Saturday 8th november,2003 11363العدد السبت 13 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
البحث عن فقير!! «1/2»
رقية الهويريني

يعد الفقر ظاهرة اجتماعية لها ارتباط بالجانب التاريخي والاقتصادي، ونستطيع أن نقول إن ظاهرة الفقر لدينا مكانية أو مناطقية بسبب التوسع العمراني الذي يعد أحد مسبباتها في المجتمع، فغالب الناس الذين هجروا مساكنهم القديمة تركوها للفقراء لمن لا دخل لهم، وهي غالباً تفتقد للخدمات من نظافة أو صرف صحي أو تهوية مناسبة عدا عن تقادمها! حتى أصبحت بعض الأحياء لا تحمل أي سمة تاريخية بل تشير إلى أماكن مشبوهة أو يسكنها الأجانب من العمالة وتحتضن بين أزقتها وشوارعها الفقر والجهل والجريمة والمرض حيث تتركز فيهم أمراض أغلبها وراثية أو لم يتم علاجها مما يجعل رداءة الحالة الصحية تتفاقم! على الرغم من وجود المصحات أو قربها من سكنهم إلا أن هناك قلة اهتمام بالنظافة والصحة بل يكاد يكون الاهتمام معدوماً أحياناً، كما أن قصور الخدمات البلدية يزيد الأمر سوءاً!! والملاحظ أن أغلب التجمعات في الأماكن الفقيرة ذات كثافة سكانية مرتفعة وثقافة متشابهة وهم يتمركزون فيها ويجتمعون لرخص الأسعار، وسهولة الوصول الى ما يريدون.إن رغبة الناس المقتدرين بالخروج من الحي القديم إلى حي راقٍ من شأنه أن يفكك المنظومة الاجتماعية التقليدية ويسبب خللاً بها حيث تبرز بجلاء على السطح ما يسمى بطبقية الأحياء، رغماً عن أن هذا الأمر يعد ظاهرة طبيعية في البلاد المتقدمة إلا أنه لم يكن سمة بارزة في مجتمعنا في وقت مضى!! حيث كان من المألوف أن يسكن الفقراء والأغنياء في حي واحد ويسعى المقتدرون لسد الهوة الاقتصادية بينهم وبين الفقراء بالتكافل الاجتماعي وتوزيع المسؤوليات والقيام على قضاء المتطلبات الأساسية فيما بينهم عبر قانون غير مكتوب تحكمه العلاقات الإنسانية والأدبية بحسب ما تقتضيه الأصول بين الجيران من منطلق شرعي وتقاليد اجتماعية تجعل الجار بمثابة أحد الأقارب.
والواقع أن المرء قد يجد نفسه فقيراً بعد أن كان مقتدراً خصوصاً ممن ليس لديهم وظائف رسمية، أو المتقاعدين، حيث ان مرتباتهم ثابتة بينما الغلاء في الأسعار يحكم قبضته على جميع شعوب العالم، كما أن التطور العمراني واتساع المدن مع المبالغة في بناء المساكن ذات المساحات الكبيرة فضلاً عن التقليد في التصميمات والتقنيات والشكليات يجعل الأسر المتوسطة الدخل تدور في حلقة مفرغة من الضغوط المادية المستمرة والاستنزاف الاقتصادي، وكما أوضحت دراسات أصدرتها جمعية البناء والعمران أن المسكن السعودي يصنف أكثر تكلفة عالمياً وأقل عمراً افتراضياً!
وعليه لابد من التوعية العمرانية والتثقيف السكني وما نراه من الزيادة غير المنطقية في المساحات من شأنه أن يدخل الأسر في ورطة وأزمة اقتصادية مستمرة لملء تلك المساحات بالأثاث أو تغطية المساحات بالزرع أو المسابح، وما تتطلبه هذه الأمور من عناية واهتمام وهدر اقتصادي مستمر إضافة إلى أنها لا تناسب قط بيئتنا الصحراوية، وأجوائنا المغبرة، وطقسنا الحار، فضلاً عن ندرة مصادرنا المائية!!
فهل يُعقل أن يكون تملكنا للمسكن سبباً في فقرنا؟!

ص.ب 260564 الرياض 11342

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved