وسط هذا الكرنفال المجنون «درامياً» وخلال هذه الأيام أصبح رمضان هو شهر «المسلسلات» بالنسبة للكثر.. فما ان تفتح قناة إلا وذاك مسلسل فتغير فتفاجأ بنفس المسلسل على قناة أخرى فتحاول الخروج لتفاجأ بمسلسل آخر ولكن نفس الوجوه والقصة تتغير لتصبح في حيرة فمثلاً هذا الفنان مثّل دور الابن الطيب الحنون في المسلسل الأول ولكنه في المسلسل الثاني كان يلعب دور الرجل الانتهازي الذي لا يفرق بين الحلال والحرام، شيء آخر وهو ان القصص تتشابه في الطرح والإخراج وحتى المواقف الكوميدية او «الافيّهات» بمصطلح الدراما..وما لفت انتباهي مسلسلا «الحريم» و«الحيّالة» اللذان خرجا بطابع جديد خاصة الأول الذي تميز بالعُمق في الطرح والوصول في غالب الحلقات الى قمة التراجيديا دون خوف او وجل، ومسلسل «الحريم» بشخصياته وحلقاته يناقش مفهوم العلاقات الأسرية وطرق جانب مهم من قضايا الأسرة التي ربما لم يتطرق لها أحد إلا عن طريق «مرور الكرام».
ومن خلال الطرح السابق أود الوصول لعنوان المقال الذي أحببت أن يكون عنوانه «لا بد ان نفعل ما يجب أن يكون» بمعنى أن هؤلاء المنتجين الذين ينامون طوال أيام السنة ما يلبثون ان يتحركوا بشكل مخيف قبل هذا الشهر بعدة اشهر، وفي النهاية تخرج علينا مسلسلات هشة وقمة في التسطيح متلازمة بالطبع مع سخافة ممثليها وضحالة تفكير كاتب ومخرج المسلسل.
أين ذهبت تلك المسلسلات التي تبقى في الذاكرة ولماذا أصبحت المسلسلات مثل أغاني مصطفى قمر وهشام عباس وشعبان عبدالرحيم.. لماذا يحاولون «جاهدين» سحب الجماهير الى الاسفاف.. لماذا كل هذا «التسطيح» في الفكرة والطرح.. اين ذهب كبار الكتاب ولماذا رضي فنانون كبار ان يشاركوا في مثل هذه المسلسلات التي تسيء لنا أولاً وتسيء لهم في النهاية.. لماذا لم يعد لدى عدد كبير من «قمم» الفن في الوطن العربي خوف على تاريخهم.. لماذا يحاولون نسفه.. وهؤلاء المنتجون لماذا يصرون على انحدار الذائقة عند الجماهير.. وإذا كانت افكارهم «بالية» كمسلسلاتهم لماذا لا يرحلون غير مأسوف عليهم حتى يتركوا الساحة الفنية تسترد جزءاً من عافيتها.. وجزءاً بسيطاً من «كرامتها» التي أهدروها.
عزيزي القارئ:
أمسك الان بجهاز التحكم في القنوات وأبحث عن مسلسل يجعلك تفكر ويحرك شيئا من قضاياك ويلامسها بشيء من «الأمانة» ابحث عن مسلسل يحترمك كمشاهد.. ابحث عن مسلسل يحل لك قضية من قضاياك أو من قضايا من حولك، أبحث عن مسلسل «يدهشك» لدرجة الانفعال الايجابي، أبحث عن مسلسل جعلك تفكر فيما لم تفكر به من قبل أو كنت تفكر به ولكن «عرجت عليه» فقط.. ابحث وتأكد أنك لن تجد!!
|