* بيروت - خاص ب«الجزيرة»:
يؤكد الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان بأن الارهاب لا صلة له بالجهاد ولا بمقاومة الأعداء لأنه ينعكس سلباً على الدعوة الإسلامية وعلى الشباب الإسلامي، كما يوضح بأن العمليات الانتحارية وتفجير السيارات في أوساط المجتمعات الإسلامية أمر ترفضه الشريعة الإسلامية كما ان أعداء الإسلام في الخارج يلجأون الى التضييق على المسلمين في بلاد الغرب بسبب تلك الأعمال وهذا ما يسبب أذى كبيراً للدعاة والعاملين في مجال الدعوة الإسلامية.
ومن ناحية ثانية يشير الشيخ محمد الجوزو الى ان حقوق المرأة في الإسلام أرقى واسمى من حقوق المرأة في الغرب مؤكداً بأن مجتمع الغرب، يعيش على الشبق الجنسي ولا يرتوي أما الإسلام فقد حافظ على كرامة المرأة.
* في البداية سألنا الشيخ الجوزو عن العلاقة بين الإرهاب والجهاد فقال:
من هنا فإن العمليات الانتحارية، وتفجير السيارات في أوساط المجتمعات الإسلامية، والاعتداء على الذميين المقيمين بين المسلمين أمر ترفضه الشريعة الإسلامية، وتنطبق عليه أحكام الحرابة لأنه اعلان للحرب على الله ورسوله، وإفساد في الأرض، والخزي والعار يلحقان بأولئك الذين يقومون بهذه الأعمال الإجرامية.
كما يجب علينا ألا ننسى أن أعداء الإسلام لو أرادوا البحث عن وسيلة لإيذاء، المسلمين وإثارة القلاقل في الدول الإسلامية لما وجدوا وسيلة خيراً من هذه الوسيلة التي تقضي على أمن المجتمعات الإسلامية وتهدد المواطنين المسلمين وغيرهم بأخطر النتائج.
إن هؤلاء الناس يعطون المبرر لأعداء الإسلام لكي يتخذوا من هذه الظاهرة سبباً لملاحقة الشباب المسلم في كل مكان.. بحجة محاربة الارهاب كما أن أعداء الإسلام في الخارج يلجأون الى التضييق على المسلمين في بلاد الغرب، ويحرضون بعض الأنظمة على التشدد ضد العمل الإسلامي، وفي هذا ما فيه من إيذاء كبير للدعاة والعاملين في مجال الدعوة الإسلامية.
* كيف يمكن النظر إلى الأعمال الارهابية؟
- لا يمكن ان ينظر الى هذه الاعمال الارهابية إلا انه خدمة للصهاينة، وفرصة لضرب الإسلام والمسلمين ووسيلة لمحاربة الدعوة الإسلامية في الداخل والخارج فهل يمكن لنا ان نعد هذه العمليات الاجرامية من باب الجهاد وهي جهاد ضد الإسلام والمسلمين وليس ضد الصهاينة؟
لا شك ان الذي يخطط لهذه الأعمال هو العدو الصهيوني.. وان الذي ينفذ هم الأغبياء من أبناء أمتنا أوالمغرر بهم..؟!
* وفي منحنى آخر نلاحظ تركيز الإعلام الغربي على ما يسمى بحقوق المرأة في الإسلام.. ماذا تقولون في هذا؟
- من أباطيل الغرب التي يحاول نشرها في العالم ادعاؤه ان المرأة لا تمارس حقوقها كاملة في المجتمعات الإسلامية.. وان الغرب قد حفظ للمرأة كامل حقوقها وهو يحاول تطبيق مبادئه في الغرب على المسلمين، فيتظاهر بأنه يحمل رسالة «الديموقراطية» ومعها رسالة تحرير المرأة المسلمة.. والذي يعرف المجتمعات الغربية يدرك الى أي مدى قد جنت الحرية على المرأة، حيث اضحت تعاني اخطر الامراض النفسية والجسدية والعقلية بفضل هذه الحرية.. فهي كزوجة مضطرة للعمل اسوة بزوجها لتنفق على نفسها وعلى زوجها أحياناً وإلا فالمشكلات تدب بين الزوجين، وتتعرض المرأة لأسوأ أساليب الاضطهاد والابتزاز اذا قصرت في ذلك.. وهي كأم لا تكاد تجد من معاني الوفاء والاحترام شيئاً، هذا إذا لم تتعرض للضرب والاهانة من أبنائها.. كما أنها لا تملك أي حق من حقوق الرعاية المادية أو النفسية عليهم.. وتضج الأقلام في بعض المجتمعات الغربية بصور من العاهات التي تفتك بالأسرة هناك.. خاصة في حالة «الزواج الحر» أي المتحرر من العقود الشرعية أو المدنية والذي ينتج أسرة ضالة منحرفة، تستخدم فيها المرأة كوسيلة سهلة لاشباع الشهوات الجنسية، ويأتي الأولاد بعد ذلك لا يعرفون لهم أباً، ولا يدرون أنسابهم، ولا يدركون شيئاً عن حقيقة العلاقة الآثمة التي جاءت بهم الى المجتمع البشري.
والصحف التي تصدر في الغرب، وتتخصص في نشر الإعلانات عن «أمهات» يبحثن عن شرعي يقبل ان يتبنى ابناءهن لا حصر لها ولا عد..؟!.
