رغم أن زاويته مستعجل، تناولت موضوع البطالة والسعودة على عجل، إلا.. إنها لامست مقدار معاناة الشباب الذي أصبح همه لقمة العيش الحلال. مئات وألوف.. يحملون ملفاتهم الخضراء على أمل الحصول على وظيفة مستحيلة فلا يوجد أي توافق بين العرض القليل والقليل جداً، والطلب المتضخم، ويبدع البعض من أصحاب الكراسي الوثيرة، ويقول: القطاع الخاص، فاتح أبوابه الوهمية، فهم يريدون إنسانا مسلوب الإرادة ينفذ كل شيء وأي شيء والراتب لا شيء، بل إنه في كثير من الأحيان منكم وإليكم والسلام عليكم.
يا دعاة القطاع الخاص والسعودة التي وصلت إلى سوق الخضار والليموزين والذهب قد تذهب مع الريح، إن تلك الجهود، لن ننكرها ولكنها بالتأكيد ليست كل شيء، فلا أعتقد أن الدولة والفرد يتحملان مصاريف وآمالا عريضة لكي يصبح بائع مثقفا، فالبيع والشراء تجارة لقوله: {وّأّحّلَّ اللَّهٍ پًبّيًعّ..} ولكن ليس الجميع يستطيع أن يكون بائعا لأسباب كثيرة اجتماعية واقتصادية ونفسية وهذه أمور هامة لإنجاح أي عمل، فهنالك من يحب تلك المهن ويجد فيها نفسه وهذا ما نريده ونفخر به، ولكن أن يكون الاختيار للجميع إجباريا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فالوظائف المتوفرة هي بائعون وسائقون ومع هذا هنالك منافسة وحرب غير شريفة ضدهم، رغم دخلهم المادي المتقطع الذي لا يفي أحياناً بمتطلبات الحياة التي لا تنتهي.. فبالله عليكم هل يستطيع السعودي أن يعيش بـ1500 ريال وفي أحسن الأحوال 2500 ريال ويفتح بيتاً؟ لا تقولوا: يقتصد إن الرسوم والغلاء يطارد الجميع دون استثناء والمتضرر بالطبع المساكين، فهل وجدنا في يوم من الأيام رسوماً خفضت، بالتأكيد لا، إذن ماذا يفعل الشباب والإحباط أصبح صديق لهم، فالاحتياج المادي في ظل الفراغ والبطالة والشعارات البراقة يزيد من جرعة ألم والحسرة في قلوب الشباب من كلا الجنسين، والمجتمع والناس يقولون لهم إنكم تريدون مكاتب فارهة وتكيف سبلت ودواماً روتينياً، هل هذا كلام يقال؟!
سمعنا وشاهدنا أناساً يعملون أعمالاً بسيطة بأجور زهيدة لأجل العيش بكرامة وإن كانت مجروحة، إن الجميع يدرك أن مجتمعنا تغير وتغير كثيراً وأصبح الكل مسؤولاً عن نفسه، ومن يقول غير هذا يغالط نفسه، لذا يريد البعض أن يعمل لكي يشعر بوجوده ولكي يحقق على الأقل مطالبه الشخصية في أضعف الأحوال، أما المستقبل والأحلام فهي كوابيس يبددها بعض التصريحات القوية التي لا تتعدى قرارات على ورق وكلام جرايد وهذا ليس إحباطا بل واقع شباب بلا عمل أكيد بلا أمل.. ومشاكل تعانق السحاب والحل بمنتهى الصراحة وموضوعية مجرد فتامين قوي وينتهي الأمر، وتظل القضية معلقة في ملف علاقي أخضر كبير بكبر حجم الخريجين والخريجات بتصنيف فاضح لا يوجد عمل والسعودة طريقها طويل وشائك.
فاطمة سعد الجوفان / عضوة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال / مجموعة صحافة / عضوة الجمعية العربية الإعلامية بدبي
|