على مر العصور تكالبت الأمم على إيذائها والتفنن في الإساءة إليها!
فمن عصر اليونانيين الذين عدوها من سقط المتاع، مروراً بالرومان الذين اعتبروا الأنوثة من أسباب عدم الأهلية (كحداثة السن والجنون) .. ثم اليهود الذين استقذروها واعتقدوا أنها نجس يمشي على الأرض.. فالنصارى الذين شغلتهم ثلاثة أسئلة لسنين طويلة: هل هي إنسان بلا روح؟ وهل لها أن تعبد الله كما يعبده الرجال؟ وهل تدخل ملكوت الآخرة؟ .. حتى قرروا في سنة 586م أنها جسد به روح دنيئة.
ثم الجاهلية العربية.. وما أدراك ما الجاهلية؟ فهناك وصل الإنسان إلى قمة الاساءة إلى المرأة.. فابتداء من تلك الهمجية الحيوانية التي تتمثل في دخول عدة رجال على الواحدة منهن في المرة الواحدة، حتى إذا حملت ثم وضعت أقاموا حفلاً لتختار أبا لابنها!
أو أن يرسل الزوج امرأته كي تستبضع عند فلان القوي كما كانوا يستبضعون بهائمهم!
إلى الوأد.. أبشع الجرائم وأشدها فظاعة.. والذي يدل على مدى القساوة التي وصلوا إليها من جهة، ومدى احتقارهم للمرأة من جهة أخرى..
تصوروا أن بعضهم كان ينتظر ابنته حتى تصل إلى السابعة من عمرها.. فيأمر أمها لتزينها.. فيقودها إلى جبل فيقذفها من أعلاه إلى أسفله.. أو يقذفها في بئر سحيقة.. أو يحفر لها حفرة ثم يدفنها فيها..والمُبكي بحق أن أحدهم ساق ابنته إلى الصحراء.. وأخذ يحفر الأرض وهي تساعده في الحفر.. ولا تدري ما المصير الذي ينتظرها.. ولما رأت التراب قد أصاب لحية أبيها تمسحها بيدها الناعمة الصغيرة.. ومع ذلك لم يهزه ذلك الحنان العفوي .. .فدفنها وهي حية!
آآآآآهـ ، ما هذه القسوة؟!!!
بعد أن استردى حال المرأة وبلغ أوج أزمته بعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم-..ليحرر المرأة من وطأة الظلم والاستبداد..ويحفظها مصونة من كل أذى، ويعزها ويرفعها إلى مكانتها الحقيقية، كيف لا.. وهو القائل عنهن.. «شقائق الرجال».. ويوصي بها أما أو أختا أو زوجة..
لقد لين محمد -صلى الله عليه وسلم- قلوبا أقسى من الحجر.. ودك جبلاً تراكم على مرّ العصور.. إنه جبل إهانة المرأة.. وبذلك انقشعت تلك الصفحة السوداء عن تاريخ المرأة.. وراح المسلمون يستشعرون مدى أهمية دور المرأة في بناء مجتمعهم المتكامل فعلموا أن المرأة أساس المجتمع، إن صلحت صلح، وإن فسدت فسد وإن رشدت رشد وإن جهلت جهل.
وإنها المحضن الدافئ، والقلب المرهف، والحنان الفياض، والعين الساهرة على راحة غيرها.
والأمة الذكية هي التي تفطن لأهمية دور المرأة في تقدمها..أو لم يقل الشاعر - وقد صدق:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
|
فيا أخواتي في الله..لتعلم كل واحدة منكن أن كونها امرأة، فإن ذلك تشريف لها وتكليف.. وأن المسؤولية على عاتقها كبيرة وعظيمة..نعم! فالأمة كلها في حاجة إليك يا أختاه، مربية، ومرشدة، وقدوة..
ولتعلم كل واحدة منكن أنها في هذا الزمان مستهدفة، ليس فقط من الخارج بل من الداخل وهذه المصيبة، وهذا ما دعاني لكتابة هذا الكلام، فلو نظرنا إلى حال المرأة في هذا العصر، فسنجد أن العهد القديم عاد! لقد أصبحت المرأة سلعة ينظر إليها على أنها جسد لا روح فيه.. أصبحت المرأة في هذا الزمان«مبتذلة» (ليس كل النساء، ولكن الكثير) وأنتن يا نساء المسلمين كنوز ثمينة، يريد كثيرون أن يعبثوا بمفاهيمكن، ومنهم الأغلبية من بني جلدتنا أولئك المتأثرون بالثقافات الغربية الفاسدة.. فراح بعضهم يدعو إلى تحرير المرأة (وهو يعلم كم سيؤثر هذا اللفظ على كثير من النساء).
ولكن ما هي الحقيقة؟ يريدون تحريرها من ماذا؟ من الإسلام، وهو بلا شك عدوهم اللدود وهو العقبة الكؤود التي تقف في طريقهم نحو بث الفساد وإحلاله في المجتمعات الإسلامية!
ويا لعجبي من ذلك الخبيث الذي قال: اليوم تحررت المرأة وألقت حجابها على شواطئ الاسكندرية!
اخواتي .. لقد عاد زمن الإساءة إلى المرأة، وإن كان في السابق إساءة إلى جسدها مباشرة.. فإن زماننا هذا خبُث فيه الرجال أكثر.. فعلموا أن الإساءة إلى الجسد مباشرة لن تأتي بنتيجة، فأساءوا إلى عقلها كي يصلوا إلى غاياتهم الوضيعة.
لقد عادت تلك الجريمة التي هي بحق وصمة عار على جبين التاريخ إنها وأد عقول البنات.. وقد سموها بغير اسمها (قالوا تحرير المرأة وكذب أولئك الشياطين)!
فالحذر كل الحذر يا أختاه من أن تدخلي إلى غابة الشبهات والشهوات فتقعي فريسة سهلة سائغة لوحوشها..
أدعوك يا أختي المسلمة أن تتشبثي بدينك، وأن تطيعي ربك وأن تراقبيه في أعمالك وتصرفاتك.
اتقِ الله في نفسك، واتقِ الله في أمتك التي هي في أمس الحاجة إليك وعليكِ- إذا كنت أما أو مربية- أن تحرصي على إنشاء جيل يحمل راية الإسلام.
وإن كنت غير متزوجة فأعدي لذلك اليوم، وأصلحي نفسك واصبري.. وساهمي في فعل الخير لصالح أمتك المكلومة.
ختاماً أسأل الله أن يصلح بنات المسلمين، وأن يوفقهن إلى طاعته وترك معصيته وأسأله تبارك وتعالى أن يجعل فيهن خيراً كثيراً لهذه الأمة.
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
|