هذا هو مجتمع الغرب، يعيش الشبق الجنسي ولا يرتوي، وهو يغرق الى اذنيه في ممارسة الجنس «الحرام» دون أن يأبه بالنتائج السلبية التي تترتب عليه، والتي تنشر أخطر الأمراض الجنسية في المجتمع، أما الإسلام فإنه قد حافظ على كرامة المرأة وجعلها نداً للرجل في هذا المجال، لها ما له وعليها ما عليه، حقوقها محفوظة ديناً وخلقاً وإنسانية، يصونها الشرع الحنيف، ويحميها الإيمان بالطهر والعفة والشرف.
وإذا نظرنا إلى مكانة الأم في الإسلام وجدناها مكانة رفيعة عالية عظيمة، تكاد تفوق مكانة الأب.. ومن يستعرض الآيات التي جاءت توصي الأبناء بابآئه خيراً يرى نوعاً من الانحياز للأم أكثر.
*ر23ر* وّاخًفٌضً لّهٍمّا جّنّاحّ الذٍَلٌَ مٌنّ الرَّحًمّةٌ وّقٍل رَّبٌَ ارًحّمًهٍمّا كّمّا رّبَّيّانٌي صّغٌيرْا}
فإذا انتقلنا الى الآيات الأخرى التي توصي بالوالدين نكشف ان حظ «الأم» من عناية الإسلام بها أكثر من حظ «الأب».
*ر14ر* وّإن جّاهّدّاكّ عّلّى" أّن تٍشًرٌكّ بٌي مّا لّيًسّ لّكّ بٌهٌ عٌلًمِ فّلا تٍطٌعًهٍمّا وّصّاحٌبًهٍمّا فٌي الدٍَنًيّا مّعًرٍوفْا وّاتَّبٌعً سّبٌيلّ مّنً أّنّابّ إلّيَّ ثٍمَّ إلّيَّ مّرًجٌعٍكٍمً فّأٍنّبٌَئٍكٍم بٌمّا كٍنتٍمً تّعًمّلٍونّ }
*ر15ر*}
أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي اختصت الأم بالتقدير والاحترام والتبجيل فهي كثيرة، ويكفي الحديث الذي يجعل الجنة تحت أقدام الأمهات لنعرف ان الإسلام رفع من شأن المرأة بشكل كبير لم نره في دين آخر ولا في حضارة غربية أو شرقية عرفها العالم غير الإسلام، إن الدروس المستفادة من هذه الآيات تعلم الأبناء احترام الوالدين الرجل والمرأة على السواء يأتي بعد توحيد الله وعبادته وحده، وهذا ما يؤكده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأل الصحابة: هل أدلكم على أكبر الكبائر؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور وشهادة الزور، وظل يكررها حتى قال الصحابة ليته سكت.
هذه مكانة الوالدين، في الإسلام، حذر الإسلام من عقوقهما، وعدّ ذلك بعد الشرك في الكبائر.
ووصى المولى عز وجل الأبناء بالإحسان للوالدين، خاصة عند الكبر، حيث يبدأ بعض الآباء بارتكاب بعض التصرفات التي يضيق منها الأبناء أحياناً بسبب الضعف والمرض، فينبه هؤلاء الأبناء بأن من الوفاء للوالدين الصبر على جميع الإساءات التي تصدر عنهما في السن المتأخرة، فلا يجوز حتى التفوه بكلمة «أُفّ» تعبيراً عن الضيق بهذه التصرفات، ولا يجوز ان يرتفع صوت الأبناء على الأباء بالزجر وجرح المشاعر، بل على العكس من ذلك لا بد من أن يكون الرد بأدب واحترام ولين تقرباً الى الله ومرضاة له.
ثم يأمر الأبناء بخفض جناح الذل أمام الآباء.. أي بالخضوع والتودد والرحمة، مع العلم ان الإسلام لا يأمر اتباعه بالتذلل أمام أحد إلا التذلل أمام الله عز وجل، وبين يدي الوالدين.
ثم يأتي الدعاء الذي يبين أن هذا الموقف يأتي رداً للجميل وعرفاناً بما قدمه الآباء أثناء تربيتهم وهم صغار {وّقٍل رَّبٌَ ارًحّمًهٍمّا كّمّا رّبَّيّانٌي صّغٌيرْا}
أما الانحياز إلى جانب الأم فيأتي في التذكير بما عانته الأم أثناء الحمل، وعند الوضع، ويوم كان الطفل بحاجة الى الرعاية الدائمة ليل نهار، وهذا دليل على أن الإسلام قد رفع المرأة الى درجة عالية جداً.
وهذا مصداق قول الشاعر شوقي:
الأم مدرسةإذا اعددتها
أعددت شعباً طيب الاعراق
فقد أمر الإسلام الرجال بالإحسان الى النساء فقال «استوصوا بالنساء خيراً».
هذه مدرسة الإسلام فأين هي مدرسة التحلل والانزلاق في حمأة الرذيلة التي يعيشها الغرب، والتي يدنس فيها شرف المرأة ويجعلها متعة رخيصة، يتناقلها الذئاب دون حماية من قانون أو رادع من دين أو شرف.
إن الحملة على الإسلام تجاوزت كل حدود اللياقة والأخلاق والآداب، حتى أصبح من واجبنا ان نبين للغرب حقيقة ما هو عليه من «شرك»، واستهتار بكرامة المرأة وتضييع لحقوقها.
|