي من المساكن لكنه يتم تقسيمها من الداخل إلى شقق بالمناطق القديمة من المدينة بوجه خاص مع ايجاد شقق مستقلة في كل دور.
ظهرت الى الوجود اشكال جديدة من السكن (وحدات مزدوجة «دوبلكسات») بشكل أكثر شيوعاً خلال السنوات الست الى السبع الماضية ضمن مجمعات مصممة بشكل أساسي للوافدين والعائلات السعودية، وقد أصبحت المساكن المتصلة بجدران مشتركة أحد الملامح المألوفة في العديد من الضواحي الداخلية للمدينة.
تظل مباني الشقق السكنية المتعددة الأدوار غير مرغوبة نسبياً بين السعوديين ويعود هذا جزئياً إلى أن بعضها يعاني من سوء موقعه وانعدام الخدمات وانعدام الخصوصية ورداءة الإنارة الطبيعية ومشاكل الخصوصية بالنسبة للنساء في الوصول الى المصاعد والأماكن العامة الأخرى.
وضع جيد
أصبحت الشقق والغرف المفردة فوق المحلات التجارية والأجنحة وأماكن الكراجات التي يتم تحويلها إلي مساكن الخدم أصبحت أكثر شيوعاً كسكن للشباب الذكور تلبية للطلب من قبل العزاب خاصة الطلاب منهم.
وبوجه عام يعتبر المعروض من المساكن في وضع جيد نسبياً في الوقت الحاضر إلا أن سرعة الزيادة في الطلب في المستقبل ربما تضع ضغطاً شديداً على العرض مما يثير اسئلة رئيسية بخصوص الإسكان الميسر وإمكانية الانخفاض المحتمل في مستويات ملكية الأراضي والمساكن على حد سواء.
خمسة أضعاف!!
لقد تم إعداد توقعات لإجمالي الطلب على الإسكان لمشروع المخطط الاستراتيجي استناداً إلى فرضية الزيادة السكانية المتوسطة وكما سبق أن ذكرنا فإن الطلب على الإسكان بناء على تشكيل الاسر ربما يتوقع له ان يزيد بمقدار خمسة أضعاف على مدى الفترة من 1417هـ الى 1442هـ مقارنة بزيادة سكانية قدرها ثلاثة أضعاف ونصف.
طرق مختلفة
إلا انه لم يتم التعبير بالكامل عن هذا التغيير في زيادة الطلب الفعلي على الإسكان نظراً لأن الناس يحددون اختياراتهم بخصوص موعد انشاء مساكنهم الخاصة خصوصاً على أساس توفر المبالغ اللازمة لإنشائها أو شرائها، وعلى الرغم من ذلك يتزايد الطلب على المساكن بسرعة كل فترة خمس سنوات على مدى فترة التوقعات.
وتوضح ورقة العمل (الإسكان والاحياء السكنية) التي تم إعدادها كجزء من أعمال المخطط الهيكلي تفصيل الطلب على الإسكان بحسب نوع الأسرة.
ودخل الأسرة والتوقع في المستقبل حتى عام 1442هـ ان مسطحات الوحدات السكنية تتراوح من وحدات صغيرة بواقع 60 متراً مربعاً بالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض إلى أكثر من 5000 متر مربع للفلل الكبرى.. وهذا يفيد ان الإسكان ليس متجانساً على مستوى المدينة، ويلزم اتباع طرق مختلفة لتوفير الإسكان للعائلات ذات الدخل المنخفض والمتوسط والمرتفع.
تحقيق التجانس
وهناك مؤشرات عن الكثافات السكانية في مناطق الشقق قد تصل لأكثر من 2000 شخص بكل هكتار في أجزاء من المدينة القديمة التي يسكنها ذوو4 الدخل المنخفض والأجانب وهو ما يتباين بشكل ملحوظ مع المناطق التي تضم الفلل الكبيرة والقصور حيث قد تصل الكثافة لأقل من 20 شخصاً بكل هكتار.
إن من الواضح ان ثمة حاجة لتلبية هذا التنوع وتحقيق التجانس في طرق إنشاء المساكن وذلك لتلبية المتطلبات المستقبلية لسكان المدينة، وبالتالي ستتباين الكثافات السكنية بشكل واسع في مختلف انحاء المدينة.
|