الإنسان المؤمن بدينه يدرك حلاوة الإيمان.. ويرى بنفسه توجيه القرآن الكريم والحديث الشريف إلى البصيرة والعمل على إعلاء شأن العلم والعلماء حيث أشاد القرآن الكريم بالعلم والعلماء في العديد من الآيات ومثل ذلك قوله تعالى: {بّلً هٍوّ آيّاتِ بّيٌَنّاتِ فٌي صٍدٍورٌ الّذٌينّ أٍوتٍوا العٌلًمّ..} [العنكبوت: 49]، {إنَّمّا يّخًشّى اللَّهّ مٌنً عٌبّادٌهٌ العٍلّمّاءٍ} [فاطر: 28] ، {قٍلً هّلً يّسًتّوٌي الّذٌينّ يّعًلّمٍونّ وّالَّذٌينّ لا يّعًلّمٍونّ} [الزمر: 9] . فهؤلاء الناس الذين لا يذوقون طعما للإيمان و حلاوة لأهدافه ومضامينه ومبادئه القويمة. يقتلهم اليأس والقلق، ويتفنون في إثارة الكثير من الفتن، وعدم الاهتمام بشؤون الأسرة الإسلامية والمسلمين، فهذه الأهداف النبيلة القويمة أرسلها الله سبحانه وتعالى على نبيه الكريم ليبشر بهذا الدين الذي يعتبر شفاء للنفوس والأبدان من الدرن، ويقول عز وجل عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: {وّمّا أّرًسّلًنّاكّ إلاَّ رّحًمّةْ لٌَلًعّالّمٌينّ} [الأنبياء: 107] . فهذا الرسول الكريم خاطب الناس ووجههم الوجهة الصحيحة لتقوية إيمانهم والتفكر في خلق السموات والأرض ومخاطبة العقل الناضج وتوجيه الحديث إلى أهل العلم والبصيرة.. ومن أمثلة ذلك يقول عز وجل: {وّتّصًرٌيفٌ الرٌَيّاحٌ والسَّحّابٌ المٍسّخَّرٌ بّيًنّ السَّمّاءٌ وّالأّّرًضٌ لآيّاتُ لٌَقّوًمُ يّعًقٌلٍونّ [البقرة: 164] . فهذه الأمور تعتبر تقريراً للحقائق العلمية لهذا الدين، والذي يقدم لنا القرآن الكريم العديد من هذه الوقائع القيمة في الدين لمواجهة المادية أو الماركسية، والوقوف أمام الماديين المكابرين أو المارقين بكل قوة لكي يعرفوا ديننا الكريم الذي يجلب السعادة والأمن والأمان والاستقرار حتى في الدار الآخرة حيث يقول سبحانه وتعالى: {وّقّالٍوا لّوً كٍنَّا نّسًمّعٍ أّوً نّعًقٌلٍ مّا كٍنَّا فٌي أّصًحّابٌ السَّعٌيرٌ} [الملك: 10] . ولهذه الأقوال الكريمة والأحاديث النبوية أثرها الفعال في حياة المسلمين على فهمهم وإدراكهم إدراكاً عميقاً بأن واجب التعلم يعتبر أمراً ضرورياً لأنه يقوي الإيمان ويفتح طريقا إلى معرفة صفات الله الكبيرة جلت قدرته. ولهذا يرى الإمام الغزالي صاحب كتاب «إحياء علوم الدين» أن الواجب على العاقل المتبصر من المسلمين أن يتعلم كل ما يدور حوله ليستطيع أن يدافع عن عقيدته بسلاح قوي مبني على الفهم والإدراك والتفكير.. لأنه ان دخل ذلك بغير علم فربما يكون قد ضل ويضل.. ولهذا فإن حلاوة الإيمان تكمن بالعلم بأصول الدين والعقيدة والبصيرة القوية فقد قال الله عز وجل: { إنَّمّا يّخًشّى اللَّهّ مٌنً عٌبّادٌهٌ العٍلّمّاءٍ إنَّ اللّهّ عّزٌيزِ غّفٍورِ} [فاطر: 28] . ولعل ما ذكره المؤلف الأمريكي كريسبي في كتابه «العلم يدعو إلى الإيمان» الذي قرأته في إحدى ليالي هذا الشهر الكريم هو دليل واضح على أن الإيمان يفتح طريقا إلى الله وقدرته.. في مختلف المجالات كونية علوية أو سفلية ومخترعات وغيرها.. فحلاوة الإيمان تؤكد أن الإسلام كان وسيبقى أبداً معيناً دفاقاً يفيض بالخير على الحياة وبلسما بارداً بشفاء القلوب التي قرحها القلق والتمزق والهلاك وطريقا هادياً للبشرية جمعاء.. ينقلها بإعجاز من البداوة إلى الحضارة ومن التفكك إلى الوحدة ومن التناحر إلى التوحد ومن التطاحن إلى المحبة.. وهو مدرسة كبيرة تخرج الأجيال.. فما أحرانا لتذوق هذه الحلاوة الإيمانية بالهداية وبالعقيدة القوية.
|