Saturday 8th november,2003 11363العدد السبت 13 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات آخرى نهارات آخرى
فاتورة الوطن الباهظة
فاطمة فيصل العتيبي

** تنوعت المفردات المتداولة التي ارتبطت بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأكثرها أهمية البطالة والإحلال والحق في التعبير والاستثمار في الإنسان والفكر الليبرالي والفكر المحافظ والتيارات المتنوعة.. والآخر والولاء والبراء والانفتاح والتجارة العالمية والإشراك في القرار.. وغيرها الكثير مما استجد على خارطة البيت السعودي.. وتتداوله كافة الطبقات وإن تباين الوعي في المفاهيم والقدرة على الاستيعاب.
وفي رأيي..
إن البطالة والإحلال هي مربط الفرس لكثير من قضايانا ومستجداتنا.. فالإنسان يظل جيداً وقابلاً للانخراط في السلم الاجتماعي طالما أنه غير مخنوق في لقمة عيشه وفي كريم ملبسه ومسكنه.
قد تقبل مصادرة حقل في التعبير وتمارس الصمت..
لكنك حتما لا تقبل أن تتسول لقمتك ولقمة أطفالك أو تحرم من حق الحياة الأسرية لأنك بلا عمل.
وتلك قضية استيقظنا ذات دهشة لنجد طوابير طويلة من شبابنا يصطفون «بشمغهم» البالية التي تسرب منها «نشا» الجامعة و«بنعلهم» التي أذهب لمعانها الدوران في الشوارع والدوائر بحثاً عن عمل.
كثيرون منا نبهوا لذلك.
وحاولوا.. ان يتحدثوا عن السعودة وحق المواطن بوطنه حتى وأن كان أقل كفاءة فلن يملك الإنسان المهارة والخبرة وهو نائم في بيته ولابد من دفع فاتورة مشتركة للوطن.. يساهم القطاع الخاص في جزء منها فهو ليس في جزيرة نائبة.. والوطن.. ليس كلمة هائمة في الهواء أو الفضاء.. وليست قضية معلقة بمصالحنا الشخصية.
الوطن هو مجموعة الروابط التي تقودك للحياة.
هو الهرم والقاعدة.. هو نافذتك ونافذة أطفالك نحو الآتى..
هو المكان الذي تبدأ منه وتنتهي إليه في كل ممارستك..
خيره لك.. وشره عليك.. ولن تكون في منأى عن تغيراته ومنعطفاته..
فأنت هو.. وهو أنت.. لا يستطيع أحد أن يفصلك عنه أو عن تاريخه أو عن مستقبله.. ولن تستطيع مهما حاولت أن تنعم بدفئه وتتقي برده.. فالوطن كلٌ لا يتجزأ.
** حين أكتب.. أنسى كل ما عداه.. وأذكر إنه الوطن الطيب النقي.. وطني الذي هو لي وأنا له.. وأكفل هذا الحق لكل الناس الذين هم مثلي..
فالوطن خيمة تأوينا جميعاً.. ولنا كلنا حق في مساحة كريمة فيه.
** حينما كتبت كثيراً عن السعودة وحق المواطن بالوظيفة وحقه في التدريب والتأهيل لشغل الوظائف التي يحتلها الوافدون أجانب وعرباً.. فلست «متعصبة» لعرق وقبيلة.. إنني أتعصب لحق مواطن في وطنه.. في اقتصاده في إتقاء شر الفقر والبطالة.
إنني أحفظ حق هذه الطوابير الطويلة من الشباب التي ذوت زهرة أعمارهم في انتظار لحظة انفراج تأخرت كثيراً.
** يقول تقرير لمجلس الشورى عن التدريب والتأهيل والتوظيف إن هناك مهناً في خارطة السوق السعودي تحتاج لعشرين سنة حتى تتسعود نسبة لمخرجات مراكز التدريب والتأهيل.. فأين توجيه بوصلة الشباب إليها.. وأين النظم التي تلزم.
** هذه الوظائف هي حق لابن الوطن.. ولابد للقطاع الخاص أن يكف عن إلقاء التهم الجاهزة التي يقذف بها السعوديين بنقص الكفاءة وعدم القدرة على الدوام الطويل والعمل الجاد وغيرها.
علينا الآن أن نقرر وبصورة ملزمة.. إشراك القطاع الخاص باستيعاب الشباب العاطل.. وعليه أن يوجد الآلية والمرجعية ونظام العمل المحدد بقوانين ملزمة.. حتى نخرج من مأزق البطالة ونفعل حقاً نظام الإحلال والسعودة.
لا يكفي هذه الاجتهادات المتناثرة.
فعشرة طباخين يدخلون مطابخ الفنادق لن يحلوا الأزمة وخمسة وأربعين فتاة تشتغل ببيع الذهب لن تفك الاختناقات.. واستغلال حاجة الشباب للتدريب وتحصيل المبالغ منهم ثم تركهم «يدقون» لطمهم في الشوارع خيبة وإحباطا وكل ذلك لا يكفي.
إننا في مرحلة تتطلب العمل الجاد والقانون الإلزامي للقطاع الخاص بسعودة الوظائف ذات المستويات الجيدة وليس حصر ذلك بسوق الخضار وبيع الذهب فسوق التنمية كبير ويعج بمئات الألوف من الوافدين.
** آخر رسالة وصلتني حول هذا الموضوع يقول صاحبها «ياسيدتي لقد آن الآوان لكي اعلن إنني وبعد رحلة شائكة في سوق الشركات والمؤسسات بحثا عن عمل يليق بتدريبي وشهادتي اكتشفت إنني وآلاف الشباب نسدد فاتورة باهظة ذنبنا الوحيد فيها إننا خلقنا سعوديين في سوق تسيطر عليها قائمة مجدولة الأفضلية فيها أولاً لغير السعوديين ثم للسعوديين بالتجنيس ثم للسعوديين من أمهات أجنبيات ثم للسعوديين بالأصل والمنشأ.. وكلٌ يدفع حسب الخانة التي يمثلها!!
** يا للفجيعة إن صدق.. ويا للفجيعة أن تسرب شعور مثل هذا لشباب في فاتحة الحياة!!.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved