* س: - القدرات العلمية والقدرات العقلية هل تتوافر لتعطي صفة: الموهبة في العلم ألا يمكن أن يكون المرء ذا دهاء وذكاء فيستغل هذا ليكون هذا على حساب الموهوبين الذين قد لا يمكنون من العمل وإذا عملوا لا يحافظ عليهم نتيجة حدة وحساسية الموهوب مع ما يمكن تسميته بسرعة تأثره فيفهم خطأ أو يحسد أو يوقف في طريقه؟
محمد محمد أحمد سليم العوا - مصر
* ج: - صغت السؤال حسب ما ورد تماماً دون تغيير فيه ذلك لطول الوارد منك «34 صفحة» ولكثرة الأمثلة الواردة مثل/ ابن تيمية، العز بن عبدالسلام، الرافعي.
وما ذكرته أنت في السؤال نفسه يحتوي على الإجابة إذا قرأه حصيف جيد القراءة والتأمل.
وإجابة على السؤال أبين لك هنا ترجمة عالية القدر للمجدد الموهوب البخاري من خلال ما كتبه عنه الإمام النواوي في كتابه: (ما تمس إليه حاجة القاري لصحيح الإمام البخاري).
جاء فيما بين ص23 وص31 ما يلي:
(وروينا عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى قال: ما أخرجت خراسان مثل أبي زرعة الرازي، ومحمد ابن إسماعيل البخاري وعبدالله بن عبدالرحمن السمر قندي)
(وقال أحفظهم للحديث البخاري)
(وعنه قال: ما قدم علينا مثل البخاري)
(وعنه أنه قال حين دخل البخاري البصرة: دخل اليوم سيد الفقهاء)
(وروينا عن إسحاق بن أحمد بن خلف قال:
سمعت البخاري غير مرة يقول: ما تصاغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني، فذكر لعلي بن المديني قول البخاري هذا فقال: ذروا قوله، هو ما رأى مثل نفسه)
(وروينا عن عمر بن علي الفلاس قال: حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث)
(وروينا عن عبدالله بن محمد المسنَدي بفتح النون قال: محمد بن إسماعيل إمام فمن لم يجعله إماماً فاتهمه)
(وروينا عن أبي حامد الأعمشي قال: رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في الجنازة ومحمد بن يحيى - يعني الذهلي - يسأله عن الأسماء والكنى وعلل الحديث ويمر فيها البخاري مثل السهم كأنه يقرأ (قل هو الله أحد).
(وقال إسحاق: يا معشر أصحاب الحديث: اكتبوا عن هذا الشاب، فإنه لو كان في زمن الحسن البصري لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه)
(وروينا عن أبي عمر وأحمد بن نصر الخفاف قال: حدثني محمد إسماعيل البخاري التقي النقي العالم الذي لم أر مثله)
(وروينا عن محمد بن يعقوب الحافظ عن أبيه قال: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري يسأل البخاري... إلخ)
(وروينا عن الإمام مسلم بن الحجاج أنه قال للبخاري: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك)
ويعلق النواوي بعد هذا يقول: (ومناقبه لا تستقصى لخروجها عن أن تحصى وهي متقسمة إلى: حفظ/ ودراية/ واجتهاد في التحصيل/ ورواية/ ونسك/ وإفادة/ وورع/ وزهادة/ وتحقيق/ وإتقان/ وتمكن وعرفان/ وأحوال... إلخ).
فهذه صورة ماثلة لا تريم البتة عن حال واحدة من حالات الموهبة العلمية والعقلية والفكرية والنقدية والسياسية والإدارية والاقتصادية.
تأمل: (تراجم وأبواب صحيح البخاري) بحذق وسعة بال، وبعد غور تجده روى وترجم وأبان أساسيات السياسة العلمية والعملية وسياسة الإدارة والاجتماع والاقتصاد والتجديد في: العلم والفكر والنقد، والاجتهاد في النص في باب العبادات والمعاملات.
تأمل ذلك ثم راجع: شرح الكرماني وابن حجر بطول عميق تتبين لك الموهبة هناك، ولا يقدر الداهية ولا الذكي من الناس أن يكون موهوباً ما لم يكن كذلك أصلاً، فإن الدهاء والذكاء يسقطان في كل المعادلات الكاشفة لحقيقة الموهبة واستغلال العقل لادعائها ظلماً وزوراً، خذ عشرين سؤالاً (20) ذات قيمة علمية فيها تسأل عن: صحة النص ومكانه، وعن ضعف النص وسبب ضعفه، وعن الراجح من القولين مع الدليل والتعليل وصحة نسبة كل قول إلي قائله ومكانه ثم أعرض هذا السؤال وذاك على عشرة من «العلماء» دون علم الواحد بالآخر ثم ادرس الإجابات دراسة علمية استقصائية مكيثة جيدة هناك يتبين لك العلم والموهبة المفاجئة والحفظ والفهم من تقمص العلم والسيادة فيه، جرب هذا، وهذا قد حصل كثيراً تبين منه حال: عالم، وعالم، وأنت إذا وعيت هذا بجد حكيم متزن لست أرى لك غنى عن هذه الكتب ليتبين لك حقيقة أمر الموهوبين في هذه الأمة ويمكن أن يتكرر هذا في كل حين وزمان فمن ذلك:
1- (الجرح والتعديل)/ لابن أبي حاتم.
2- (تهذيب الكمال)/ للمزي.
3- (طبقات ابن سعد)/ لمحمد بن سعد.
4- (إصلاح)/ لعزيزة الإبراشي.
5- (تذكرة الحفاظ)/ للذهبي.
6- (تاريخ دمشق)/ لابن عساكر.
7- (قادة الفتح)/ لمحمود شيت خطاب.
| 
